الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما تفسيركم لروايات النهي عن لبس السواد؟

نص الشبهة: 

ـ في كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) صفحه81 المجلد الأول لا تلبسوا الأسود فإنه لباس فرعون . فما معنى هذه العبارة ومقصدها ؟

الجواب: 

نعم روى الصدوق قدس سره في كتاب من لا يحضره الفقيه : 1 / 251 :
( 767 ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام فيما علَّم أصحابه : لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون .
768 ـ وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكره السواد إلا في ثلاثة : العمامة والخف والكساء ) . انتهى .
لذلك يتساءل البعض : هل أن لبس السواد حزناً على الإمام الحسين عليه السلام مستحب شرعاً في عاشوراء ، وبقية مناسبات عزاء المعصومين عليهم السلام ؟ وهل يتنافى ذلك مع الفتوى المعروفة في فقهنا بكراهة لبس السواد في الصلاة ؟
الجواب : أنه على فرض ثبوت كراهة لبس السواد في بعض الحالات فإن لبسه في عزاء سيد الشهداء عليه السلام مستثنى من الكراهة لأنه من مصاديق الحزن المستحب ، وقد كان هذا المظهر وما زال من مظاهر الحزن على أهل البيت النبوي عليهم السلام من صدر الإسلام إلى يومنا هذا .
فالأخبار الواردة عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، في النهي عن لبس السواد لو تمت ، فهي غير ناظرة إلى لبس السواد حزناً على الحسين عليه السلام ، بل ناظرة إلى التشبه بجبابرة بني العباس ، الذين اتخذوا السواد لباساً رسمياً لهم وأجبروا المسلمين عليه !!
فمن الثابت تاريخياً أن العباسيين جعلوا شعارهم في حركتهم الرايات السود لكي يطبقوا عليهم أحاديث النبي صلى الله عليه وآله في المهدي عليه السلام والرايات السود التي تمهد له من المشرق!
ثم ألبسوا أنصارهم الثياب السود ، وعللوه بأنه حزن على شهداء كربلاء وغيرهم من شهداء أهل البيت عليهم السلام ولذلك عرفوا باسم ( المُسَوِّدة ) وبعد سيطرتهم ألزموا أعضاء دولتهم بلبس السواد ثم ألزموا بذلك عامة الناس ، وبلبس قلانس سوداء طويلة!! الخ .
فالروايات الناهية عن لبس السواد ناظرة إلى التشبه بهم . ولا تشمل لبس السواد حزناً على الإمام الحسين عليه السلام .
قال المحقق البحراني في الحدائق الناضرة : 7 / 116 : ( ومنها : أنه يكره الصلاة في الثياب السود ، عدا العمامة والخف والكساء ، وهو ثوب من صوف و منه العباء ، كذا نقل عن الجوهري . .
ثم أقول : لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السلام من هذه الأخبار ، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان . ويؤيده ما رواه شيخنا المجلسي قدس سره عن البرقي في كتاب المحاسن أنه روى عن عمر بن زين العابدين عليه السلام أنه قال : لما قتل جدي الحسين المظلوم الشهيد لبس نساء بني هاشم في مأتمه ثياب السواد ، ولم يغيرنها في حر أو برد . وكان الإمام زين العابدين يصنع لهن الطعام في المأتم ) . انتهى .
وقال الحر العاملي في وسائل الشيعة : 2 / 357 : ( عن الحسن بن ظريف بن ناصح ، عن أبيه ، عن الحسين بن زيد ، عن عمر بن علي بن الحسين قال : لما قتل الحسين بن علي عليه السلام لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح ، وكن لا يشتكين من حر ولا برد ، وكان علي بن الحسين عليه السلام عمل لهن الطعام للمأتم .
وفي بحار الأنوار : 45 / 195 : ( وفي رواية أخرى . . . قال : فلما أصبح استدعى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهن أيما أحب إليكن : المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة ولكم الجائزة السنية ؟
قالوا : نحب أولاً أن ننوح على الحسين ، قال : إفعلوا ما بدا لكم ، ثم أخليت لهن الحجر والبيوت في دمشق ، ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلا ولبست السواد على الحسين عليه السلام ، وندبوه على ما نقل سبعة أيام ، فلما كان اليوم الثامن دعاهن يزيد ، وعرض عليهن المقام فأبين ، وأرادوا الرجوع إلى المدينة ، فأحضر لهم المحامل وزينها ، وأمر بالأنطاع الأبريسم .
وفي وفيات الأئمة عليهم السلام ص 85 : ثم رجع الحسن والحسين صلى الله عليه وآله وأخوتهما من دفنه ، وقعد في بيته ولم يخرج ذلك اليوم ، ثم خرج عبد الله بن العباس بن عبد المطلب إلى الناس فقال : إن أمير المؤمنين قد توفى وانتقل إلى جوار الله ، وقد ترك بعده خلفاً ، فإن أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد على أحد ، فبكى الناس وضجوا بالبكاء والنحيب ، فقالوا : بل يخرج إلينا ، فخرج إليهم الحسن وعليه ثياب سود وهو يبكى لفقد أبيه ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي فصلى عليه ، ثم قال : أيها الناس : اتقوا الله فإنا أمراؤكم و ساداتكم وأهل البيت الذين قال الله فيهم : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 1 .
أيها الناس : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ، ولا يلحقه الآخرون . لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فيفديه بنفسه ، لقد كان يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله ، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه ) . انتهى 2 .

لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:

  • 1. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
  • 2. من كتاب : مسائل مجلة جيش الصحابة ( أجوبة على مسائل وجهتها إلى علماء الشيعة ، مجلة الخلافة الراشدة الباكستانية ، التابعة لمنظمة جيش الصحابة ) للشيخ علي الكوراني العاملي ، السؤال رقم : 43 .