الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

السبيل الى الايمان

يعيش الإنسان في ظلمات نفسه ، ولا يجزيه الله ايجابيا الا اذا اسلم نفسه لله وزكاها ، وعكف على تنمية مواهبه الخيرة ، فالعين هي نعمة الله على الانسان بها يبصر طريقه ، وكذلك الاذن التي يستمع بها الى ما يجري في الحياة ، ولكن النعمة الكبرى والعظيمة هي القلب الذي يبقى مغلقا وعليك انت ان تفتح رموزه وابوابه ليستقبل رحمة الله كما قال ـ تعالى ـ :
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 1 فالقلب هو مستودع الخير ، ولكل قلب اذنان ينفذ في احدهما الشيطان سمومه ، وتوحي الملائكة في االاذن الاخرى الهدى والبصائر ، والانسان مختار في ان يستمع بهذه الاذن او تلك فهذا شأنه ، حتى ان الله ـ تعالى ـ جعل مشيئته تابعة لمشيئتك في هذه القضية ، فلك الاستماع بأذنك اليسرى حيث الشياطين تخدعك وتهديك الى الضلالة ، او بأذنك اليمنى حيث الملائكة تهديك الى الحق .
فأنت لا تحمل في تصرفاتك احدا المسؤولية انما انت المسؤول اولا واخيرا ، ولأنك المسؤول فلك الجزاء ، وعليك العقاب .
وقد ملأ الله ـ تعالى ـ هذا الكون من حولنا وفي أنفسنا بآيات لا تحصى ، واعطانا القدرة على اكتشافها والاعتبار بها والاهتداء من خلالها الى خالقنا ، ففي كل شيء له آية تدل على انه واحد ، اعتبارا من النملة الصغيرة وهي تدب على الارض ، وتبحث عن طعامها ، والخلايا المتناهية في الدقة التي عجز العلم الحديث بكل ما اوتي من أجهزة دقيقة عن ان يكتشف سرها ، الى هذا الجسم الكبير وآفاق النفس .

