الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تسمية ابي بكر بالصديق

نص الشبهة: 

ألا تعتبر تسمية أبي بكر بالصديق فضيلة له ؟!

الجواب: 

أولاً: لا بد من إثبات: أن هذه التسمية قد جاءت من الله، أو من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) .. أو اثبات أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أمضاها وقبلها، وبذلك تكون فضيلة لأبي بكر ..
وإلا، فإن كل إنسان يقدر على أن يسمي نفسه أو من يحب بأفضل الأسماء أو الألقاب، حتى لو كان لا يستحق المسمى بها شيئاً منها، بل كان اللائق به هو ما يناقضها وينافيها ..
ثانياً: إن روايات أهل السنة متناقضة حول الحدث، أو السبب الذي برر تسمية أبي بكر بالصدّيق ..
فقيل: إن ذلك كان حين بعثة النبي (صلى الله عليه وآله) حيث صدقه أبو بكر ..
وقيل: بل كان حين الإسراء حين صار النبي (صلى الله عليه وآله) يصف لهم بيت المقدس، وأبو بكر يصدقه في ذلك ..
وقيل: إنه كان حين المعراج حيث وجد اسمه مكتوباً في السماء: أبو بكر الصديق ..
ولكننا أثبتنا في كتابنا: «الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)»: أن الإسراء والمعراج قد كان قبل إسلام أبي بكر، وأثبتنا أيضاً: أن إسلام أبي بكر قد تأخر عدة سنوات، فلا مجال للاعتماد على هذين القولين أصلاً.
وثالثاً: إن علياً (عليه السلام) قد كذّب صحة نسبة هذا اللقب إلى أبي بكر، وقد أعلن ذلك على منبر البصرة. حيث قال فيما روي عنه: «أنا الصديق الأكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر .. وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر .. »
وقال: «أنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري إلخ .. ».
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي: هذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل.
والنصوص في ذلك كثيرة جداً، ذكرناها مع مصادرها في الجزء الرابع من كتابنا: «الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ص44 / 50 ».
فبعد هذا البيان الواضح والصريح، فإن كل من يدعي الصديقية لغير الإمام علي (عليه السلام) فهو كذاب مفتر، بحكم علي (عليه السلام) ..
رابعاً: لو كانت تسمية أبي بكر بالصديق قد حصلت في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاحتج بها أبو بكر أو عمر، أو غيرهما في السقيفة على الأنصار، كما احتجوا بسنه، وبكونه صاحب النبي (صلى الله عليه وآله) في الغار. والصديقية أدل على ما يريدون، وأشد إلزاماً بالحجة لخصومهم، وأقرب إلى الإقناع.
فإلى متى يدخرون هذه الحجة الدامغة، فإنه لا عطر بعد عرس ..
خامساً: هناك روايات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تقول : الصديقون ثلاثة: حزقيل، مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار، صاحب آل ياسين، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام). الثالث أفضلهم.
ويلاحظ: أنه في بعض المعاهدات التي شهد عليها أبو بكر، قد كتب فيها «أبو بكر الصديق» حسب بعض المصادر مع أنها غير موجودة في مصادر أخرى .. الأمر الذي يشير إلى تلاعب متعمد من قبل من يهمهم إثبات هذا اللقب له، في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله).
وحول الإشارة إلى أمير المؤمنين على أنه هو الفاروق، نقول: إن كلمة الفاروق .. قد ورد في الروايات: أنها لقب منحه أهل الكتاب لعمر بن الخطاب 1 ..
بل تذكر بعض المصادر: أن أصل الكلمة أيضاً غير عربي .. أي أنها مأخوذة من (فرق). ومعناها: أنقذ، أو أعتق، أو خلص 2 ولا يزال النساطرة يقولون : « ايشافارقا » أي عيسى مخلص.
وقد ذكر كعب الأحبار لعمر حين دخل القدس: أن الله أرسل نبياً إلى القدس يقول لها: «أبشري أوري شلم عليك الفاروق ينقيك مما فيك» 3. وقد دخل عمر بيت المقدس راكباً على حمار 4.
ويذكر اليهود في كتبهم المقدسة : أن مخلصهم يأتي راكباً على حمار .. فراجع 5 ..
وعلى كل حال فإن الظاهر هو أن اليهود يعتبرون عمر هو «المسيا» أي المخلص لهم .. ولهذا البحث مجال آخر ..
ولكن مما لا شك فيه: هو أن لعمر مكانة عظيمة عندهم، وهم يعبرون عنه بـ «حبيب إسرائيل» أو «صديق إسرائيل» أو «عاشق إسرائيل» 6 7.

  • 1. راجع: تاريخ الأمم والملوك ج3 ص367 ط الإستقامة. وذيل المذيل لتاريخ الطبري ج8 والبداية والنهاية ج7 ص133 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 قسم1 ص193 ط ليدن، وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص30.
  • 2. معجم عبري عربي ص743 دار الجيل ، بيروت ، مكتبة المحتسب . .
  • 3. تاريخ الأمم والملوك ط الإستقامة ج3 ص107 .
  • 4. راجع : تاريخ الأمم والملوك ج3 ص103 ط الإستقامة ، والبداية والنهاية ج7 ص94 ط سنة 1413 دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
  • 5. راجع : سفر الحاخام شمعون باريوحاي ص78 باللغة العبرية .
  • 6. راجع : الموسوعة اليهودية .
  • 7. مختصر مفيد . . (أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الأولى» المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002، السؤال (82).

تعليق واحد