حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
بنو اسرائيل في الكتاب (3)
عقدة الذنب وعقدة الحقارة
لماذا انتهى بنو اسرائيل الى أبشع أنواع العنصرية حيث اعتقدوا أنهم أبناء الله، وأنهم أحباؤه، وأنهم شعب الله المختار؟
سائر الناس حيوانات بشرية
يعتقد اليهود (وتتجلّى هذه العقيدة في الحركة الصهيونية) أنّ الله خلق نوعين من المخلوقات هما: البشر والحيوان. أما البشر فهم بنو اسرائيل - اليهود. وأما الحيوان فينقسم الى قسمين: مَنْ يمشي على رجلين، وهم سائر من يطلقون على أنفسهم إسم البشر بينما هم حيوانات بشرية، والقسم الثاني هو الحيوانات التي تمشي على أربع، أو تزحف على الأرض، أو تسبح في الماء، أو تطير في الهواء. أي كل المخلوقات التي تُصنَّف تحت عنوان: الحيوان.
ويعتقدون أيضاً: أنَّ القسم الاول من الحيوان (أي عامة البشر من غير عنصر اليهود) إنما خُلقوا على شكل البشر لكي يخدموا اليهود، وإن لم يكونوا كذلك فهم لا يستحقون الحياة، لأنَّ الحياة - كما يعتقدون - جعلها الله لأبنائه وأحبّائه، وهم اليهود شعب الله المختار.
والسؤال:
من أين نبعت هذه النظرة العنصرية المشؤومة التي كلَّفت البشرية عبر التاريخ الكثير الكثير من الخسائر والضحايا، والتي يدينها القرآن الكريم بشدة:﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ 1.
يبدو أن هناك عاملان:
الأول: عقدة الذنب التي ورثوها من أبناء يعقوب الذين تآمروا على أخيهم فألقوه في غيابت الجب، لأنَّ أباهم - في تصوّرهم - كان يحبه أكثر منهم، ثم تستروا على جريمتهم بالكذب، وبالإصرار عليه الى أن فضحهم الله تعالى حينما فوجئوا بأخيهم وقد فضّله الله تعالى عليهم بما لم يكونوا يتصورون:﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾ 2.
فالأخ الصغير الذي تخلّصوا منه بالقائه في البئر قد أصبح اليوم يتبوّأ مكانة رفيعة، إذ أصبح ملكاً، وهم - بسبب القحط - عليهم أن يستجدوا طعامعهم منه ويسألوه التصدّق عليهم:﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ﴾ 3.
شعب الله المختار!
هذا الذنب الكبير الذي ارتكبوه وما ترتَّب عليه من آثار نفسية تحول الى عقدة عميقة الجذور في ذريّة أبناء يعقوب (بني اسرائيل) وللتغطية عليها افتعلوا نظرية (شعب الله المختار) وأنهم العنصر المتميِّز في هذه الحياة، وأنّ الله لا يعذبهم يوم القيامة لأنهم الأفضل:﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ 4. ولأنهم أبناء الله:﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ... ﴾ 5 .
الثاني: أما العامل الآخر فهو عقدة الحقارة التي نمت فيهم بسبب القمع الذي لا قوة - فيما بعد - ولحقب عديدة من الفراعنة، وبالذات من فرعون موسى الذي قتَّل أبناءهم، واستعبد رجالهم، واستحيا نساءهم للخدمة ولإشباع غرائزهم الشيطانية.
يفضّلون عبادة الاصنام
هذا العذاب الذي لا قوة من الأقباط (فرعون وقومه) تحوَّل الى شعور عميق بالحقارة، ورغم أن الله تعالى بعث لهم نبياً أنقذهم من العذاب، وأغرق فرعون وقومه، وفضّلهم على العالمين في تلك البرهة الزمنية، إلا أنهم لم يستجيبوا لرسالة الله، بل تولوا إلا قليلاً منهم فتحدّوا نبيَّهم ولم يصغوا اليه، بل طلبوا منه عبادة الأصنام:﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ 6 .
بل عبدوا العجل في غيابه:﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ 7.
ومن بعده قتلوا الانبياء الذين كان يبعثهم الله تباعاً لهدايتهم:﴿ ... أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ 8.
بل تآمروا ضد النبي المرسل من أولي العزم عيسى بن مريم فصلبوه حسب زعمهم وما كانوا صادقين، بل رفعه الله اليه:﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴾ 9 .
كفروا بالنبي المرسل
وبعد بعثة النبي الخاتم محمد (ص) الذي كانوا ينتظرون ظهوره، لأن التوارة كان قد بشَّر به، كفروا به لأنه لم يكن من عنصرهم، بل كان من سائر البشر الذين لم يعترفوا بانسانيّتهم، فكان بنو اسرائيل من أكثر المتآمرين ضد الدين الاسلامي منذ ظهوره، واشتهروا بنقض المواثيق التي كانوا يعقدونها مع المسلمين، وهم الذين نقضوا عهود الله تعالى من قبل:﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ 10.
يقتّلون أتباع الانبياء
وبسبب هاتين العقدتين: (عقدة الذنب) و(عقدة الحقارة) كانوا عبر التاريخ شوكة مؤلمة في طريق البشرية، فاينما حلّوا وارتحلوا كانوا عامل اثارة المشاكل، وارتكاب الجرائم، وايذاء الناس وسلب الأمن منهم.
ودورهم التخريبي الآن في البلاد الاسلامية انطلاقاً من (فلسطين) التي اتخذوها منّصة لإفراغ العقدتين على رأس المسلمين، ما هو إلا استمراراً لنقضهم ميثاق الله، وإن لم يجدوا الآن انبياء يقتلونهم فانهم يقتّلون أتباع الأنبياء، وعلى رأسهم اتباع النبي المصطفي محمد (ص).
- 1. القران الكريم: سورة الجمعة (62)، الآية: 6 و 7، الصفحة: 553.
- 2. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 91، الصفحة: 246.
- 3. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 88، الصفحة: 246.
- 4. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 111، الصفحة: 17.
- 5. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 18، الصفحة: 111.
- 6. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 138، الصفحة: 167.
- 7. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 92، الصفحة: 14.
- 8. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 87، الصفحة: 13.
- 9. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 157، الصفحة: 103.
- 10. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 155، الصفحة: 103.