حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
تفسير سورة البقرة: الايات 1-20
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1 ـ ﴿ ... الم ﴾ 1 هذا اللفظ المركب من حروف الهجاء ونظائره مثل (الر) ، و (حم) وغير ذلك ـ يسمى فواتح السور ، واختلف فيه المفسرون فقيل : هو اسم للسورة. ـ ولكن ورد عن أئمتنا (ع) انه من المتشابهات والمبهمات التي استأثر الله بعلمها ولا يعلم تأويلها غيره.
2 ـ ﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ ... ﴾ 2 إشارة الى القرآن الكريم ﴿ ... لَا رَيْبَ فِيهِ ... ﴾ 2 حيث بلغ الغاية والنهاية في وضوح الدلالة على صدقه ، لأنه المعجزة الإلهية التي تحدى بها سبحانه كل جاحد ومعاند ﴿ ... هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ 2 والهدى هو الدليل المرشد إلى التي هي أقوم ، و «المتقين جمع المتقي ، والمراد بهم هنا الذين يرغبون في طاعة الله ورسوله ، ويعدونها ذخرا ونصرا.
3 ـ ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... ﴾ 3 المراد بهذا الغيب كل ما خفي وغاب عن علم العباد مما نزل على قلب محمد (ص) كالبعث والنشر والجنة والنار وما إلى ذلك مما لا ينكره العقل ، أما ما يرفض العقل السليم فلا يسمى غيبا ، بل أسطورة وخرافة ﴿ ... وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ... ﴾ 3 يحافظون عليها ، ويؤدونها على أصولها ﴿ ... وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ 3 يتصدقون ببعض ما يملكون من المال الحلال الطيّب.
4 ـ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ... ﴾ 4الخطاب لرسول الله (ص) والمعنى : لا بد أن يكون مع الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، الإيمان بنبوتك يا محمد ﴿ ... وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ... ﴾ 4وأيضا لا بد من الإيمان بكل نبي آمنت أنت بنبوته وما أنزل إليه من الوحي ﴿ ... وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ 4 هذا هو الأصل الثالث من أصول الإسلام ، فمن آمن بالله ونبوة محمد ، ولم يؤمن بالآخرة فليس بمسلم ، وكذلك من آمن بالله واليوم الآخر ، ولم يؤمن بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله.
5 ـ ﴿ أُولَٰئِكَ ... ﴾ 5 إشارة إلى الذين اتصفوا بالخصال السابقة النبيلة الفاضلة ﴿ ... عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ... ﴾ 5 أبدا لا هدى إلا هدى الله وحده ، وأهل تلك الخصال الحميدة متمكنون منه ومستقرون عليه ﴿ ... وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 5 كرر سبحانه كلمة أولئك للتنبيه إلى أنهم قد تميزوا عن غيرهم بفضيلتين : الهدى إلى دين الحق والفلاح والظفر بمرضاة الله وثوابه.
6 ـ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ 6 سواء بمعنى الاستواء وهو هنا خبر إن الذين ، والإنذار : التحذير من العذاب ، لما قدم سبحانه ذكر الأتقياء عقّبه بذكر الأشقياء ، وأنهم لا يستجيبون لداعي الله ، وإن بالغ في الوعيد والتهديد.
7 ـ ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ... ﴾ 7 الختم والغشاوة هنا كناية عن أنهم قد بلغوا الغاية القصوى في العناد والمكابرة حتى كأن قلوبهم مقفلة لا ينفذ إليها شيء ، وعلى أبصارهم غطاء لا يرون معه شيئا.
8 ـ ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ 8 ذكر سبحانه أولا الذين آمنوا سرا وعلانية ، ثم ثنى بالذين كفروا كذلك قلبا ولسانا ، ثم ثلّث بالذين أسرّوا الكفر وأعلنوا الإيمان ، وهم المنافقون ، وذنبهم عند الله سبحانه أعظم من ذنب الكفرة الفجرة ...
9 ـ ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... ﴾ 9 إن الله لا يخدع ، ولكن المنافقين صنعوا صنع الخادعين حيث تظاهروا بالإيمان وهم كافرون ، فأمر الله نبيه والصحابة أن يعاملوهم معاملة المسلمين ، وغدا يجري سبحانه معهم حساب المشركين ﴿ ... وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ... ﴾ 9 لأن عاقبة النفاق والخداع تعود عليهم بالضرر لا على غيرهم ﴿ ... وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ 9 بسوء المصير.
10 ـ ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ... ﴾ 10 ومرض القلب هو النفاق والاعتقاد الفاسد والحقد والحسد ونحو ذلك من الرذائل ﴿ ... فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ... ﴾ 10 وذلك بأن المنافقين حسدوا النبي على عظيم مقامه ، فزاده الله عظمة وعلوّا. فازدادوا حسدا على حسد أي مرضا على مرض ﴿ ... وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ 10 فيه إشارة إلى أن الإنسان لا يعذب على مجرد الحسد ما دام في القلب فقط ، وإنما يعذب إذا ظهر للحسد أثر محسوس كالكذب والافتراء على المحسود ونحو ذلك.
11 ـ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ... ﴾ 11 كان المنافقون يتجسّسون على المسلمين ، ويفشون أسرارهم للأعداء ، وإذا نهوا عن هذا الفساد ﴿ ... قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ 11 خالصون من كل عيب ، فإذا بهذا الزعم فساد إلى فساد.