حقيقة التوحيد

ترى كم واحدا منا عرف الله و وحده ولم يشرك به احدا ، وما الذي جعل الكثير منا لا يؤمنون الا وبه ـ تعالى ـ مشركون : ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ... 2 ، هذه هي مشكلتنا ، وهذه هي العقبة التي لابد ان نتجاوزها من خلال تجميع قوانا الروحية والعقلية والنفسية والجسمية لكي نرى الله حق الرؤية ، ونعتبر بآياته ، وللأسف فان الكثير يمتلك العين ولكنه يفتقر الى البصيرة ، وفي هذا المجال يروي لنا التأريخ ان عقيلا دخل على معاوية وهو مكفوف البصر ، فقال له معاوية : لماذا انتم معاشر بني هاشم تصابون في ابصاركـم ، فلم يلبث عقيل ان اجابه بسرعة : وانتم معاشر بني امية تصابون في بصائركم .
وهكذا فان الانسان قد يصاب في بصره ، وقد تعمى بصيرته ، فالكثير منا يملك البصر ولكنه لا يملك البصيرة ، يملك الاذن ولكنه لا يملك السمع ، ويملك اليدين والرجلين ولكنه لا يملك السعي ، ويتمتع بالوسيلة ولكنه لا يصل الى الهدف .
فلنتأمل آيات القرآن الكريم انه يقول لنا ﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ... 3 ، فما الفرق بين الميت والحي ، الميت الذي لا يكيف نفسه مع ما حوله ، فالميت ينفصل عن الوسط الاجتماعي ، والوسط الطبيعي ، فالإنسان الذي لا يملك الإيمان والبصيرة انما هو ميت ، لأنه لا يستطيع تحديد مواقفه الا من خلال الإيمان : ﴿ ... وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ ... 3 ، كما ويقول ـ تعالى ـ : ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ... 4 . فما هو المعنى الحقيقي للإسلام ؟ لابد ان اكثرنا قد قرأ الحديث الشريف المروي عن امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) حيث قال : " لأنسبن الإسلام نسبة لا ينسبها احد من بعدي ، ولن ينسبها احد من قبلي ، الإسلام هو التسليم " ، والقرآن يقول في الاية السابقة : ﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ... 3 ، ويقول ايضا : ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ... 4 اي ان ابواب قلبه وصدره تتفتح لكي لا يعيش في سجن ذاته وينطلق نحو الإسلام اي التسليم لله في صلاته ونسكه ومحياه ومماته ، فاذا سلم نفسه انشرحت نفسه وصدره ، وخرج عن ذاته ، ودخل في النور ، والا كان كمن يقول عنه ـ تعالى ـ : ﴿ ... كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ... 3 .
وهكذا ستحيط به الظلمات ، ولابد للإنسان ان يسعى لان يخرج من هذه الظلمات ، فلقد خلقه الله في أحسن تقويم ، ولكن الانسان بسبب جهله ، وظلمه لنفسه ولمجتمعه وتربيته الفاسدة يسقط في اسفل السافلين كما قال ـ تعالى ـ : ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ 5 ، اي انه يهبط الى الحضيض ، وقد استثنى ـ تعالى ـ من ذلك المؤمنين : ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ... 6 وكل انسان يولد على الفطرة ، ولكن هذه الفطرة لا تبقى مع الانسان على حالتها الاولى ، فأبواه يهودانه او ينصرانه ، ثم بعد ذلك لابد ان يسلك طريق العودة الى الله ـ تعالى ـ ، ولذلك فان المؤمنين والعاملين للصالحات هم الأقلون : ﴿ ... وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ 7 ، فالإنسان تابع للمجتمع ، والمجتمع له عادات من الصعب على الفرد الاقلاع عنها ، بل هو يبرر عاداته هذه ، فاذا كان الإنسان متعودا على ان ينام في اليوم عشر ساعات ذهب وفتش في الكتب عن الادلة العلمية والفقهية والتاريخية التي تبرر له النوم عشر ساعات .
ان الخير عادة ، والشر ايضا عادة ولكن اغلب الناس متعودون على الكسل وحب الراحة والنساء والرئاسة : ﴿ ... كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ 3 ، اي ان الشيطان يبرر للإنسان أعماله المرة بعد الاخرى .

الأسلوب الأمثل لاكتشاف العمل الصحيح

وعكس هذه الحالة نراها في سورة الانعام حيث يروي لنا القرآن الكريم قصة ابراهيم الخليل (ع) في رحلته الملكوتية الى الله ـ تعالى ـ ، وهذه القصة لا تخاطب ابراهيم ، وانما تخاطبنا نحن ، وهي تبدأ بعبادة ابراهيم للنجمة واذا بها تأفل فيقلع عن عبادتها ، ويكفربها ، ثم يعبد القمر ثم يعود ليكفر به ، بعد ذلك يعبد الشمس ليكفر بها حتى يوحد الله ـ سبحانه ـ .
ونستفيد من هذه القصة اننا يجب ان لا نكرر فعل العمل السيء ، واننا يجب ان نضع عليه علامات الاستفهام ، ونسأل انفسنا : هل هو عمل صحيح ام مغلوط ؟ ، وحتى العمل الصحيح يجب ان نشك فيه ، او لم يقل ـ تعالى ـ في سورة الكهف : ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا 8 . بعض الناس يدرسون في الحوزات العلمية ، او الجامعات وهذا جهاد عظيم اذا كان هدفهم الله ـ تعالى ـ ، ولكنهم يجب ايضا ان يشتركوا في الجهاد ، والدفاع عن الاسلام اذا ما تطلب الامر ذلك .
وهكذا يجب ان لا تفصلنا أعمالنا عن الله ، فأعمال الانسان حجاب بينه وبين ربه الا اذا جعلها خالصة في سبيله ـ تعالى ـ ولوجهه .

