ما حقيقة زواج رسول الله من زوجة زيد بن حارثة؟

زينب بنت جحش هي إحدى زوجات النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و قد تزوج بها الرسول في السنة الخامسة من الهجرة ، و هي بنت أمية بنت عبد المطلب عمة النبي .
و كانت زينب بنت جحش زوجة لزيد بن حارثة قبل أن تصبح زوجة لرسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) .

أما زيد بن حارثة ـ زوج زينب قبل الرسول ـ فكان يُدعى قبل الإسلام بزيد بن محمد ، لكنه لم يكن من أولاد الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) ، بل كان غلاما اشترته خديجه بعد زواجها من النبي ثم أهدته إلى النبي فأعتقه الرسول في سبيل الله ، ثم تبنّاه النبي تبنياً اعتباريا على عادة العرب لرفع مكانته الاجتماعية بعدما عامله والده و قومه بالهجران و الطرد ، و هكذا فقد منحه الرسول احتراما كبيرا و شرفا عظيما و رفع من شأنه بين الناس حتى صار يُدعى بين الناس بابن محمد .
و عندما أحس النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بحاجة زيد إلى الزواج أمره بخطبة بنت عمته زينب لزيد ، لكن زينب رفضت ذلك تبعا للتقاليد السائدة في تلك الأيام و لاستنكاف الحرة من الزواج من العبد المعتق ، خاصة و إن زينب كانت من عائلة ذات حسب و شأن ، فنزلت الآية الكريمة التالية : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا 1 ، فأخبرت زينب النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) بقبولها بهذا الزواج ، و هكذا فقد تم الزواج برضا زينب ، نزولا عند رغبة الرسول و خضوعا و تسليماً لحكم الله تعالى .
و المهم في هذا الزواج هو أن الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) أراد و بأمر من الله كسر العادات و التقاليد الخاطئة و التي كانت تمنع زواج العبيد المعتقين من بنات العوائل المعروفة ، و بالفعل فقد تحقق للنبي العظيم ما أراد و تمكن من تطبيق المساواة بصورة عملية بين أفراد المجتمع الإسلامي .

طلاق زينب

بعد ذلك تأثرت العلاقة الزوجية بين الزوجين ـ زينب و زيد ـ و آل أمرهما إلى الطلاق و الانفصال رغم المحاولات الحثيثة التي قام بها النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) لمنع وقوع الطلاق ، و لم تؤثر نصائح النبي في زيد و لم يفلح في تغيير قرار زيد الخاطئ فوقع الطلاق .

زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من زينب

و بعد أن مضى على طلاق زينب فترة قرر النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) أن يتزوج ابنة عمته زينب تعويضا لما حصل لها ، غير أن النبي كان يخشى العادات و التقاليد التي تُحرم زواج الرجل من زوجة ابنه من التبني لاعتباره أبناً حقيقيا في ذلك المجتمع ، و إلى هذه الحقيقة يُشير القرآن الكريم حيث يقول : ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ... 2 .
و لا بُدَّ من الإشارة هنا إلى إن زواج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) من زينب إنما كان بأمر من الله تعالى ، كما تشهد بذلك تتمة الآية السابقة حيث تقول : ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا 3 .
هذا و إن زينب كانت متفهمة لنية الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و لما حباها الله تعالى من الشرف العظيم إذ جعل لها دورا في إزالة عادتين خرافيتين و نالت شرف الزواج من الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) فكانت زينب تفتخر على سائر نساء النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و تقول : زوَجَكن أهلُوكن و زوجني الله من السماء 4 .

اهداف هذا الزواج

إذن يمكن تلخيص أهداف زواج الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) من زينب كالتالي :
1. تعديل ما حصل لابنة عمته و تضررها بالطلاق و قد رضيت بالزواج من زيد بأمر من الله و رسوله ، فأراد الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) أن يكرمها و يعوضها عن ما حصل لها .
2. كسر العادات و التقاليد الخاطئة التي تمنع الزواج من زوجة الابن من التبنّي ، رغم كونه أبنا اعتباريا لا غير .
ثم انه لا يخفى أن من مهام الأنبياء هو إزالة العادات الخاطئة و السنن الظالمة و هذا ما فعله النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) كما كان يفعل ذلك جميع الأنبياء من قبل في قضايا مشابه مع ما في مكافحة الخرافات من تخوف جدي و إحراج شديد ، حيث أن ذلك يعد محاربة للتقاليد و السنن و الاعتقادات الراسخة و المتجذرة في نفوسهم ، لكن مهمة الأنبياء لا تقبل التعلل و الخوف و المجاملة ، فهم يحملون على عواتقهم رسالة سماوية حمّلهم إياها رب العالمين ، و إلى هذه الحقيقة تشير الآية الكريمة : ﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا 5 .

