الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

هارون مات قبل موسى، فكيف يكون خليفة له؟!

نص الشبهة: 

ذهبت فرقة «الخطَّابية» من الشيعة إلى أن الإمام بعد جعفر الصادق هو ابنه إسماعيل، فرد عليهم علماء الشيعة بأن «إسماعيل مات قبل أبي عبد الله عليه السلام، والميت لا يكون خليفة الحي ..» (كمال الدين وتمام النعمة، ص 105) الخ. فيقال للشيعة: أنتم تحتجون على ولاية علي بقوله (صلى الله عليه وآله): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ومعلوم أن هارون توفي قبل موسى ـ عليهما السلام ـ ، والميت لا يكون خليفة للحي باعترافكم!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: تقدم هذا السؤال برقم (101)، وتقدمت الإجابة عليه، ومع ذلك نقول:
إن فرقة الإسماعيلية هم الذين يعتقدون بأن إسماعيل هو الإمام بعد والده الصادق «عليه السلام».. وليست الفرقة المسماة بالخطَّابية..
ثانياً: إن الشيعة لا يحتجون بخلافة هارون لموسى بعد وفاة موسى «عليه السلام»، لأن ذلك غير معقول، بعد أن كان هارون قد توفي.. وإنما هم يستدلُّون بحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، لإثبات أن المنزلة التي ثبتت لهارون هي بنفسها ثابتة لعلي «عليه السلام»، فكما أنه قد كان لهارون مقام الأخوة لموسى، والوزارة والخلافة له في قومه، وشد الأزر، والشراكة في النبوة 1، فلعلي هذه المقامات كلها باستثناء مقام النبوة، وإذ قد تحقق له مقام الخلافة، فإنه لا يتقيد بزمان ولا مكان، فهو خليفته ما دام حياً.
وكذلك الحال بالنسبة لهارون، فإنه بالنسبة لموسى «عليه السلام» أخوه، وخليفته، ووزيره، وشريكه في النبوة ما دام حياً. وإنما ينقطع ذلك بموت هارون، وقد مات هارون في حياة أخيه، لكن علياً «عليه السلام» بقي حياً بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثلاثين سنة، فبقيت هذه المنازل له باستثناء النبوة، ومنها الخلافة ما دام حياً أيضاً.
وخلاصة الأمر: إن الحديث المذكور يريد أن يقرِّر: أن المنزلة التي كانت لهارون من موسى هي نفسها لعلي «عليه السلام» عدا النبوة. بغض النظر عن حياة علي «عليه السلام» وطولها وقصرها..
وقول السائل: والميت لا يكون خليفة للحي إنما يصح بالنسبة لهارون، ولكنه لا يصح بالنسبة لعلي «عليه السلام».
وصحته بالنسبة لهارون إنما هي بعد وفاته لعدم وجوده ليكون خليفة، لا لأجل انتفاء الخلافة عنه من أساسها، وعدم جعل المقام له مطلقاً.
ثالثاً: إن كلمة بعدي قد تضمنت الإشارة إلى أن علياً «عليه السلام» سيبقى حياً بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأن هذه المقامات ثابتة له بعد وفاته باستثناء مقام النبوة.. ولو كان الكلام عن خصوص حال حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يكن معنى لاستثناء النبوة بعده، إذ يكفي أن يقول: إلا أنك لست بنبي.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 2.

  • 1. راجع الآيات 29 ـ 32 من سورة طه، والآية 142 من سورة الأعراف.
  • 2. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، 1431 هـ. ـ 2010 م، السؤال رقم (116).