الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما هو تاويل قول الله تعالى {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم}؟

نص الشبهة: 

يروي الشيعة عن أبي الحسن في قوله تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ... ـ «يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين»، ﴿ ... وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ... يقول: «والله متم الإمامة، والإمامة هي النور»، وذلك قول الله عز وجل: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ...  قال: «النور والله: الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة» (الكافي: 1 / 149). 

والسؤال: هل أتم الله نوره بنشر الإسلام، أم بإعطاء الولاية والوصاية والخلافة لأهل البيت؟!

الجواب: 

أنّ جامع الأسئلة حرّف وحذف بعض جمل الرواية ولم يذكرها بشكل صحيح، ونحن نذكر هذا المقطع من الرواية كما ذكرها الكليني 1.
عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ... 2قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم، قلت: ﴿ ... وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ... 2قال: والله متمُّ الإمامة، لقوله عزَّ وجلَّ: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ... 3 فالنور هو الإمام. قلت: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ ... 4  قال: هو الّذي أمر رسوله بالولاية لوصيّه والولاية هي دين الحقِّ، قلت: ﴿ ... لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ... 4قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، قال: يقول الله: ﴿ ... وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ... 2ولاية القائم ﴿ ... وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ 2بولاية عليّ، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم أمّا هذا الحرف فتنزيلٌ وأمّا غيره فتأويلٌ 1.
ومن خلال قراءة الرواية بنصها الصحيح نجد أنّ الإمام بصدد تأويل الآية وتفسيرها لا بصدد بيان تنزيلها، ولذلك قال: « أمّا هذا الحرف فتنزيل، وأمّا غيره فتأويل »، أي أنّ الحروف الموجودة في القرآن فتنزيل لا يزيد ولا ينقص، وأمّا غيرها فتأويل أي تفسير وتطبيق للضابطة الكلية على المصاديق.
فإنّ القرآن الكريم حسب ما وصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له تخوم وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه 5.
فما ذكره الإمام في تطبيق النور فإنّما هو من قبيل التأويل والعلم بالباطن لا أنّه تنزيل. وهؤلاء لم يفرقوا بين التنزيل والتأويل، أو بين التنزيل والجري، بمعنى تطبيق الضابطة على المصاديق المختلفة عبر القرون.
كما أنّ المراد من النور الإسلام حيث إنّه دين عالمي له أُصول وفروع.
وخلافة الأوصياء الإلهيّين هي من جملة هذه الأُصول التي يرتكز عليها الإسلام، كما أنّ وظائف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تكمل بإمامة هؤلاء الأوصياء، وأيّ حكومة من حكومات العالم إذا ظهرت في منطقة ما فإنّها تعمل على ضمان ديمومة مشروعها بنصب من يلي الأُمور وإلاّ فإنّها لن تحقق أهدافها ولم تكمل برنامجها.
ولذلك قام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل التحاقه بربّه بتعيين أمير المؤمنين (عليه السلام) وصيّاً من بعده، وعمله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا أشبه بعمل مهندس مكلف ببناء عمارة ضخمة لا ينبغي له ان ينقص منها شيئاً، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مكلفاً ببناء صرح الإسلام ومسؤولاً عن ديمومته واستمراره، فنزلت بعد تنصيبه لعلي الآية الكريمة: ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... 6 7، فالإمامة هي جزءٌ من النور الذي وعد الله بإكماله 8.