Posted: 16 years ago
Total votes: 609
القراءات: 216510

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

ما هو اول ما نزل على النبي محمد من القران الكريم ؟

البعثة النبوية و نزول القرآن

بُعث محمدٌ ( صلى الله عليه و آله ) نبياً في يوم الإثنين السابع و العشرين من شهر رجب عام : 13 قبل الهجرة 1 ، و اقترنت بعثته بنزول خمس آيات من القرآن ، و هي الآيات الأولى من سورة العلق ، أي : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 2 ، فهذه الآيات هي أول ما أنزله الله عَزَّ و جَلَّ على نبيه المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) من القرآن الكريم .

جاء في تفسير الإمام الحسن العسكري ( عليه السَّلام ) : قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ( عليه السَّلام ) : " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) لَمَّا تَرَكَ التِّجَارَةَ إِلَى الشَّامِ وَ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تِلْكَ التِّجَارَاتِ كَانَ يَغْدُو كُلَّ يَوْمٍ إِلَى حِرَاءَ ، يَصْعَدُهُ وَ يَنْظُرُ مِنْ قُلَلِهِ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ إِلَى أَنْوَاعِ عَجَائِبِ رَحْمَتِهِ وَ بَدَائِعِ حِكْمَتِهِ ، وَ يَنْظُرُ إِلَى أَكْنَافِ السَّمَاءِ وَ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَ الْبِحَارِ وَ الْمَفَاوِزِ وَ الْفَيَافِي فَيَعْتَبِرُ بِتِلْكَ الْآثَارِ وَ يَتَذَكَّرُ بِتِلْكَ الْآيَاتِ وَ يَعْبُدُ اللَّهَ حَقَّ عِبَادَتِهِ ، فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ نَظَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى قَلْبِهِ فَوَجَدَهُ أَفْضَلَ الْقُلُوبِ وَ أَجَلَّهَا وَ أَطْوَعَهَا وَ أَخْشَعَهَا وَ أَخْضَعَهَا ، أَذِنَ لِأَبْوَابِ السَّمَاءِ فَفُتِحَتْ وَ مُحَمَّدٌ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، وَ أَذِنَ لِلْمَلَائِكَةِ فَنَزَلُوا وَ مُحَمَّدٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَ أَمَرَ بِالرَّحْمَةِ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ لَدُنْ سَاقِ الْعَرْشِ إِلَى رَأْسِ مُحَمَّدٍ وَ غُرَّتِهِ ، وَ نَظَرَ إِلَى جَبْرَئِيلَ الرُّوحِ الْأَمِينِ الْمُطَوَّقِ بِالنُّورِ طَاوُسِ الْمَلَائِكَةِ هَبَطَ إِلَيْهِ وَ أَخَذَ بِضَبْعِهِ وَ هَزَّهُ ، وَ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اقْرَأْ .
قَالَ : وَ مَا أَقْرَأُ ؟
قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 2 .
ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ مَا أَوْحَى إِلَيْهِ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْعُلُوِّ ، وَ نَزَلَ مُحَمَّدٌ ( صلى الله عليه و آله ) مِنَ الْجَبَلِ وَ قَدْ غَشِيَهُ مِنْ تَعْظِيمِ جَلَالِ اللَّهِ ، وَ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ كَبِيرِ شَأْنِهِ مَا رَكِبَهُ الْحُمَّى ... " 3 .
وَ رُوِيَ عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 4 ، وَ آخِرُهُ : ﴿ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 5 " 6 .

اقوال اخرى في اولى الآيات النازلة من القرآن

ذكر المحدثون و المفسرون أقوالاً أخرى في الآيات الأولى النازلة من القرآن الكريم على النبي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) نُشير إليها بإختصار :
1 ـ سورة العلق : لأن نبوة الرسول ( صلى الله عليه و آله ) بدأت بنزول ثلاث أو خمس آيات من أول هذه السورة ، و هو ما تحدثنا عنه .
2 ـ سورة المدَّثر : لما رُوِيَ عن إبن سلمة ، قال سألت جابر بن عبد الله الأنصاري ، أيُّ القرآن أنزل قبل ؟
قال : ﴿ ... يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ 7 .
قلت : أو ﴿ ... اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 8 ؟
قال أحدثكم ما حدثنا به رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : " إني جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي ، فنظرت أمامي و خلفي و عن يميني و شمالي ، ثم نظرت إلى السماء فإذا هو ـ يعني جبرائيل ـ فأخذتني رجفة ، فأتيت خديجة ، فأمرتهم فدثَّروني ، فأنزل الله : ﴿ ... يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ 9 10 .
3 ـ سورة الفاتحة : قال الزمخشري : أكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل 11 .
وَ رَوى العلامة الطبرسي (رحمه الله) بإسناده عن الحاكم ، بإسناده عن سعيد بن المسيب ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) أنه قال : " سألت النبي ( صلى الله عليه و آله ) عن ثواب القرآن ، فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء ، فأول ما نزل عليه بمكة فاتحة الكتاب ، ثم اقرأ باسم ربك ، ثم ... " 12 .

