وبدأت نسائم الأربعين تنشر عبقها لعشّاق زوّار الإمام الحسين ، تلك الزيارة المليونية التي ليس لها نظيرٌ في تاريخ البشرية، والتي عدّها إمامنا الحسن العسكري علامة من علامات المؤمن الخمس، والمتأمل في هذه الزيارة العظيمة تنكشف له تجلّيات آيات القرآن الحكيم فيها.
قوّة أشبه بأن تكون لا إرادية تشدّك للمشاركة والحضور لإحياء عاشوراء الحسين ، فلا تكاد تستطيع أن تتجاهل هذا الموسم العظيم، أو أن يكون أمراً ثانوياً في برنامجك اليومي. وأعتقد يقيناً أن كلَّ من يؤمن بالإمام الحسين وثورته العظيمة يجد نفسه ملزماً، وبلا اختيارٍ منه، أن يشارك الجماهير المؤمنة في إحياء هذه الذكرى الأليمة.
من الخطباء من إذا حضرت لديه تفاعلت نفسك عاطفياً، وذرفت دموعك من أماقيها، وهاجت عبرتك، ليطهُر قلبك، وتصفو نفسك، فالبكاء على الإمام الحسين غالي وثمين، وآثاره على النفس لا حصر لها حين يكون ذلك البكاء نابعاً من قلبٍ طاهرٍ ونقي. ولا يخلوا مجلس هؤلاء الخطباء من موعظةٍ أو حديث في السيرة الحسينية أو مراجعةٍ لمسألةٍ شرعية مما يجعلها مجالس للذكر والإحياء والبكاء في آنٍ واحد.
عندما نتأمل في التاريخ الإسلامي بعد واقعة كربلاء الأليمة نجد أن العديد من الثورات ضد الحكم الأموي وبعدها ضد الحكم العباسي قد انطلقت بشعار: يا لثارات الحسين عليه السلام. وبغض النظر عن تقييم تلك الثورات، ينتابني سؤال مهم: هل كان الإمام الحسين عليه السلام ثائراً؟
للإجابة على هذا السؤال المهم والحساس أستعرض ثلاث خصالٍ أساسية إذا اجتمعت فيك في كلِّ دورٍ تؤديه في حياتك، فثق تماماً بأنك قد بلغت تلك المرتبة من الوعي؛ وإلا فعليك أن تبذل قُصارى جهدك لبلوغ تلك المرتبة السامية.
تواجه العلاقة الزوجية في عصرنا الحاضر خطراً شديداً من جهةٍ لا يُتوقع أن يصدر منها مثل هذا الخطر، إن هذا الخطر المؤزّم والمفكك للعلاقة الزوجية يعود إلى لغة الخطاب الديني غير الواعي الذي يُقدَّم بطريقة غير مقصودة من قبل بعض أئمة المساجد، والخطباء من الرجال والنساء.
عندما يكون هناك حدثٌ عالمي خطيرٌ للغاية، يتسبب في إرباك العالم أجمع، ويبعث الخوف والهلع في النفوس، يظهر من هناك وهناك أشخاصٌ يسقطون هذا الحدث على علامات الظهور الشريف لمولانا صاحب العصر والزمان.
عندما يكون الدم رخيصاً، وإراقته أمراً يسيراً، فعلى الأمة السلام. فحين سالت دماءٌ زاكياتٌ في أرض كربلاء المقدّسة بدأت الأمة مسيرة التخلف إلى أن وصل بها الحال إلى ما هو عليه واقعها اليوم. والعجب كل العجب أن تجد العالم العربي اليوم قد تلوّنت صفحاته بالدماء، وما يزيد الأمر غرابةً وتعجباً أن تُراق هذه الدماء من قبل جهاتٍ في داخل الوطن العربي، وليست من خارجه، فبعد أن استيقظ العالم الغربي لخطورة الحروب وإراقة الدماء فيما بينهم، فاستبدلوا تلك الحقبة بمزيد من الجهد في التنمية وتطوير الكفاءات الداخلية وبناء الدولة الديمقراطية، قام العالم العربي باستيراد تلك البضاعة منتهية الصلاحية.