حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
- الحساب - العفو - ثواب العفو - عدالة الله - مظالم العباد - يوم الحساب - يوم القيامة
كيف يحاسب اللهُ الناس في يوم القيامة؟
رَوَى أَبو عُبَيْدَة الْحَذَّاء، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، أنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) قَالَ: "حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) يُحَدِّثُ النَّاسَ".
قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى النَّاسَ مِنْ حُفَرِهِمْ عُزْلًا 1 بُهْماً 2 ، جُرْداً مُرْداً 3 فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يَسُوقُهُمُ النُّورُ وَ تَجْمَعُهُمُ الظُّلْمَةُ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى عَقَبَةِ الْمَحْشَرِ، فَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ يَزْدَحِمُونَ دُونَهَا، فَيُمْنَعُونَ مِنَ الْمُضِيِّ، فَتَشْتَدُّ أَنْفَاسُهُمْ، وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ، وَ تَضِيقُ بِهِمْ أُمُورُهُمْ، وَ يَشْتَدُّ ضَجِيجُهُمْ، وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ.
قَالَ: وَ هُوَ أَوَّلُ هَوْلٍ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فِي ظِلَالٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَيَأْمُرُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَيُنَادِي فِيهِمْ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ أَنْصِتُوا وَ اسْتَمِعُوا مُنَادِيَ الْجَبَّارِ.
قَالَ: فَيَسْمَعُ آخِرُهُمْ كَمَا يَسْمَعُ أَوَّلُهُمْ.
قَالَ: فَتَنْكَسِرُ أَصْوَاتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، وَ تَخْشَعُ أَبْصَارُهُمْ، وَ تَضْطَرِبُ فَرَائِصُهُمْ، وَ تَفْزَعُ قُلُوبُهُمْ، وَ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَى نَاحِيَةِ الصَّوْتِ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ.
قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: ﴿ ... هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ 4.
قَالَ: فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَكَمُ الْعَدْلُ عَلَيْهِمْ، فَيَقُولُ: أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُورُ، الْيَوْمَ أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِي وَ قِسْطِي، لَا يُظْلَمُ الْيَوْمَ عِنْدِي أَحَدٌ، الْيَوْمَ آخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ بِحَقِّهِ، وَ لِصَاحِبِ الْمَظْلِمَةِ بِالْمَظْلِمَةِ بِالْقِصَاصِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَ السَّيِّئَاتِ، وَ أُثِيبُ عَلَى الْهِبَاتِ، وَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ الْعَقَبَةَ الْيَوْمَ عِنْدِي ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ إِلَّا مَظْلِمَةً يَهَبُهَا صَاحِبُهَا وَ أُثِيبُهُ عَلَيْهَا وَ آخُذُ لَهُ بِهَا عِنْدَ الْحِسَابِ، فَتَلَازَمُوا أَيُّهَا الْخَلَائِقُ وَ اطْلُبُوا مَظَالِمَكُمْ عِنْدَ مَنْ ظَلَمَكُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ وَ كَفَى بِي شَهِيداً.
قَالَ: فَيَتَعَارَفُونَ وَ يَتَلَازَمُونَ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ أَوْ حَقٌّ إِلَّا لَزِمَهُ بِهَا.
قَالَ: فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَيَشْتَدُّ حَالُهُمْ، وَ يَكْثُرُ عَرَقُهُمْ، وَ يَشْتَدُّ غَمُّهُمْ، وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ بِضَجِيجٍ شَدِيدٍ، فَيَتَمَنَّوْنَ الْمَخْلَصَ مِنْهُ بِتَرْكِ مَظَالِمِهِمْ لِأَهْلِهَا.
قَالَ: وَ يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى جَهْدِهِمْ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُسْمِعُ آخِرَهُمْ كَمَا يُسْمِعُ أَوَّلَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ أَنْصِتُوا لِدَاعِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ اسْمَعُوا، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ [لَكُمْ]: أَنَا الْوَهَّابُ إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَوَاهَبُوا فَتَوَاهَبُوا، وَ إِنْ لَمْ تَوَاهَبُوا أَخَذْتُ لَكُمْ بِمَظَالِمِكُمْ.