الجمع بين الاقوال الثلاثة

قال أستاذنا العلامة المحقق الشيخ محمد هادي معرفة ( رحمه الله ) بعد ذكر الأقوال الثلاثة :
و بعد فلا نرى تنافياً جوهرياً بين الأقوال الثلاثة ، نظراً لأن الآيات الثلاث أو الخمس من أول سورة العلق إنما نزلت تبشيراً بنبوته ( صلى الله عليه و آله ) و هذا إجماع أهل المِلَّة ، ثم بعد فترة جاءته آيات ـ أيضاً ـ من أول سورة المدثِّر ، كما جاء في حديث جابر ثانياً .
أما سورة الفاتحة فهي أولى سورة نزلت بصورة كاملة ، و بسِمَة كونها سورة من القرآن كتاباً سماوياً للمسلمين ، فهي أول قرآن نزل عليه ( صلى الله عليه و آله ) بهذا العنوان الخاص ، و أما آيات غيرها سبقتها نزولاً ، فهي إنما نزلت لغايات أخرى ، و إن سجلت بعدئذ قرآناً ضمن آياته و سوره .
و من هنا صح التعبير عن سورة الحمد بسورة الفاتحة أي أول سورة كاملة نزلت بهذه السمة الخاصة . و هذا الاهتمام البالغ بشأنها في بدء الرسالة ، و إختصاص فرضها في الصلوات جميعاً ، جعلها ـ في الفضيلة ـ عدلاً للقرآن العظيم : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ 13 . فقد امتنَّ الله على رسوله بهذا النزول الخاص تجاه سائر القرآن .
نعم لو إعتبرنا السور بإعتبار مفتتحها فسورة الحمد تقع الخامسة ، كما جاء في رواية جابر بن زيد 14 .

  • 1. تؤكد الروايات الكثيرة المروية عن أهل البيت ( عليهم السلام ) على أن بعثة الرسول ( صلى الله عليه و آله ) كانت في السابع و العشرين من شهر رجب.
  • 2. a. b. القران الكريم : سورة العلق ( 96 ) ، الآيات : 1 - 5 ، الصفحة : 597 .
  • 3. تفسير الإمام الحسن العسكري ( عليه السَّلام ) : 156 ، الطبعة الأولى سنة : 1409 هجرية ، طبعة مدرسة الإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) ، قم / إيران ، و بحار الأنوار : 18 / 205 .
  • 4. القران الكريم : سورة العلق ( 96 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 597 .
  • 5. القران الكريم : سورة النصر ( 110 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 603 .
  • 6. الكافي : 2 / 628 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
  • 7. القران الكريم: سورة المدثر (74)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 575.
  • 8. القران الكريم: سورة العلق (96)، من بداية السورة إلى الآية 1، الصفحة: 597.
  • 9. القران الكريم: سورة المدثر (74)، من بداية السورة إلى الآية 2، الصفحة: 575.
  • 10. صحيح مسلم : 1 / 99 .
  • 11. الكشاف : 4 / 775 .
  • 12. مجمع البيان :
  • 13. القران الكريم : سورة الحجر ( 15 ) ، الآية : 87 ، الصفحة : 266 .
  • 14. التمهيد في علوم القرآن : 1 / 126 ، و الإتقان : 1 / 25 .

3 Comments

خديجة's picture

بسم الله

لكم جزيل الشكر على الموضوع
أول ما انزل من كتاب الله ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾
القراءة لأمة اقرأ

جابر الكرام's picture

سورة العلق

دجاء في ما ذكرتموه ان اول ما نزل هو أول خمس آيات من سورة العلق. فمتى نزلت باقي آيات السورة. انا لا جد في الروايات تطابق مع ما مذكور في سور العلق والمدثر والمزمل الكاملة. فما هو وقت نزول هذه السور كاملة. افيدونا باجابة مفصلة يرحمكم الله