حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
هل المعاشرة حقٌّ للزوج مطلقًا
المسألة
شرعا هل من حقِّ الرجل أنْ يعاشر زوجته في أيِّ وقتٍ حتى وإنْ كانت في عذر أو كانت متخاصمة معه وإلا لعنتها الملائكة، وماذا لو كانت هي من أرادته وامتنع عنها، هل يكون مأثومًا؟
الجواب
ليس من حقِّ الزوج على زوجته التمكين له من نفسها إذا كانت معذورة بعذرٍ شرعي كما لو كانت في ظرف الحيض أو النفاس أو كانت صائمة بصوم واجبٍ معين كصوم شهر رمضان أو قضائه إذا تعيَّن أو كانت صائمة بصومِ نذرٍ معينٍ مشروع أو كانت في سفرٍ واجب كسفر الحجِّ الواجب، وكذلك لا حقَّ له في المطالبة بالمعاشرة المنافية لعملها إذا كانت قد اشترطت عليه في متن العقد أن لا يمنعها منه، وكذلك لا حقَّ له في المطالبة بالمعاشرة لو كان ذلك يضرُّ بها أو يشقُّ عليها كما لو كانت مبتلاة بمرضٍ عارضٍ أو مُزمن وتكون المعاشرة موجبة لاشتداده أو إطالة أمدِه أو وقوعها في الأذى والمشقَّة، وكذلك يجوز للزوجة الامتناع عن القبول بالمعاشرة لو كان زوجُها مبتلى بمرضٍ خطيرٍ معدٍ وكانت تخشى على نفسها من انتقاله إليها، فامتناعُها في تمام هذه الفروض وشبهها لا يُعدُّ من النشوز ولا يكون موجبًا للإثم، ولا يُسقِط حقَّها في النفقة والمسكن والعلاج وما أشبه ذلك، وفيما عدا الفروض المذكورة يجب عليها تمكينه من نفسِها لأنَّ ذلك حقٌّ من حقوقه وقد التزمت به حين قبلته زوجًا لها، والتفريط في أداء حقِّ ذي الحق يُعدُّ من الظلم ولذلك تكون مستحقةً للإثم وهذا هو معنى لعن الملائكة فإن الملائكة تلعن كلَّ من يتعدَّى على حقوق الآخرين رجلًا كان أو امرأة إلا أن يتوب و يتجاوز ذو الحق عن حقِّه، وينبغي لكلٍّ من الزوجين أن يتجاوز كلٍّ منهما عن حقِّه للآخر كما حثَّت على ذلك الروايات الواردة عن الرسول (ص) وأهل بيته.
وأما لو أرادت الزوجة من زوجها المعاشرة فيجوز له أنْ يمتنع لو كان معذورًا كما لو كان مريضًا أو منهَكًا أو كانت المعاشرة تضرُّ بعمله، نعم لو كان الامتناع عن الاستجابة لها يوقعها في الحرَج المُفضي لارتكابها للحرام فيجب عليه الاستجابة لها لأنَّها محتبسةٌ عليه فإمَّا أنْ يرفع عنها الحرج بالاستجابة لها أو يُطلَّقها علَّها تجدُ زوجًا يتمكن من أداء حقِّها في ذلك، ولو لم يفعل فلم يستجب لها وحبسها في عهدته فهو مأثوم موزور، ويُؤيد ذلك ما رُوي عن الإمام عن جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (ص) أنَّه نهى أنْ يُشبِع الرجلُ نفسه ويُجيع أهلَه، وقال: كفى بالمرء هلاكًا أن يضيِّع مَن يَعول"1 والمراد من الهلاك هو الإثم المفضي لدخول النار.
وروي كذلك عن أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: مَنْ جَمَعَ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَا يَنْكِحُ فَزَنَى مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَالإِثْمُ عَلَيْه"2.
ومفاد الرواية أنَّ مَن اتَّخذ زوجةً أو زوجات فلم يفِ لها أو لهنَّ بالحقِّ الذي عليه من المعاشرة فوقعتْ أو وقعنَ في الحرام فهو شريكٌ في الإثم 3.