حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
عمر يولي عليا المدينة فكيف يبغضه ؟!
نص الشبهة:
يدعي الشيعة : أن عمر «رضي الله عنه» يبغض علياً «رضي الله عنه» ثم نجد عمر يولي علياً على المدينة عندما خرج لاستلام مفاتيح بيت المقدس ؟! (البداية والنهاية ، (7 / 57) . ) علما بأن علياً «رضي الله عنه » كان سيصبح خليفة على المسلمين في حال تعرض عمر « رضي الله عنه» لأي مكروه! فأي بغض هذا ؟!
Answer:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
ليس الكلام في الحب والبغض
إن الكلام ليس في بغض عمر لعلي « عليه السلام » ، أو عدمه ، وإنما الكلام في قبول عمر لعلي « عليه السلام » إماماً وخليفة منصوباً من قبل رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، أو عدم قبوله بذلك . وقد أثبتت الأحداث أنه لم يرض به ، كذلك ورشح أبا بكر ، ثم تولى هو نفسه هذا المقام بالرغم من أنه كان هو وأبو بكر قد بايعاه يوم الغدير . .
استخلاف عمر لعلي عليه السلام على المدينة
إن الرواية التي تقول : إن عمر حين سار إلى بيت المقدس قد استخلف علياً على المدينة 1 لا يمكن قبولها لما يلي :
1 ـ إن راوي هذه الدعوى هو سيف بن عمر ، المشهور بالكذب والوضع والانحراف عن علي « عليه السلام » ، فلا يمكن الاعتماد على روايته ، ولا سيما فيما يرتبط بعلي « عليه السلام » .
2 ـ قال اليعقوبي : إنه استخلف على المدينة حينئذٍ عثمان بن عفان 2 .
3 ـ قلنا في إجابة على سؤال رقم 36 : إن علياً « عليه السلام » إذا كان لا يرضى حتى أن يسافر مع عمر ، رغم محاولته ذلك ، ولا يرضى بأن يتولى حرب الفرس بالقادسية ، فهل يرضى بتولي المدينة في غياب عمر ؟!
فإن توليه « عليه السلام » لها : يتضمن نوعاً من الإعتراف بشرعية حكومة عمر . ولم يكن علي « عليه السلام » ليسجل ذلك على نفسه ، فإنه كان حريصا على الجهر دائماً بعدم مشروعية خلافتهم تلميحاً وتصريحاً .
كما أنه كان يعرف : أن ذلك يتضمن إنقاصا من قدره ، وتصغيراً لشأنه ، وهو الذي يقول : اللهم عليك بقريش ، فإنهم قطعوا رحمي ، وأكفأوا إنائي ، وصغروا عظيم منزلتي 3 .
وقال في الخطبة الشقشقية عن أهل الشورى : « متى اعترض الريب فِيَّ مع الأول منهم ، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر » ؟! 4 .
4 ـ إن كلام عمر يشير إلى : أنه لم يستخلف علياً « عليه السلام » على المدينة ، فإنه قد أمر الناس بأن يرجعوا إلى علي « عليه السلام » في الأمور المشكلة ، حيث قال لهم :
« وهذا علي بن أبي طالب « رضي الله عنه » بالمدينة ، فانظروا إذا حزبكم أمر عليكم به ، واحتكموا إليه في أموركم . . » 5 .
فلو كان قد ولاه عليهم ، فإنهم سيرجعون إليه في جميع أمورهم . . وأما الأمور التي تنزل بهم ، فإن والي المدينة سوف يتصدى لها بصورة طبيعية ، وهذا من أوليات ما يطلب منه ، ويجب عليه مواج هته بالحلول الناجعة ، والعلاجات الصحيحة ، فإن أشكل عليه الأمر ، فإنه يستعين بعلي « عليه السلام » أو بغيره . .
فما أمرهم به عمر تجاه علي « عليه السلام » لا يتنافى مع تولية عثمان على المدينة . . وقد كان علي « عليه السلام » حلّال المشاكل لهم جميعاً . . كما يعلم بالمراجعة .
5 ـ لقد رفض علي « عليه السلام » طلب عمر بأن يتولى حرب الفرس كما ذكره البلاذري والمسعودي 6 .
وقد نصح عمر أبا بكر بأن يصرف النظر عن الطلب من علي « عليه السلام » بأن يتولى قتال الأشعث بن قيس ، لأنه يتوقع أن يرفض « عليه السلام » طلبه 7 .
6 ـ إن عمر قد شكى إلى ابن عباس في الشام علياً « عليه السلام » ، فقال : « أشكو إليك ابن عمك ، سألته أن يخرج معي فلم يفعل » 8 .
7 ـ حتى لو فرضنا جدلاً أن عمر قد ولَّى علياً « عليه السلام » على المدينة ، فذلك لا يدلُّ على محبة عمر لعلي « عليه السلام » ، إذ لعل عمر رأى أن من مصلحته أن يرى الناس علياً « عليه السلام » والياً من قبله ، فإن ذلك لصالحه ، حيث يمكن ادعاء أنه يمثل اعترافاً من علي « عليه السلام » بشرعية خلافة عمر ، ولعل ذلك من أهم ما كان يسعى عمر إلى تحقيقه في حياته .
8 ـ من الذي قال : إن تولية علي « عليه السلام » على المدينة سوف تنتهي بإستخلافه لو أن مكروهاً أصاب عمر بن الخطاب . . فلعل عمر سيبادر إلى وضع صيغة الشورى التي يستحيل أن تأتي بعلي « عليه السلام » إلى الخلافة . . تماماً كما فعل حين طعنه أبو لؤلؤة . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 9 .
- 1. تاريخ الأمم والملوك ج 3 ص 608 (وط مؤسسة الأعلمي) ج 6 ص 104 وراجع : شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 8 ص 298 وكنز العمال ج 13 ص 517 وتاريخ مدينة دمشق ج 26 ص 372 والكامل في التاريخ ج 2 ص 500 والبداية والنهاية ج 7 ص 65 .
- 2. تاريخ اليعقوبي (ط سنة 1394 هـ) ج 2 ص 135 و (ط دار صادر) ج 2 ص 147 .
- 3. راجع : نهج البلاغة (بشرح عبده) ج 2 ص 85 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج 4 ص 175 والغارات للثقفي ج 1 ص 308 وج 2 ص 570 و 767 والمسترشد ص 416 وكتاب الأربعين للشيرازي ص 172 و 186 وبحار الأنوار ج 29 ص 605 وج 33 ص 569 والمراجعات ص 390 والنص والإجتهاد ص 444 ونهج السعادة ج 6 ص 327 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 4 ص 103 وج 6 ص 96 وج 9 ص 305 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج 1 ص 134 و (تحقيق الشيري) ج 1 ص 176 .
- 4. نهج البلاغة (بشرح عبده) ج 1 ص 30 .
- 5. الفتوح لابن أعثم ج 1 ص 293 و (ط دار الأضواء) ج 1 ص 225 .
- 6. مروج الذهب ج 2 ص 309 و 310 وفتوح البلدان ص 313 .
- 7. الفتوح لابن أعثم ج 1 ص 72 و (ط دار الأضواء) ج 1 ص 57 .
- 8. شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 78 وبحار الأنوار ج 29 ص 638 وج 30 ص 554 وغاية المرام ج 6 ص 93 والتحفة العسجدية ص 146 و 147 .
- 9. ميزان الحق (شبهات . . و ردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، سنة 1431 هـ ـ 2010 م ، الجزء الأول ، السؤال رقم (36) .