ما حكم تلطيخ السيارة أو باب المنزل او الدكان بدم الذبيحة؟
في الجواب نقول: القربان و هو ذبح الذبائح و الاضاحي قربة إلى الله تعالى عمل مستحب، و هو من مصاديق اعمال الخير حيث يوزع لحم الذبيحة بين الفقراء و المحتاجين في الغالب أو يصرف في صنع الطعام و إطعام الناس و إكرامهم و هو عمل يرضي الله عَزَّ و جَلَّ، لكن يجب أن تكون بنية خالصة.
ما هي النية في ذبح الذبائح و القرابين تحديداً؟
الذبائح و الاضاحي يجب أن تذبح بنية القربة إلى الله عَزَّ و جَلَّ و خالصاً لوجه الله، سواءً في ذلك الواجب منها أو المستحب، و لا يجوز أن تشوبها نية أخرى أو أعمال تخرجها عن الخلوص، قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ 1.
و لقد ورد النهي في أحاديث أهل البيت عليهم السلام من تلطيخ الاشياء بدماء الذبائح 2 ــ كما كان يفعله المشركون في الجاهلية ــ فقد رُوِيَ عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: "كَانَ نَاسٌ يُلَطِّخُونَ رَأْسَ الصَّبِيِّ فِي دَمِ الْعَقِيقَةِ وَ كَانَ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ شِرْكٌ" 3.
القربان و النية الخالصة
من الواضح أن نية صاحب الذبيحة لا بُدَّ و أن تكون خالصة لوجه الله و إلا فلا قبول إلا من المخلص، و مثال ذلك ما حصل لإبني آدم عليه السلام.
قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ 4.
الذبائح المذبوحة لغير الله حرام أكلها
عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ سَمِعْتُ الْجَارُودَ يُحَدِّثُ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ يُقَالُ لَهُ سُحَيْمُ بْنُ أُثَيْلٍ نَافَرَ غَالِباً أَبَا الْفَرَزْدَقِ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يَعْقِرَ 5 هَذَا مِنْ إِبِلِهِ مِائَةً وَ هَذَا مِنْ إِبِلِهِ مِائَةً إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ، فَلَمَّا وَرَدَتِ الْمَاءَ قَامُوا إِلَيْهَا بِالسُّيُوفِ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ عَرَاقِيبَهَا 6، فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى الْحَمِيرَاتِ وَ الْبِغَالِ يُرِيدُونَ اللَّحْمَ، قَالَ وَ عَلِيٌّ عليه السلام بِالْكُوفَةِ.
قَالَ: فَجَاءَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله إِلَيْنَا وَ هُوَ يُنَادِي: "أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِهَا فَإِنَّمَا أُهِلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ" 7.
- 1. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 37، الصفحة: 336.
- 2. أنظر: مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول: 22 / 300، حديث 3، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، المولود باصفهان سنة: 1037، و المتوفى بها سنة: 1110 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية طهران سنة: 1404هجرية.
- 3. الكافي : 6 / 33 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 4. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 27، الصفحة: 112.
- 5. عَقَرَ الحيوانَ: ذَبَحَهُ، و المعاقرة من عادات الجاهلية، و عَاقَرَ فلانًا: سابقَةُ في عَقْرِ الإِبل متظاهرَيْن بالجودِ والسَّخاءِ رياءً وسُمْعَةً، و هو حرام و مما اُهل لغير الله، قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ... ﴾
القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 173، الصفحة: 26. - 6. العراقيب جمع عرقوب، و العُرْقُوبُ من الدَّابةِ: ما يكون في رجْلها بمنزلة الرُّكْبَةِ في يدها، وكلُّ ذي أَرْبع عُرْقوباهُ في رِجْلَيْهِ وركْبتاه في يَدَيه.
- 7. وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 24 / 16 ، للشيخ محمد بن الحسن بن علي الحُر العاملي، المولود سنة: 1033 هجرية بجبل عامل لبنان، و المتوفى سنة: 1104 بمشهد الإمام الرضا و المدفون بها، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة: 1409 هجرية، قم / إيران.