الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لقد كدت تركن اليهم

نص الشبهة: 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين..

سؤالنا يدور حول الآية الكريمة التي بما معناها تقول: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ... .. فمن المقصود بهذه الآية الكريمة: هل هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله الأطهار؟! فإننا لا نشك ولو بمثقال ذرة؛ بشخص الرسول الأكرم، ولكننا نريد أن نفهم تفسير الآية الكريمة لكي ندافع عن الرسول الأكرم إذا ما تعرض يوماً له أحد المغرضين الفاسقين أو التافهين المغفلين..

وأخيراً نسأل الله للجميع الهداية وبارك الله فيكم ووفقكم لما فيه خيراً للأمة الإسلامية..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن المقصود بالآية المذكورة هو رسول الله صلى الله عليه وآله..
ومن الواضح: أن كلمة ﴿ وَلَوْلَا ... 1 تدل على الامتناع، فمفادها: أن ركونك قد امتنع بسبب تثبيتنا لك..
والآية ليس فقط تدل على عدم ركونه صلى الله عليه وآله للمشركين..
بل هي تقول: إنه صلى الله عليه وآله لم يقترب من الركون، بل بقي بعيداً عنه..
فالآية تريد أن تقول: إن ثباتك يا محمد، وصبرك، وكل هذا الإنجاز العظيم الذي تحققه إنما هو بلطف من الله تعالى، وبتسديد منه.. وليس بقدرتك الذاتية، بحيث تكون قد استغنيت بقدرتك تلك عن المدد واللطف الإلهي..
وهذا النوع من البيان إنما هو توطئة لبيان مدى خطورة الركون إلى أولئك المنحرفين، وأنه إذا كان الله تعالى لا يقبل ذلك من نبيه الأعظم، ولا يقيم وزناً لكل جهده وجهاده، وطاعته وخضوعه، وعبادته وتضحياته.. بل هو سوف يذيقه العذاب مضاعفاً في الحياة والممات، حتى لو كان ركونه إلى الكافر شيئاً قليلاً وضئيلاً.. فكيف يكون عقاب غير الرسول، ممن ليس له مقامه، ولا جهاده، ولا تضحياته، لو أنه ركن إليهم على الحقيقة، وأصبح معهم ومنهم، نعم، كيف سيكون حاله، وإلى ماذا سيصبح مآله؟!
وبذلك تكون هذه الآية جارية وفق قاعدة: «إياك أعني، واسمعي يا جارة»..
هذا.. وقد وردت في القرآن آيات كثيرة يمكن أن نلمح فيها هذا النحو من التوجيه البياني، الذي يورد قضية ممتنعة، من أجل التلويح بموقف من قضية يفترض أن تكون معالمها في غاية الوضوح لدى الآخر.. فقد قال تعالى:﴿ ... لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 2  مع أن الشرك لا يمكن أن يصدر منه صلى الله عليه وآله.
وكذا قوله تعالى:﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ 3.
ويمكن أن يستشهد أيضاً ههنا، بقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله:﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ 4 .
وبقوله تعالى للنبي عيسى بن مريم عليهما السلام:﴿ ... أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... 5؟!
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 6..