الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لماذا تتضارب الاقوال المنقولة عن الامام جعفر الصادق في مسائل عديدة ؟

نص الشبهة: 

تتضارب الأقوال المنقولة عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في مسائل عديدة، فلا تكاد تجد مسألة فقهيّة إلاّ وله فيها قولان أو أكثر متناقضة; فمثلاً البئر التي وقعت فيها نجاسة، قال مرّة هي بحر لا يُنجسه شيء، وقال مرّة: إنّها تنزح كلّها، وقال مرّة: ينزح ...

الجواب: 

أوّلاً : الرواية للإمام الرضا ( عليه السلام ) وليست للإمام الصادق ( عليه السلام ) .
وثانياً : لم يقل الإمام ( عليه السلام ) إنّ ماء البئر مثل ماء البحر ، بل قال : إنّ ماء البئر ماءٌ كثير ، لا يفسده شيء ، إلاّ إذا تغيّر أحد أوصافه الثلاثة من لون ورائحة وطعم .
ولكن في نفس الوقت إذا جاء في بعض الروايات « أنّه في حالة سقوط فأر في البئر ينزح من البئر عدّة دلاء » فهذا يحمل على باب الاستحباب والتأكيد في الطهارة ، فكم يمكن أن يكون الشيء طاهراً من جهة الشرع ، إلاّ أنّ القلب لا يطمئن إلاّ بنزح عدّة دلاء من ماء البئر .
وأمّا أنّه في بعض الموارد قال بنزح ستّة دلاء وأُخرى سبعة دلاء وبعضها أقلّ من ذلك فسبب ذلك تنوّع النجاسات الملاقية لذلك الماء ، فمن المسلّم أنّ سقوط فأر في البئر يؤدي إلى انفعال هذا الماء غير تلك التي يسبّبها سقوط عصفور إذا مات في البئر ، ونجاسة الحيوان الصغير تختلف عن نجاسة الحيوان الكبير ، ونجاسة حيوان نجس العين غير نجاسة حيوان مأكول اللّحم وطاهر العين .
وعلى كلّ حال فهذه مسألة فقهيّة ، وما دام السائل لم يكن فقيهاً فلا يمكنه معرفة مفاد الروايات ولا كيفيّة الجمع بينها لاستخراج الحكم الشرعي .
والعجيب هنا أنّه يقول في آخر حديثه : إنّ اختلاف هذه الروايات تسبّبت في ضياع مذهب الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) .
وهنا نودّ التذكير أنّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليس له مذهب خاصّ في الفقه ، فهو الناطق بالأحكام الإلهيّة ، بدون أن يجتهد فيها ، وإذا كان الاختلاف في النقل يكون سبباً في ضياع مذهب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فإنّه يجب أن يضيع المذهب الشافعي ، لأنّ الشافعي قبل أن يذهب إلى مصر كانت عنده آراء تختلف عن آرائه بعد ذهابه إليها ، وأبو حنيفة كانت له عدّة آراء مختلفة في المسألة الواحدة ، فهل يمكننا القول بضياع المذهب الشافعي والمذهب الحنفي ؟!
إنّ هذا النوع من إثارة الشغب واللغط يناسب المراكز غير العلميّة ، أضف إلى ذلك أنّ هذه الأُمور الفرعية لا يمكنها أن تكون مصدراً يُعتمد عليه في بيان العقائد ، أو الإشكال عليها 1 .

  • 1. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته .