حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
- الحادث - القدين - الله - الممكن - واجب الوجود
إذا كان كل شيء يحتاج في وجوده الى علة فكيف لا يحتاج واجب الوجود الى علة ؟
الجواب على هذا السؤال يكون بأمرين :
الأمر الأول : إن الإشكال الموجّه إلى الإلهيين يتوجه أيضا إلى الماديين ، و ذلك لان كلاهما يعترفان بموجود قديم فوق عالَم المادة و الإمكان تنتهي إليه الممكنات ، أما الماديون فهم يرون أن ذلك الموجود المتحقق بلا علة هو المادة الأولى التي تتحول و تتشكل إلى صور و حالات ، و على هذا فيجب على الإلهيين و الماديين الإجابة على هذا السؤال على حدّ سواء ، و لا يتوجه الإشكال إلى الإلهيين فحسب ، كما زعم ذلك ، الفيلسوف الإنكليزي " برتراند راسل " .
الأمر الثاني : إن القاعدة العقلية تخُص الموجودات الممكنة و الظواهر المادية المسبوقة بالعدم و التي تحتاج في وجودها إلى علة ، إذ لولا العلة للزم وجود الممكن بلا علة ، و هو محال .
ثم إن واجب الوجود في فرض الإلهيين غني عن العلة و الإيجاد ، و ذلك لكونه أزليا قديما غير مسبوق بالعدم ، و الحاجة إلى الإيجاد من خصائص الشيء المسبوق بالعدم ، إما لو كان موجودا في الأزل فلا يحتاج إلى الجعل و الإيجاد .
و لقد اشتبه على السائل حيث تصور أن الحاجة إلى العلة هي من خصائص الموجود بما هو موجود ، و الحال إنها ـ أي العلة ـ إنما هي من خصائص الموجود الممكِن المسبوق بالعدم ، و واجب الوجود خارج عن هذه القاعدة ، إذ القاعدة لا تشمل واجب الوجود .
و بعبارة واضحة و مقتضبة : ليس كل شيء محتاج إلى علة ، بل كل ما هو حادث يحتاج إليه ، و المفروض في عقيدة الإلهيين أن الله ليس بحادث فلا يحتاج إلى العلة ، لأنه تعالى لا ينفكُّ عن الوجود أصلاً .