حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
- الاختلاف بين المذاهب - الاختلاف العقائدي - الشيعة و السنة - الشيعة و أهل السنة - داعش - الوهابية - تاريخ الوهابية - التشيع البريطاني - التسنن الأمريكي - هدم القبور - هدم قبر الحسين - الوحدة الاسلامية - القضية الفلسطينية - فلسطين - دور الشعوب العربية في تحرير فلسطين - دور العلماء في المجتمع - الامام الخامنئي - السيد علي الخامنئي
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
التشيع البريطاني والتسنن الأمريكي
بعض الاختلافات قومية، وبعضها عرقية، وبعضها لغوية... هذه ليست مهمة. في رأيي، أكثر ما يجب أن نركّز عليه اليوم هو القضية المذهبية، موضوع الشيعة والسنة. يجب ألا ندع الاختلافات في العقيدة والاختلافات المذهبية أن تؤدي إلى التنازع، وينبغي ألا نسمح بذلك. هناك أشياء تسبب النزاع فيجب أن نمنعها، يجب أن نمنعها بجدية. التفتوا! الآن قد دخل السياسيون الأمريكيون والبريطانيون في محافلهم الخاصة إلى نقاش الشيعة والسنة، وهذا أمر خطير للغاية. إنّه خطير جدّاً. هؤلاء الذين هم ضد الإسلام، ولا يضمرون الخير لا للشيعة ولا للسنّة، قد دخلوا نقاش [الشيعة والسنة].
لقد قلت ذات يوم: "التشيع البريطاني والتسنن الأمريكي" 1. ظنّ بعضهم، أي روّجوا ذلك كذباً، أننا عندما نقول التشيّع البريطاني، يعني الشيعي الذي يسكن في بريطانيا. كلا، قد يكون التشيع البريطاني موجوداً في الدول الإسلامية نفسها. [المقصود] الاستلهام من بريطانيا، أي التشيع المُفتعِل للنزاع والتسنن المُفتعِل للنزاع مثل «داعش» والوهابيين وأمثالهم ممن يفتعلون النزاعات... أو التكفيريين الذين [يقولون]: هذا كافر، وذاك كافر. هؤلاء اسمهم مسلمون، وقد يكونون متعبّدين أيضاً بالأحكام الإسلامية الفردية، لكنّهم يتحركون في خدمة العدو.
ذاك الذي يثير الخلافات هو في خدمة العدو، ولا فرق في أي مكانة أو منزلة أو بلد كان. نحن نؤمن بهذا، وإننا نؤمن به بعمق. لقد تصرفنا مع الذين كانوا يجرحون مشاعر الإخوة من أهل السنة ظناً منهم أنهم يناصرون التشيع... لقد تصرّفنا معهم بحزم. يجب أن يصير هذا حالة عامة، وأن يكون هناك إجماع. طبعاً هناك تطرف من الجانبين: في الشيعة هناك متطرفون سواء بسبب معتقداتهم أو أيّ كان، وهناك أيضاً من هم متطرفون في السنة. هناك تطرف، [لكن] ينبغي ألّا نرى تطرّف المتطرفين هذا سبباً في أن نتهم أصل المذهب. [نحن] أنفسنا تصرفنا كذلك.
رأينا أن الوهابيين قد دمروا قبور الأئمة (ع) منذ مئتي عام. ذهبوا إلى كربلاء ودمروا قبر سيد الشهداء (ع). كان الضريح خشبياً فأحرقوه. أشعلوا النار داخل المرقد وأعدّوا القهوة وشربوها! لقد حدث هذا. ذهبوا إلى النجف ولم يتمكنوا من الوصول [إلى الداخل] بسبب المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء الذي كان لديه قوة وحشد الناس والطلبة وغيرهم، كما كان للنجف سور وسياج. لم يتمكنوا من الذهاب إلى النجف، فذهبوا إلى الكوفة، وفي مسجد الكوفة حيث هناك كثيرون ممن هم شيعة، ارتكبوا مجزرة بحقّهم وقتلوهم. لم يدفع هذا علماء الشيعة ووجهاءهم ومراجعهم إلى اتهام السنة. لا، هؤلاء الذين فعلوا ذلك كانوا متطرفين. وفي زماننا «داعش» في العراق على نحو، وفي سوريا على نحو، وحديثاً في أفغانستان على نحو... حتى أنّهم لا يرحمون مدارس الأطفال. ينسفون مدرسة البنات، أو مدرسة البنين، ويفجعون الأُسر بأبنائهم. يفعلون هذه الأشياء لكننا لا نتّهم أهل السنة إطلاقاً. هؤلاء متطرفون. يجب أن يكون هذا الطرف كذلك أيضاً. قد يكون بعضهم متطرفين لكن لا ينبغي لوم المجتمع الشيعي على [هذا] التطرف. يجب أن نبذل الجهود في هذا المجال، وأن يعمل علماء الإسلام.