نوايا خبيثة

و للأسف فان هناك أساطير و قصص مختلَقة افتعلها أعداء الدين الإسلامي في هذا الصعيد ، حيث انهم حَوَّروا موضوع زواج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) من زينب ـ مطلقة زيد بن حارثة ـ و ذكروها كقصة غرامية ، و كذبوا على نبينا العظيم بغية الحط من قدسيته و مكانته السامية ، و قد عرفت بطلانها من خلال معرفة حقيقة الأمر من الآيات القرآنية الصريحة .
و كان السبب في ذلك أن بعض المؤرخين و مع الأسف ذكروا أمورا تتنافى مع مقام النبي محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) مما ساعد الأعداء على النيل من كرامة الرسول المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) ، لكن الآلوسي و الفخر الرازي كذّبا ما نقله أولئك المؤرخون و تصدَيا لهم و أثبتا بأن تلك المنقولات ليست إلا أكاذيب واضحة و أخبار مدسوسة لا أساس لها من الصحة و الواقع 6 .
كما و أن علماء من الأزهر انتقدوا ابن الأثير بشدة على نقله لهذه القصة برواية محرفة و مشينة في تاريخه " الكامل " في إحدى الطبعات الأخيرة لهذا الكتاب ، فراجع .

18 Comments

احمد محمد's picture

وإنك لعلى خلق عظيم

إنه محمد ـصلى الله عليه وسلم _ الذى وصفه رب العزة جل شأنه بقوله " وإنك لعلى خلق عظيم " ولهذا النعت الالهى تطمئن الأفئدة بأن الرسول الكريم هو أعظم خلق الله وقد منحه الله عز وجل صفات لم تتوفر عند أحد من البشر ، لهذا عزيزى القارىء لا تنصاع الى اكاذيب المغرضين فرسولنا الكريم هو أعظم خلق الله " وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى " ... اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم " رضى الله عنهم ورضوا عنه " .......ز واجعل حب نبيك مطبوع فى قلوبنا يا الله !!!!!!!!!!!!!!

محمد بزونة's picture

زواج الرسول

المشكلة ان القصة مذكورة في القران... والا فانني متاكد لكان علمائنا الافاضل انكروها وقالوا من المستحيل اني يصدر هذا الامر من رسول الله.. ولهذا تراهم يحاولون ان يبرروا هذا الزواج باعذار واهية... لانيي متاكد لو ان اي شخص في المجتمع عمل نفس الشيء وتزوج مطلقة ابنه بالتبني سوف يصفونه بشتى الاوصاف السيئة.....

حسين شهيد 's picture

زواج النبي من مطلقه زيد

يبقى اعداء الاسلام يتصيدون في الماء العكر ويكذبون القران وهذا ديدنهم ويبقى الرسول اكبر من الشبهات وكل افعال امر من الله السلام عليك يا رسول الله وعلى الك واتمنى شفاعتك يوم القيامه

محمد يحيى's picture

تزواج النبي من زينب

الآيه لا نعلم حتى الآن تفسيرها لانه لا يمكن لاشرف الخلق ان يفعل هذه الفعله ولا يمكن لله عز وجل ان تكون له حكمة من وراء فضائح والقصه ان المرضى جنسيا اخترعوا وزوروا هذه القصه على اشرف الخلق ليشرعوا لانفسهم اخلاقا واعمالا باسم السنه بحيث ان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم كذا سأفعل انا كذلك وهذا تزوير وتجني على نبينا وعلى الله تعالى فلا يشرع الله السنن من خلال حبك احداث غير اخلاقيه.

محمود نور الدين زنكي's picture

أهمية التحليل التاريخي

مع الأسف حاول الكثير من "علماء المسلمين" تفادي هذه المواضيع الشائكة، و لكن مع بروز التقنيات الحديثة، اضطروا إلى البحث و التدقيق. و لكن نظرية الشيخ الكريم و للأسف تتنافى مع المصادر المعروفة كتفسير ابن هشام و الطبقات للطبري. فهؤلاء لم يتعرضوا "لصراع الطبقات الاجتماعية" أو "التخلص من عادات اجتماعية عير مرغوبة". الدليل انه لم يصلنا خبر واحد عن حدوث هذه القصة مرة أخرى... و بإمكان أي إنسان البحث بنفسه...

محمد ابو جمعه 's picture

زواج الرسول من زينب

السلام عليكم : عندي سؤال بالنسبه للي ذكر في اهداف هذا الزواج تعديل ما حصل لابنة عمته و تضررها بالطلاق و قد رضيت بالزواج من زيد بأمر من الله و رسوله يعني الله بيغلط بحق الانسان والرسول كمان ليش ربنا غير عالم بالغيب ؟ ..

العلاقات العامة (PR Islam4u)'s picture

زينب بنت جحش زوجة النبي (ص)

 السلام عليكم 

هذا ما جاء في النص أعلاه :

زينب بنت جحش هي إحدى زوجات النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و قد تزوج بها الرسول في السنة الخامسة من الهجرة ، و هي بنت أمية بنت عبد المطلب عمة النبي .
و كانت زينب بنت جحش زوجة لزيد بن حارثة قبل أن تصبح زوجة لرسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) .