قَالَ: فَيَفْرَحُونَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ جَهْدِهِمْ وَ ضِيقِ مَسْلَكِهِمْ وَ تَزَاحُمِهِمْ.
قَالَ: فَيَهَبُ بَعْضُهُمْ مَظَالِمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ، وَ يَبْقَى بَعْضُهُمْ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَظَالِمُنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَهَبَهَا.
قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ: أَيْنَ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ جِنَانِ الْفِرْدَوْسِ؟
قَالَ: فَيَأْمُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُطْلِعَ مِنَ الْفِرْدَوْسِ قَصْراً مِنْ فِضَّةٍ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ وَ الْخَدَمِ.
قَالَ: فَيُطْلِعُهُ عَلَيْهِمْ فِي حِفَافَةِ الْقَصْرِ الْوَصَائِفُ وَ الْخَدَمُ.
قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَانْظُرُوا إِلَى هَذَا الْقَصْرِ.
قَالَ: فَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ فَكُلُّهُمْ يَتَمَنَّاهُ.
قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ هَذَا لِكُلِّ مَنْ عَفَا عَنْ مُؤْمِنٍ.
قَالَ: فَيَعْفُونَ كُلُّهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ.
قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَا يَجُوزُ إِلَى جَنَّتِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ، وَ لَا يَجُوزُ إِلَى نَارِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ وَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى يَأْخُذَهَا مِنْهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، أَيُّهَا الْخَلَائِقُ اسْتَعِدُّوا لِلْحِسَابِ.
قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُمْ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْعَقَبَةِ، يَكْرُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْصَةِ، وَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، قَدْ نُشِرَتِ الدَّوَاوِينُ، وَ نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَ أُحْضِرَ النَّبِيُّونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ هُمُ الْأَئِمَّةُ، يَشْهَدُ كُلُّ إِمَامٍ عَلَى أَهْلِ عَالَمِهِ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ دَعَاهُمْ إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ".
قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْكَافِرِ مَظْلِمَةٌ، أَيَّ شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنَ الْكَافِرِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟!
قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ): "يُطْرَحُ عَنِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَى الْكَافِرِ، فَيُعَذَّبُ الْكَافِرُ بِهَا مَعَ عَذَابِهِ بِكُفْرِهِ عَذَاباً بِقَدْرِ مَا لِلْمُسْلِمِ قِبَلَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ".
قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: فَإِذَا كَانَتِ الْمَظْلِمَةُ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَيْفَ تُؤْخَذُ مَظْلِمَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِ؟
قَالَ: "يُؤْخَذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ حَقِّ الْمَظْلُومِ فَتُزَادُ عَلَى حَسَنَاتِ الْمَظْلُومِ".
قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ؟
قَالَ: "إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ فَإِنَّ لِلْمَظْلُومِ سَيِّئَاتٍ، يُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَتُزَادُ عَلَى سَيِّئَاتِ الظَّالِمِ" 5 .
- 1. عُزْلًا: أي جردا لا شعر لهم مجمع البحرين: 5 / 423 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
- 2. يعني ليس فيهم من العاهات و الأعراض التي تكون في الدنيا ، كالعور و العرج، مجمع البحرين: 6 / 20.
- 3. جُرْداً مُرْداً: أي لا شعر لهم.
- 4. القران الكريم : سورة القمر ( 54 ) ، الآية : 8 ، الصفحة : 529 .
- 5. الكافي : 8 / 104 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
1 Comment
دين اسلامي
Submitted by sojood on
اتمنى ان يكون في المره القدمة شرح افضل من هذا الشرح لان هذا الشرح غير واضح.
شكرا جزيلا