ولد الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) في بيت كان محطّ الملائكة ومهبط التنزيل، في بقعة طاهرة تتصل بالسّماء طوال يومها بلا انقطاع، وتتناغم مع أنفاسه آيات القرآن التي تُتلى آناء الليل والنهار، وترعرع بين شخصيّات مقدّسة تجلّلت بآيات الله، ونهل من نمير الرسالة عذب الارتباط مع الخالق، وصاغ لبنات شخصيته نبي الرحمة (صلّى الله عليه وآله) بفيض مكارم أخلاقه وعظمة روحه.
انبعثت ثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) من ضمير الاُمّة الحيّ، ومن وحي الرسالة الإسلاميّة المقدّسة، ومن البيت الذي انطلقت منه الدعوة الإسلاميّة للبشرية جمعاء، البيت الذي حمى الرسالة والرسول ودافع عنهما حتّى استقام عمود الدين. وأحدثت هذه الثورة المباركة في التأريخ الإنساني عاصفة تقوّض الذلّ والاستسلام، وتدكّ عروش الظالمين، وأضحت مشعلاً ينير الدرب لكلّ المخلصين من أجل حياة حرّة كريمة في ظلّ طاعة الله تعالى.
رغم كلّ ما قيل من تحليل ودراسة لوضع المجتمع الكوفي، وما ينطوي عليه من إثارة سلبيات يتكهّن بأغلبها المحلّلون من دون جزم، فإنّنا نرى أنّ اختيار الإمام الحسين (عليه السّلام) الهجرة إلى العراق كان لأسباب منها:
ووقفت حفيدة الرّسول (صلّى الله عليه وآله) وابنة أمير المؤمنين (عليه السّلام) العقيلة زينب (عليها السّلام) على جثمان أخيها العظيم، وهي تدعو قائلةً: «اللهمّ تقبّل هذا القربان».
انّ الإمام الحسين (عليه السّلام) بالرغم من معارضته الشديدة لحكم معاوية بن أبي سفيان رفض التحرّك لخلع معاوية؛ التزاماً منه بالعهد الذي وقّعه أخوه الإمام الحسن (عليه السّلام) مع معاوية.