الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الخمسُ ملكٌ لمنصب الإمامة

هل الخمسُ حقٌّ شخصيٌّ للإمام (ع)؟ أو هو حقٌّ لمنصب الإمامة؟ وماهو الدليلُ في كلا الفرضين؟

الجواب:

لا إشكال في أنَّ الخمس حقٌّ للإمام (ع) باعتبار إمامته فليس هو مِن أملاكه بعنوانِه الشخصيِّ وإنَّما هو حقٌّ لمنصبِ الإمامة، ولذلك لا يصحُّ لأولاد الإمام (ع) وورثته أنْ يرثوا ما كان تحت يدِه من أموال الخمس، وهذا هو ما جرتْ عليه سيرةُ أولاد الأئمة (ع) حيثُ إنَّهم لا يعدُّون أموالَ الخمس من ضمنِ التركة وإنَّما تنتقلُ أموالُ الخمس بأجمعِها إلى الإمام الذي يَلِي الإمام السابق.

ويُؤيِّد ذلك ما رواه الصدوق بسندٍ صحيح عن أبي عليِّ بن راشد قال: قلتُ لأبي الحسن الثالث إنَّا نُؤتَى بالشيءِ فيُقال: هذا كان لأبي جعفرٍ (ع) عندنا، فكيف نصنعُ؟ فقال (ع): "ما كان لأبي بسببِ الإمامة فهو لي، وما كان غير ذلك فهو ميراثٌ على كتاب الله وسنِّةِ نبيِّه (ص)"  1.

وأورده الكلينيُّ أيضًا في الكافي 2 بسندٍ صحيح عن أبي عليِّ بن راشد عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام.

وليس من شيءٍ من الأموال تقعُ في أيدي الناس وتكونُ للإمام بسبب الإمامة إلا ما كان من أموال الخمس والأنفال، ولأنَّ الأنفال صارت رقبتها وريعها في أيدي سلاطين الوقت عدوانًا فالمتعيَّن من الأموال المقصودة في الرواية هي أموال الخمس.

كما يُمكن تأييده بما أورده السيد المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه والنعماني في تفسيره بسنده عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) عن أمير المؤمنين (ع) أنَّه قال: "وأمَّا ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا سبحانَه ذلك من خمسة وجوه: وجه الإمارة ووجه العمارة ووجه الإجارة ووجه التجارة ووجه الصدقات، فأمَّا وجه الإمارة فقوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ ... 3 4. فالرواية ظاهرةٌ في أنَّ الخمس مجعول لمنصب الإمارة أي الإمامة.

ثم إنَّه يُمكن أنْ يُستدلَّ على أنَّ الخمس حقٌّ لمنصب الإمامة نسبته بأجمعِه للإمام. فقد ورد في رواياتٍ عديدة نسبته بأجمعه للإمام (ع) وأنَّه بأجمعه حقٌّ للإمام (ع) فمن ذلك ما ورد في خبر محمد بن علي بن شجاع النيسابوري انَّه سأل أبا الحسن الثالث عن رجلٍ أصاب من ضيعته من الحنطة إلى أنْ قال: فوقَّع (عليه السلام): "لي منه الخُمس ممَّا يفضلُ من مؤونته" 5.

ومنه صحيحة عليِّ بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد قلتُ له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقِّك فأعلمتُ مواليك بذلك، فقال لي بعضُهم: وأيُّ شيءٍ حقُّه؟ فلم أدر ما أُجيبُه؟ فقال: يجبُ عليهم الخمس" 6 الحديث.

فنسبة الخُمس بأجمعِه للإمام (ع) في خبر النيسابوري ووصفه بأنَّه بأجمعه حقٌّ للإمام في صحيحة ابن مهزيار فيه دلالة بيِّنة على أنَّ الاصناف الثلاثة اليتامى والمساكين وابن السبيل ليسوا سوى مصرفٍ للخمس وأنَّه بأجمعه للإمام(ع) يصرفُه بحسب تقديره، فلو كان ملكًا شخصيَّاً للإمام لما صحَّ أنْ ينسبه بأجمعِه إلى نفسه.

وكذلك يمكن الإستدلال على أنَّ الخمس حقٌّ لمنصب الإمامة بروايات التحليل بمختلف طوائفها وبقطع النظر عن مقدار ما يقتضيه مدلولها ومقدار ما يقتضيه الجمع بينها فإنَّه لو كانت ملكًا شخصيَّاً لما ساغ التحليل للأسهم الثلاثة أعني سهم اليتامى وسهم المساكين وسهم ابن السبيل.

هذا إجمال الجواب عن المسألة ولعلَّنا نتوفَّق لتفصيلِه فيما بعد.

والحمد لله ربِّ العالمين. 7

  • 1. من لا يحضره الفقيه -الشّيخ الصّدوق- ج2 / ص43.
  • 2. الكافي -الشّيخ الكليني- ج7 / ص59.
  • 3. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 41، الصفحة: 182.
  • 4. وسائل الشّيعة -الحرّ العامليّ- ج9 / ص489-490.
  • 5. الاستبصار -الشيخ الطّوسيّ- ج2 / ص17، تهذيب الأحكام -الشّيخ الطّوسيّ- ج4 / ص16.
  • 6. الاستبصار -الشيخ الطّوسيّ- ج2 / ص55، تهذيب الأحكام -الشّيخ الطّوسيّ- ج4 / ص123.
  • 7. المصدر : موقع سماحة الشيخ محمد صنقور حفظه الله.