عقبتان في الطريق

السبب الاخر لفساد الإنسان يتمثل في قوله ـ تعالى ـ : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا ... 9 ، وهؤلاء المجرمون الاكابر يتمثلون الان في الحكام الظلمة ، والصحفيين المأجورين ، وعلماء البلاط ، انهم يشكلون ثلاثيا يقوم بالمكر، المكر على الجماهير ، وافساد ضميرهم .
هذه الاية تعني ان كل انسان لابد ان يتحدى عقبتين اساسيتين في حياته ؛ العقبة الاولى هي عقبة الظلمات الذاتية ، والثانية عقبة اكابر المجرمين الذين يصرح القرآن انهم عديموا الإحساس والشعور : ﴿ ... وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ 9 .
ان المشكلة التي يعاني منها الإنسان هي انه لا يبادر الى الاعتبار بالآيات الواضحة بل يطالب بآيات اوضح ، ومن اجل إيضاح ذلك نقول ان الإنسان قد يستطيع ان يعيش على الخبز ، ولكن هناك من الناس من لا تستطيع أجسامهم ان تعيش على الخبز فقط بل يريدون بالإضافة إلى ذلك بعض الفيتامينات والمقويات ؛ بل ان البعض يطالب بأكثر من ذلك وعلى الدوام دون ان يشكر الله ـ تعالى ـ .
وللأسف فان بعض الناس عيونهم مغمضة ، واسماعهم فيها وقر ، وقلوبهم طبع الله عليها ، يصبح عليه الصباح وهو متأفف متضجر قد ضاقت عليه الدنيا بما رحبت غافلا عن الطبيعة من حوله كيف تبتسم له ، وترحب به ، وناسيا انعم الله التي ملأت السماوات والأرض ، ورحمته الواسعة .
والبعض الاخر من ضعاف الإيمان يطالبون من اجل ان يقوى ايمانهم ان ينزل عليهم جبرائيل ويأتيهم بقرآن ! او ان يأتي اليهم فلان ليلقي عليهم خطابا إيمانيا ، او ان يذهبوا الى المقابر لكي تهتز ضمائرهم ، كل ذلك ليس بالضروري ؛ فيكفيك ان روحك تفارق جسدك عندما تخلد الى النوم ، وان الله أعادها إليك عند اليقظة ؛ فعليك أن تحمد الله على إعادة الحياة اليك ، ومنحك المهلة ، فهل تعرف ان الانسان الميت كم يرغب في ان يعود الى الدنيا ولو للحظة واحدة ؟ ، فالمفروض بنا ان نعتبر بهذا الإنسان ، وان نفرض أنفسنا مكانه ، واننا قد طلبنا من الله ـ تعالى ـ ان يعيدنا الى الحياة فاعادنا .
فالحياة ـ اذن ـ مليئة بالعبر ، وهذه العبر تكفينا لتقويم سلوكنا ، فلننظر الى الطبيعة من حولنا ، ولنجعل قلوبنا وأحاسيسنا رقيقة ، ولا نكن كالكفار الذين يصفهم ـ تعالى ـ بقساوة القلوب ، وتبلد الأحاسيس رغم رؤيتهم للآيات كما يقول ـ تعالى ـ عنهم : ﴿ ... لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ ... 10 .

التدبر في الآيات القرآنية

ولنتدبر ايضا آيات القران الكريم ، وان نحذر من ان نتخذه مهجورا ، فمن الحرام علينا ان تمر علينا الأيام ولانفتح كتاب ربنا لنعتبر به ، ولا نتدارسه ، فهذا تعامل خاطىء مع القرآن ومع الرسول (ص) ، الذي يوصينا بالقران قائلا : " اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي " .
وللأسف فان آيات القرآن تتلى علينا ولكننا لا نستمع اليها رغم ان القران هو واسطة الخير بيننا وبين الله ـ تعالى ـ ، وهو شفيعنا يوم القيامة ، ولكن مشكلة الإنسان انه لا يستطيع ان يعتبر لان في قلبه حجابا ، وفي هذا المعنى جاء في الدعاء الشريف لابي حمزة الثمالي : " وان الراحل اليك قريب المسافة وانك لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك " .
فالأعمال ـ اذن ـ هي التي حجبتنا ، فاذا رأيت قلبك لا يخشع عند استماعك الى القران ، ولا يخشع عند الصلاة والدعاء فاعلم انك قد اقترفت اعمالا سيئة لم يغفرها الله ـ تعالى ـ ، وان هذه الأعمال قد صنعت حجبا حجبتك عن خالقك ، فلنستغفر الله ، فربما نكون قد اغتبنا إخواننا وان هؤلاء الاخوان ما يزالون غير راضين عنا ، وربما نكون قد اتهمنا أحدا او ظلمناه .