نحن نتلقى الضربات بسبب هذا التشتّت، ونتعرض للضربات في فلسطين ودول مختلفة. إنّهم يقتلون الناس في فلسطين كل يوم: يقتلون الأطفال الصغار والشباب واليافعين والكبار ويقتادونهم إلى السجن. الآلاف يتعرضون للتعذيب في السجن. هذا حدث ويحدث أمام أعيننا. في ميانمار على نحو، وفي أماكن أخرى على نحو. حسناً، هذه [الأشياء] صعبة، وهي [صعبة] على الأمة الإسلامية؛ ﴿ ... عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ... ﴾ 2. إنها تؤلم النبي (ص). يجب التفكير في هذه الأمور وبذل الجهود من أجلها.
يقول القرآن للنبي (ص): ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ... ﴾ 3. أهل الكتاب ليسوا مسلمين ولكن لدينا وجه مشترك هو التوحيد، لأن التوحيد في كل الأديان. التوحيد أساس الأديان كلها؛ ﴿ ... أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ ... ﴾ 3. يستخدم النبي هذا الوجه المشترك بين الإسلام والأديان الأخرى، أي القرآن يأمره أن يقول: ﴿ ... تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ... ﴾ 3 مع غير المسلمين. حسناً، نحن مسلمون ولدينا هذه الأمور المشتركة كافة: كعبة واحدة، وقبلة واحدة، وصلاة واحدة، وحج واحد، وعبادة واحدة، ونبي واحد، ومحبّة أهل البيت (ع) في العالم الإسلامي كله. هذه أوجه اشتراك بيننا. يجب ألا نتخطى هذه الوجوه المشتركة.
حسناً، بذلنا الجهود حتى الآن. لقد سخّرنا طاقاتنا كلها في هذا المجال حتى الآن وسنسخّرها بعد ذلك أيضاً. لقد دعمنا الإخوة الفلسطينيين الذين هم جميعاً من أهل السنة، وقدّمنا إليهم جوانب الدعم كافة سياسياً وعملياً، وسنواصل الدعم بعد هذا. لا فرق عندنا، فما يهمنا هنا هو الحركة الإسلامية والنظام [الإسلامي]. جبهة المقاومة هذه التي تشكلت اليوم في العالم الإسلامي - بحمد الله - هذه الجبهة محطّ دعمنا، ونحن ندعمها بقدر ما نستطيع. سوف ندعمها بكلّ ما أوتينا من قوّة. إننا نفعل ذلك [حالياً]، وقد فعلناه من قبل.
نرجو أن يهدينا الله المتعالي جميعاً، إن شاء الله، وأن نكون قادرين - إن شاء الله - على المضي قدماً في هذا الطريق، وعلى تحقيق هذه الأمنية العظيمة، التي كانت أمنية لزبدة العالم الإسلامي، وهي حتماً أمنية الروح المطهّرة لرسول الإسلام المكرّم (ص)، أي الوحدة الإسلامية 4 5.
- 1. كلمته في لقاء مسؤولي النظام وضيوف مؤتمر الدولي الـ30 للوحدة الإسلامية في ذكرى مولد الرسول الأكرم (ص) وحفيده الإمام جعفر الصادق (ع)، 17/12/2016.
- 2. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 128، الصفحة: 207.
- 3. a. b. c. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 64، الصفحة: 58.
- 4. مقتبس من كلمة قائد الثورة الإسلامية خلال إستقباله جمع من المشاركين في المؤتمر الدولي الـ36 للوحدة الإسلامية.
- 5. المصدر: موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي دامت بركاته.