حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
ما المقصود باشاعة الفاحشة ؟
قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ 1 .
ما معنى الفاحشة؟
تُطلق الفاحشة بصورة عامة على كل عمل أو قول يشتدُ قبحه، لكن المقصود بها في النصوص الدينية هي الذنوب و المعاصي الكبيرة كالزنا و اللواط و غيرها.
و من الواضح أن الفاحشة معصية يستحق مرتكبها العقاب في الدنيا و الآخرة بحسب ما جاء في الآيات القرآنية و الاحاديث المأثورة عن النبي المصطفى صلى الله عليه و آله، و عن عترته الطاهرة عليهم السلام.
ما معنى اشاعة الفاحشة ؟
لقد حرم الله عَزَّ و جَلَّ فعل الفاحشة ــ كما هو واضح ــ و إلى جانب ذلك حرم أيضاً إشاعة الفاحشة، و المقصود بإشاعة الفاحشة هو إذاعة و نشر أخبار الفاحشة و التحدث عنها لما فيها من المفاسد الفردية و الاجتماعية، فتوعَّد الذين يقومون بنشر الفاحشة بالعذاب الاليم في الدنيا و الآخرة.
رَوى الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه و آله قال: "مَنْ أَذَاعَ الْفَاحِشَةَ كَانَ كَمُبْتَدِئِهَا، وَ مَنْ عَيَّرَ مُؤْمِناً بِشَيْءٍ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَرْكَبَهُ" 2.
و رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنَّهُ قال: "مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... ﴾ 1 " 3.
و رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنَّهُ قال: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُؤْمِنٍ سَتَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ مَنْ هَتَكَ سِتْرَ مُؤْمِنٍ هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 4.
المنع من انتشار الفاحشة
تؤكد النصوص الدينية على حرمة نشر أخبار و تفاصيل ما يراه الإنسان أو يسمعه أو يطلع عليه من كل أنواع الفحشاء و المنكرات و الأعمال المستقبحة كل ذلك بهدف إبعاد المجتمع الإسلامي من التلوث الفكري و العملي بأي نوع من أنواع المنكرات و المحرمات، و محاولة منه للقضاء على هذه المنكرات في لحظة حدوثها، ذلك لأن انتشار أخبار الفحشاء و المنكرات و تكرر سماعها لها أثر نفسي كبير في التقليل من قبح العمل و شناعته و فقدان المناعة ضد الفاحشة فتشكل عاملاً ممهداً لارتكاب القبائح و المنكرات أو التفكير بها.
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام) أنهُ قَالَ : "إِنَّ عِيسَى عليه السَّلام قَالَ لِلْحَوَارِيِّينَ : إِنَّ مُوسَى أَمَرَكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ كَاذِبِينَ، وَ أَنَا آمُرُكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ كَاذِبِينَ وَ لَا صَادِقِينَ.
قَالُوا: زِدْنَا.
قَالَ: إِنَّ مُوسَى أَمَرَكُمْ أَنْ لَا تَزْنُوا، وَ أَنَا آمُرُكُمْ أَنْ لَا تُحَدِّثُوا أَنْفُسَكُمْ بِالزِّنَا فَضْلًا عَنْ أَنْ تَزْنُوا، فَإِنَّ مَنْ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالزِّنَا كَانَ كَمَنْ أَوْقَدَ فِي بَيْتٍ مُزَوَّقٍ 5، فَأَفْسَدَ التَّزَاوِيقَ الدُّخَانُ وَ إِنْ لَمْ يَحْتَرِقِ الْبَيْتُ" 6.
حكم نشر و اعادة نشر المواضيع الفاسدة
مما ذكرنا يظهر حكم نشر ــ أو إعادة نشر ــ المواضيع و الصور و الأفلام ذات المحتوى الفاحش الذي يخدش الحياء و يمهد لارتكاب المعصية، أو يقلل من حساسية الإنسان المؤمن تجاه الذنوب و المعاصي الكبيرة فينظر لها و كأنها عمل غير مستقبح، أو أنه عمل مألوف يرتكبه الناس جميعاً فلا يخشى الوقوع في مثلها و العياذ بالله.
و هنا ينبغي أن ننصح المؤمنين بالتوقي من نشر أو إعادة نشر كل ما يقع بأيديهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد يكون الإنسان مساهماً كبيراً في إنتشار الفاحشة و هو لا يعلم فيكون من الذين قال الله عنهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ 1 .
- 1. a. b. c. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 19، الصفحة: 351.
- 2. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 12 / 294 ، للشيخ محمد بن الحسن بن علي الحُر العاملي، المولود سنة: 1033 هجرية بجبل عامل لبنان، و المتوفى سنة: 1104 بمشهد الإمام الرضا و المدفون بها، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة: 1409 هجرية، قم / إيران.
- 3. الكافي : 2 / 357 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 4. وسائل الشيعة: 12 / 296.
- 5. البيت المُزَوَّق: البيت المُزَيَّن، و المعنى هو أن مَن يُوقِد النار في البيت المُزَيَّن بالأثاث و الفرش فإن الدخان المتصاعد من النار سيفسد زينة البيت حتى لو تأتي النار على البيت.
- 6. وسائل الشيعة: 20 / 318.