قساوة القلب و عدم الخشوع

وهكذا فنحن نعيش حالة قساوة القلب ، والقليل منا يفكر في القضاء على هذه الحالة في حين ان من صفات المؤمنين خشوع القلب كما يصرح بذلك القران الكريم ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ 11 .
ترى اين بكاؤنا في الليل ، واين خشوع قلوبنا ، واين شكرنا ؟ نحن لا نمتلك نفسين واحدة ترد النار واخرى الجنة ، نحن نمتلك نفسا واحدة علينا ان نسعى من اجل إنقاذها والا خسرنا ﴿ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 12 ، فلماذا لم نفهم آيات الله ولماذا لم نزدد إيمانا ، ولماذا كلما كبرت أعمارنا ابتعدنا عن رضوان الله ومعرفته ، ولماذا لا نغتنم سني عمرنا التي تمر سراعا ؟ ان هذه الايام التي تمر من عمرنا محسوبة علينا ، فلنستغلها قبل ان يأتي ذلك اليوم الذي يجلس فيه حولنا أصحابنا وأقاربنا وهم لا يملكون لنا شيئا ، واذا بالموت ينزل علينا ولا نستطيع رده .
فماذا يجب ان نعمل حتى تخشع هذه النفس القاسية ، وتزول هذه الظلمات الموجودة في قلوبنا ؟ ؛ الحل ان نتوب الى الله ـ تعالى ـ من اعمالنا السيئة ، وان نراجع سلوكنا ، وننظر هل يوجد في نياتنا خلل او فساد ، فنبادر الى ازالتهما بعزيمة راسخة ، وبالتوكل على الله .
ثم يستأنف السياق القرآني المبارك قائلا : ﴿ ... اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ 10 ، فهذه آية من آيات معرفة النفس ، والاية التالية يشير اليها ـ تعالى ـ في قوله : ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ... 4 ، فالمؤمن منشرح القلب ، ولايجد في نفسه شحا ، فكلمة العفو سنته ، والإحسان الى الناس ، وخدمة المجتمع هدفه ، فهـو يعيش مرتـاح البـال دائمـا ، اما الإنسان الشحيح فتراه مقبوض اليد ، منغلقا معقدا ، كأنما يصعد في السماء : ﴿ ... وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ... 4 ، فقد اثبت العلم ان مادة الاوكسجين تقل كلما صعدنا الى السماء وبذلك نشعر بالضيق والاختناق .

فلنعمل على تزكية انفسنا

فلنحاول ان نعمل على تزكية أنفسنا ، فهناك حجب قد نستطيع ان نخرقها بالتوبة الى الله ، ولكن أنفسنا اذا كانت منطوية على الحسد ، وحب الذات ، والرئاسة ، والراحة ، فأنها لا تستطيع ان تستقبل رضوان الله ، فلنزكي أنفسنا حتى تكون كالينبوع الصافي الذي ننظر من خلاله ، فالمؤمن ينظر بنور الله ، والله يعطيك هذا النور ، ويهبك الصراط المستقيم الذي هو الطريق الصحيح الى الأهداف والتطلعات الحقيقية .
وهكذا فان كل شيء من حولنا يدعونا الى الآيات المكتوبة في السماوات والأرض وفي أنفسنا ولكننا محجوبون عن هذه الآيات بأعمالنا السيئة ، وبالصفـات الرذيلـة التي في أنفسنا ، فعلينا ان نصلح أنفسنا هذه ، وان نستغفر الله ـ تعالى ـ من سيئات أعمالنا ، لنتصل بشكل مباشر بآياته ، ويتحول هذا الكون من حولنا إلى مركز إشعاع للنور 13 .