ذكر في هدية الزائر أنّها أفضل مِن الليلتين السابقتين ويستفاد مِن أحاديث كثيرة أنّها هِيَ لَيلَة القَدر وهي ليلة الجهني وفيها يقدر كُل امر حكيم ولهذه اللّيلة عدة أعمال خاصّة سوى الاعمال الَّتي تشارك فيها الليلتين الماضيتين :
الأول : أن يتسحّر فلا يدع السحور ولو على حشفة تمر أو جرعة مِن الماء ؛ وأَفضَل السحور السويق والتمر ، وفي الحديث : أن الله وملائكته يصلونَ عَلى المستغفرين والمتسحّرينَ بالاسحار . الثاني : أن يقرأ عِندَ السحور سورة إِنا أنزلناهُ ، فَفي الحديثِ : مامِن مؤمَن صام فقرأ إنّا أنزلناه في لَيلَة القَدر عِندَ سحوره وعِندَ إفطاره إِلاّ كانَ فيما بينهما كالمتشحط بدمه في سبيل الله .
روى الصدوق وبسند مُعتبر عَن الرّضا عليهالسلام عَن آبائِه عَن أمير المُؤمنين عَليهِ وعلى أولاده السَّلام ، قالَ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خطبنا ذات يَوم فقالَ :
أيها النّاس إنّه قَدْ أقبل إليكم شَهرُ الله بالبركةِ والرحمة والمغفرة شَهر هُوَ عِندَ الله أفَضل الشهور وأيامه أفضلُ الأيام ولياليهِ أفَضل الليالي وساعاته أفَضل الساعات...
واعلم أنّ ما ورد في هذا الشهر الشريف من الاعمال نوعان : أعمال عامّة تؤتى في جميع الشهر ، وأعمال خاصّة تخصّ أيّاما أو ليالي خاصّة منه ، والاعمال العامّة هي ما يلي : الأول : أن يقول في كل يوم سبعين مرة : اسْتَغْفِرُ الله وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ. الثاني : أن يستغفر كل يوم سبعين مرة قائلاً : أسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الحَيُّ القَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.
اعلم أنّ شهر شعبان شهر شريف وهو منسوب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان صلىاللهعليهوآله يصوم هذا الشهر ويوصل صيامه بشهر رمضان ، وكان صلىاللهعليهوآله يقول: شعبان شهري من صام يوما من شهري وجبت له الجنة.
قال الشيخ في (المصباح) : روي عن أبي جعفر الجواد عليهالسلام قال إنّ في رجب ليلة هي خير للناس مما طلعت عليه الشمس ، وهي ليلة السابع والعشرين منه نُبِّيَ رسول الله صلىاللهعليهوآله في صبيحتها ، وإنّ للعامل فيها من شيعتنا مثل أجر عمل ستين سنة. قيل : وما العمل فيها؟
وهي عديدة نقتصر منها على أمور : الأول : الغسل قبل الخروج لسفر الزيارة 1. الثاني : أن يتجنب في الطريق التكلم باللغو والخصام والجدال. الثالث : أن يغتسل لزيارة الأئمة عليهمالسلام 2 وأن يدعو بالماثورة من دعواته. وستذكر في أول زيارة الوارث.
إعلم أنه يستحب أن يصلّى في كل ليلة من الليالي البيض من هذه الأشهر الثلاثة : رجب وشعبان ورمضان الليلة الثالثة عشرة منها ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة يَّس وتبارك والملك والتوحيد ، ويصلى مثلها أربع ركعات بسلامين في الليلة الرابعة عشرة...
اليوم الأول من رجب وهو يوم شريف وفيه أعمال : الأول : الصيام ، وقد روى أنّ نوحا عليهالسلام كان قد ركب سفينته في هذا اليوم فأمر من معه ان يصوموه. ومن صام هذا اليوم تباعدت عنه النار مسير سنة. الثاني : الغسل.
اليوم الرابع والعشرون من شهر ذي الحجة هو يوم المباهلة على الأشهر باهل فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله نصارى نجران وقد اكتسى بعبائة وأدخل معه تحت الكساء عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهالسلام وقال : اللهم إنه قد كان لكل نبي من الأنبياء أهل بيت هم أخص الخلق إليه اللهم وهؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فهبط جبرائيل بآية التطهير في شأنهم ثم خرج النبي صلىاللهعليهوآله بهم عليهمالسلام للمباهلة فلما ابصرهم النصارى ورأوا منهم الصدق وشاهدوا إمارات العذاب لم يجرأوا على المباهلة فطلبوا المصالحة وقبلوا الجزية عليهم.
وهو أحد الأيام الأَرْبعة التي خصت بالصيام بين أيام السنة.
وروى : أن صيامه يعدل صيام سبعين سنة ، وهو كفارة لذنوب سبعين سنة ، على رواية أخرى ، ومن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مائة سنة ويستغفر لمن صامه كل شي بين السماء والأَرْض وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى ، وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل 1.
1. الاقبال 2 / 26 و 27 فصل 12 من باب 2 مع اختلاف في الالفاظ عن امير المومنين وعن رسول الله صلوات الله عليهما وعلى آلهما.