12 ـ ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ 12 لا يرون ما هم فيه من عيوب وعورات.
13 ـ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ ... ﴾ 13 أي صدقوا رسول الله (ص) كما صدّقه إخوانكم وأصحابكم كعبد الله بن سلام وغيره ﴿ ... قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ... ﴾ 13 السفه : خفة الحلم وسخافة العقل ، أما النفاق فهو : فساد العقيدة ﴿ ... أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ... ﴾ 13 أي يجهلون أنهم جاهلون وهذا أبلغ الذم.
14 ـ ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا ... ﴾ 14 كذبا ونفاقا ﴿ ... وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ ... ﴾ 14 وهم رؤساؤهم من أعداء الإسلام والمسلمين ﴿ ... قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ ... ﴾ 14 على الكفر والكره لمحمد (ص) ﴿ ... إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ 14 بالإسلام والمسلمين.
15 ـ ﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ... ﴾ 15 ومعنى استهزائه تعالى الإذلال في الدنيا والعذاب في الآخرة ﴿ ... وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ ... ﴾ 15 يدعهم وشأنهم يتمادون في الغيّ والضلال ﴿ ... يَعْمَهُونَ ﴾ 15 العمه في البصيرة ، والعمى في القلب.
16 ـ ﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ ... ﴾ 16 أحبوا الباطل وآثروه على دين الحقّ ﴿ ... فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ 16 لأن المطلوب في التجارة الربح مع سلامة رأس المال ، والمنافقون أضاعوهما معا ، لأن الهدى عند الله سبحانه هو رأس المال ، وقد ذهب أو بعد عن المنافقين ، وتبعه الربح حيث لا بقاء لفرع بلا أصل.
17 ـ ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي ... ﴾ 17 المراد بذلك هنا الجنس الشامل للجماعة تماما كقوله تعالى : ﴿ ... وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ... ﴾ 18 ـ 69 التوبة» أي الذين خاضوا ﴿ ... اسْتَوْقَدَ نَارًا ... ﴾ 17 أشعلها ﴿ ... فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ... ﴾ 17 امتد ضوؤها إلى الأشياء التي حول من أوقدها ﴿ ... ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ... ﴾ 17 خمدت النار ولا نور يستضيئون به ﴿ ... وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ 17 بقوا متحيّرين متحسرين حيث لا يدرون أين يذهبون؟ وما ذا يفعلون ..؟
18 ـ ﴿ صُمٌّ ... ﴾ 19 لا يسمعون ﴿ ... بُكْمٌ ... ﴾ 19 لا ينطقون ﴿ ... عُمْيٌ ... ﴾ 19 لا يبصرون على سلامة الآذان والألسن والأبصار ، ولكنهم لما رفضوا الاستماع للحق والنطق به والنظر إليه ، أصبحوا كمن فقد هذه الحواس من الأساس ﴿ ... فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ 19 إلى الرشد ، ولا ينتهون عن البغي بعد أن أصبحوا كالصم البكم العمي.
19 ـ ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ ... ﴾ 20 هذا تمثيل آخر لحال المنافقين ، والصيّب مطر ينزل من السماء ﴿ ... فِيهِ ظُلُمَاتٌ ... ﴾ 20 دامسة ﴿ ... وَرَعْدٌ ... ﴾ 20 قاصف ﴿ ... وَبَرْقٌ ... ﴾ 20 خاطف ﴿ ... يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ... ﴾ 20 يقال : صعقته الصاعقة فصعق أي فمات ، والمنافقون دائما في قلق وخوف من كشف حقيقتهم ولا ملجأ لهم تماما كمن أتته الصاعقة فاتقاها بسد أذنيه ﴿ ... وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ 20 كلنا نتقلّب في قبضته جلّت عظمته ، ولا مفرّ منه إلا إليه.
20 ـ ﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ... ﴾ 21 كناية عن شدة الهول ﴿ ... كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ ... ﴾ 21 خطوة أو خطوتين ﴿ ... وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ... ﴾ 21 إذا خفي البرق وقفوا حائرين ﴿ ... وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ... ﴾ 21 لو أراد سبحانه لزاد في قصف الرعد فأصمّهم وفي برق البرق فأعماهم ﴿ ... إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 21 واضح بلا تفسير 22.
- 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 2.
- 2. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 2، الصفحة: 2.
- 3. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 3، الصفحة: 2.
- 4. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 4، الصفحة: 2.
- 5. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 5، الصفحة: 2.
- 6. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 6، الصفحة: 3.
- 7. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 7، الصفحة: 3.
- 8. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 8، الصفحة: 3.
- 9. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 9، الصفحة: 3.
- 10. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 10، الصفحة: 3.
- 11. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 11، الصفحة: 3.
- 12. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 12، الصفحة: 3.
- 13. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 13، الصفحة: 3.
- 14. a. b. c. d. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 14، الصفحة: 3.
- 15. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 15، الصفحة: 3.
- 16. a. b. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 16، الصفحة: 3.
- 17. a. b. c. d. e. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 17، الصفحة: 4.
- 18. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 69، الصفحة: 198.
- 19. a. b. c. d. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 18، الصفحة: 4.
- 20. a. b. c. d. e. f. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 19، الصفحة: 4.
- 21. a. b. c. d. e. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 20، الصفحة: 4.
- 22. المصدر: كتاب التفسير المبين لسماحة العلامة المحقق الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله.