الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مذهب الشيعة سياسي مشبوه خلط بين الحرام والحلال ومبني على الكذب بهدف الوصول الى السلطة !

نص الشبهة: 

قال: مذهب الشيعة دين سياسي مشبوه، خلط بين الحرام والحلال، ومبني على الكذب، حتى يمسك علماؤكم بزمام القوة والسلطة.

Answer: 

والجواب: أن هذا افتراء محض؛ لأن مذهب الشيعة هو أبعد المذاهب عن السياسة، ولذلك كان أتباعه مضطهدين من الخلفاء والسلاطين منذ مئات السنين.
ومن المعلوم أن أغلب البلدان حكامها من أهل السنة حتى لو كانت الأغلبية السكانية للشيعة، والسبب في ذلك هو أن مذهب الشيعة لا يجوز لأتباعه الاستيلاء على السلطة، ولو استولى شخص شيعي على السلطة فإن حكمه لا يكتسب الشرعية بالاستيلاء على الحكم بالقهر والغلبة، ولا بمبايعة الناس، بخلاف مذهب أهل السنة فإنه يجوز لأتباعه أن يستولوا بالقهر والغلبة على السلطة، ويمكن الحاكم أن يكتسب الشرعية لحكمه بمبايعة الناس الخاضعين لحكمه، حتى لو كانت مبايعتهم بغير اختيارهم.
ثم من الواضح أن مذهب أهل السنة يعلم أتباعه الخضوع للحكام الجائرين، ويمنع أتباعه من القيام ضدهم، ويعتبر الحاكم ولي أمر المسلمين، والقيام ضده شق لعصا الطاعة ومفارقة للجماعة، والأحاديث في ذلك كثيرة.
منها: ما أخرجه مسلم في صحيحه 3 / 1476 بسنده عن حذيفة بن اليمان، قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا بِشَرٍّ، فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: نعم. قلت: هل من وراء ذلك الشر خير؟ قال: نعم. قلت: فهل من وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم. قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع.
وأما قولك: (إن مذهب الشيعة مذهب مشبوه) فهذا كلام باطل لا دليل عليه، وكان ينبغي لك أن تأتي بالدليل على دعاويك واتهاماتك، وإلا فلا قيمة لها، وكل شخص قادر على أن يصف المذاهب الأخرى بمثل ذلك، ولئن كان مذهب الشيعة مشبوهاً عندك، فهو غير مشبوه عند من اتبع الدليل، وتجرد عن التعصب والهوى، وخشى الرحمن بالغيب، ولذلك تتابع المفكرون والمثقفون من أهل السنة على التحول من مذهب أهل السنة إلى مذهب الشيعة، حتى ضجَّ من ضجَّ من علماء أهل السنة، محذرين أتباعهم من المد الشيعي، أو الأخطبوط الشيعي كما يسمونه.
والمذاهب المشبوهة هي المذاهب التي تعطي الشرعية لسلاطين الجور وأئمة الضلال، والتي تلقى الدعم المالي وغيره من أولئك السلاطين، وأما مذهب الشيعة الإمامية الذي يحاربه سلاطين الجور ولا يلقى الدعم المالي من أحد فكيف يكون مشبوهاً.
وأما قولك: (خلط بين الحلال والحرام) فهو افتراء كسابقه، ويكفي في وهنه أنك لم تقم دليلا عليه، وأنى لك بالدليل ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا؟
واللازم عليك يا أخي أن تبين لنا ما هو الحلال وما هو الحرام الذي خلطه الشيعة حتى يكون لكلامك قيمة، أما مجرد الادعاء المعمى فلا قيمة له ولا وزن.
وأما قولك: (ومبنى على الكذب حتى يمسك علماؤكم بزمام القوة والسلطة) فهو كلام يضحك الثكلى؛ فإن الشيعة لا شأن لهم بالسلطة كما أوضحناه فيما تقدم، والسلطة قد أمسك بزمامها أهل السنة في كل البلاد الإسلامية، فإن كان الإمساك بزمام السلطة لا يتم إلا بالكذب فالشيعة برآء من كل كذب؛ لأن غيرهم هو الممسك بزمام السلطة.
قال: (جاء في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه.
﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ 1.
والجواب: أن هذا أجنبي عن المقام، ويمكن لكل شخص أن يطبق مضمون هذا الحديث على مخالفيه، ولو شئنا أن نذكر لك أمثلة كثيرة على هذه الشبهات التي وقعتم فيها لطال بنا المقام، ويكفي اختلافكم في رضاع الكبير، وفي الزواج بنية الطلاق، وزواج المسيار، والمسفار، وغيرها، فهلا عملتم بالحديث وتركتم هذه الأنواع من الزواج، أو أن ما تتهمون به غيركم أنتم غارقون فيه؟!
وأما استشهادك بقوله تعالى: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ 1 فهو في غير محله، لأنه كما قلنا يمكن لكل شخص أن يطبق هذه الآية على أتباع المذاهب الأخرى، فإن الكلام معكم ليس في الآية، وإنما في تطبيقها، مع أن هذه الآية لا يراد بها المسلمون كما تظنون أنتم، وإنما يراد بها المنافقون، فإن الآيات السابقة لها كلها واردة في المنافقين، لا في المسلمين، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا * بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا * الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا 2.
ثم قال سبحانه: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ 1.
فهذه الآيات نزلت في المنافقين، ولكن مشكلتكم أنكم لم تفهموا مرادات القرآن، ولم تفهموا معانيه، وبسبب الشحن الطائفي على غيركم من المسلمين، صرتم تطبقون الآيات التي نزلت في الكفار أو في المنافقين على الطوائف الإسلامية الأخرى، وصرتم بذلك تستحلون دماء المسلمين، وانشغلتم بقتل المسلمين عن رد المعتدي الكافر، والحوادث في العراق والباكستان وأفغانستان والجزائر تدل على ذلك.
هذا كله مع الحمل على الصحة، إذا قلنا: إن سبب قتل الشيعة في هذه البلدان هو عدم فهم آيات الكتاب العزيز، وأما إذا كان السبب لذلك هو تنفيذ مخططات الأجنبي، وبث الفرقة بين أتباع المذاهب الإسلامية ليستفيد المحتل من هذا الاختلاف، فعندها يتبين من هو المشبوه ومن هو غير المشبوه؟ 3.

  • 1. a. b. c. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 143، الصفحة: 101.
  • 2. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآيات: 137 - 142، الصفحة: 100.
  • 3. كتب الشيخ آل محسن لهذا السؤال: "تلقينا بعض المسائل من شخص متحامل على مذهب الشيعة، يظهر أنه لم يطلع جيداً على مذهب الشيعة الإمامية، وتلقى ما يثار حول مذهب الشيعة وصدق تلك الأكاذيب من دون تحقيق وتثبت" و قد نشرت هذه الإجابة في الموقع الرسمي لسماحته.