نشر قبل 4 سنوات
تقيمك هو: 5. مجموع الأصوات: 38
القراءات: 6632

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

من اين ينطلق الباحث التاريخي؟

نص الشبهة: 

من أين ينطلق الباحث التاريخي؟

الجواب: 

الباحث التاريخي كأي باحث آخر، إنما يبحث عن الحقيقة، ويهتم بإبرازها بالحلة التي تليق بها، وكل باحث منصف، إذا واجه أي مشكلة على الصعيد العلمي والعملي، سواء في حقل التاريخ أم في الاعتقاد أم في التفسير أم في أي حقل آخر. فإنه ينطلق لحلها من خلال ما يتوفر لديه من معطيات، يستطيع بواسطتها أن يضع لها الحلول المناسبة التي يرى أنها هي الأقرب إلى الواقع، وهي الأصح، والأكثر ثباتاً أمام النقد.

وليس لدى الباحث التاريخي أية وسائل تختلف عما لدى غيره من الباحثين فكل الوسائل التي يتوسل بها الباحثون في العلوم الإنسانية لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، وإبعاد المزيّف، وتنقية الفكرة؛ أية فكرة كانت، كل هذه الوسائل قد يحتاجها الباحث التاريخي.
فقد يحتاج إلى وسائل البحث في علم التفسير، وإلى وسائل البحث في الشؤون الاعتقادية، وإلى وسائل البحث في الجغرافيا، ووسائل البحث في أي علم إنساني، باعتبار أن هدفه الأساس، هو الكشف عن دور وتأثيرات الكائن البشري في الواقع الخارجي. وهذه التأثيرات تختلف وتتفاوت، فربما تصب في خانة التكوين الاجتماعي، أو التكوين النفسي، أو الرؤية والفهم لواقع وحقيقة إنسان ما، أو مجتمع ما، أو تصب في خانة التحولات والتقلبات الطبيعية التي مرت على أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب وتأثرت أو تأثر بها، ومن خلال هذا التأثير تنطلق هي لتمارس سلوكاً، أو لتسجل موقفاً على أساس هذه الخلفية التي نشأت من خلال التأثر بالأحداث.
إذن فليس لنا أن نحدد للباحث التاريخي نقطة للبدء؛ لأن كل النقاط مرشحة لأن تكون هي البداية لمعالجة ما يريد معالجته، ويريد أن يعرف الصحيح من غير الصحيح فيه، فهو إنما ينظر في العناصر المكونة لهذا الحدث، والمؤثرة فيه، والناتجة عنه، ولكل عنصر جذوره في نهج آخر أو في علم آخر أو جو آخر، الأمر الذي يدفع به إلى أن يلاحق هذه الجذور، ويبحث عنها ويكتشفها.
إذن فقد يضطر الباحث التاريخي لأن يمارس دور الباحثين في علوم ومجالات أخرى، حتى بالنسبة لقضية واحدة يواجهها، لأن هذه القضية كما قلت قد ترتبط بالتكوين الفكري وقد ترتبط بالتكوين النفسي، أو الحالات الروحية للإنسان، وقد ترتبط بوضع معين في العلاقات السياسية، أو لها ارتباط في النواحي العقائدية وما إلى ذلك.
فنستطيع أن نقول: إن نقطة البدء هي طلب الحقيقة 1.

  • 1. كتاب: مقالات و دراسات، الباحث التاريخي، مقابلة مجلة بقية الله العدد 54 السنة الخامسة ـ بيروت مع سماحة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي.