الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تخوين عائشة في الافك طعن برسول الله

نص الشبهة: 

لقد أنزل الله عز وجل براءة عائشة «رضي الله عنها» في قصة الإفك الشهيرة ، وطهرها من هذا السوء ، ثم نجد بعض الشيعة لا زالوا يرمونها بالخيانة (انظر : « تفسير القمي » ج 2 ص 377 و « البرهان » للبحراني ج 4 ص 358 .)!! ـ والعياذ بالله ـ . وهذا كما أن فيه طعناً برسول الله (ص) ، فيه طعن بالله عز وجل الذي يعلم الغيب ، ولم يخبر نبيه بأن زوجته خائنة ؟! ـ حاشاها من ذلك ـ . وبئس المذهب مذهباً يطعن في زوجات خير البشر وأمهات المؤمنين .

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فسيأتي سؤال آخر برقم 153 يتحدَّث أيضاً عن موضوع الإفك . . وقد ذكرنا في جوابه بعض ما يحسن الاطلاع عليه قبل قراءة إجابتنا هذه ، فلا بأس بمراجعته . .
وما نريد أن نجيب به هنا هو ما يلي :
أولاً : لا ريب في طهارة ذيل عائشة ، وسائر زوجات النبي « صلى الله عليه وآله » ، وجميع زوجات الأنبياء من فاحشة الزنا ، فإن ذلك هو المقرر في اعتقاد الشيعة « رضوان الله تعالى عليهم » .
قال الطبرسي « رحمه الله » في مجمع البيان :
« وما بغت امرأة نبي قط » 1 .
ويستدلون على ذلك أيضاً : بأن كفر زوجة النبي ليس من المنفرات عن قبول الدعوة ، أما ارتكابها الفاحشة ، فيصد الناس عن الحق . . ولذا لا يجوز أن يكون هذا الأمر في زوجات الأنبياء ، لكن يمكن أن يكنَّ كافرات كما هو الحال في امرأتي نوح ولوط « عليهما السلام » 2 . وقد قال تعالى : ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ... 3 .
ثانياً : إن الكلام الذي أشار إليه السائل لم يتضمن نسبة الزنا إلى عائشة ، ولا إلى غيرها . . ولا نعرف أحداً من الشيعة يتهم عائشة أو غيرها من زوجات النبي « صلى الله عليه وآله » بشيء من ذلك .
ثالثاً : إن الكتاب المنسوب للقمي لا يصح الاعتماد عليه ، لأن نسبته إلى القمي غير ظاهرة ، ولا مسلمة عند علماء الشيعة .
رابعاً : إن علماء الشيعة قد ردّوا ورفضوا بشدة ما هو أقل بكثير من هذا الكلام بكل صراحة ، فقد قال المجلسي « رحمه الله » : « وهذا إن كان رواية ، فهي شاذة مخالفة لبعض الأصول ، وإن كان قد يبدو من طلحة ما يدلُّ على أنه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك ، لكن وقوع أمثال ذلك بعيد عقلاً ، ونقلاً ، وعرفاً ، وعادة . . » 4 .
خامساً : بالنسبة لما ذكره السائل ، من أن الله تعالى أنزل براءة عائشة في قصة الإفك الشهيرة ، وطهرها من هذا السوء نقول :
ألف : هناك خلاف في آيات الإفك في سورة النور ، فأهل السنة يقولون : الإفك كان في حق عائشة ، وقد نزلت الآيات لتبرئتها .
وفي الشيعة من يقول : إن ما رواه أهل السنة في صحاحهم وغيرها يعاني من إشكالات كثيرة ، تسقطه عن الاعتبار . . والصحيح هو : أن الإفك كان على مارية القبطية ، وأن الله أنزل آيات الإفك لتبرئتها . .
ولكن أعين الطمع بالفضائل قد جعلت الأيدي تمتد لتغير على هذه الفضيلة التي ظهرت في الآيات النازلة ، وتسلبها من صاحبتها الحقيقية ، وتنسبها إلى عائشة .
ب : قد لاحظنا : أن السائل ينسب إلى بعض الشيعة : أنهم ينسبون هذا الأمر القبيح إلى عائشة . . ثم يطلق حكمه على المذهب كله ، فيقول : « وبئس المذهب مذهباً يطعن في زوجات خير البشر وأمهات المؤمنين » . فكيف صار الكلام الذي تنسبونه أنتم إلى البعض مبرراً للهجوم على المذهب كله .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 5 .

  • 1. مجمع البيان ج 10 ص 319 و (ط مؤسسة الأعلمي سنة 1415هـ) ج 10 ص 64 وراجع : بحار الأنوار ج 11 ص 308 و ج 12 ص 147 .
  • 2. السيرة الحلبية ج 2 ص 305 و (ط دار المعرفة) ج 2 ص 624 وتاريخ الخميس ج 1 ص 477 والكشاف للزمخشري ج 3 ص 220 وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج 18 ص 64 .
  • 3. القران الكريم: سورة التحريم (66)، الآية: 10، الصفحة: 561.
  • 4. بحار الأنوار ج 32 ص 107 .
  • 5. ميزان الحق . . (شبهات . . وردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م . ، الجزء الثاني ، السؤال رقم (70) .