انتحى الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ناحية يصلّي لله في صفّين، و الحرب قائمة على أشدّها، و حين افتقده أصحابه اضطربوا، و كسروا جفون أسيافهم، و آلوا أن لا يغمدوها حتّى يشاهدوا الإمام، و لمّا وجده الأشتر قائما للصّلاة انتظره حتّى فرغ منها، و قال له: أفي مثل هذه السّاعة؟!

فكشف لهم الغطاء ـ بإذن الله ـ و رأوا منازلهم و حورهم و قصورهم.
فقال لهم الحسين: يا قوم إني غداً أقتل و تقتلون كلكم معي، و لا يبقى منكم واحد.

"إنّ اللّه عرض عليكم الدنيا و الآخرة، فاخترتم الآخرة على الدنيا، و المؤمن ضيف على الكافر في هذه الدنيا.

عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام:‏ لَمَّا حَضَرَتْ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليه السلام الْوَفَاةُ ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِي: "أَيْ بُنَيَّ، أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَانِي بِهِ أَبِي حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، ــ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ عليه السلام أَوْصَاهُ بِهِ ــ أَيْ بُنَيَّ اصْبِرْ عَلَى الْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً‏"‏.

فَقَالَ صلى الله عليه و آله: "إِنَّ أَهْلَ الْجُوعِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الشِّبَعِ فِي الْآخِرَةِ، وَ إِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَّخِمُونَ‏ الْمِلَاءُ.

وَ قَالَ: "أَمَا إِنِّي لَا أُحَرِّمُهُ، وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ، وَ مَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ، وَ مَنِ اقْتَصَدَ أَغْنَاهُ اللَّهُ ،وَ مَنْ بَذَّرَ أَفْقَرَهُ اللَّهُ، وَ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّهِ أَحَبَّهُ اللَّهُ‏".

رَوى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْتَقَى هُوَ وَ مُعَاوِيَةُ بِصِفِّينَ فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ يُسْمِعُ أَصْحَابَهُ: "وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ مُعَاوِيَةَ وَ أَصْحَابَهُ" ، ثُمَّ يَقُولُ فِي آخِرِ قَوْلِهِ: "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" يَخْفِضُ بِهَا صَوْتَهُ ، وَ كُنْتُ قَرِيباً مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ حَلَفْتَ عَلَى مَا فَعَلْتَ ثُمَّ اسْتَثْنَيْتَ، فَمَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ ؟

عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ 1 فَلَمَّا رَآنِي سَبَّنِي وَ سَبَّ الْبَاقِرَ عليه السلام، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "الْمَرْءُ يَتَغَيَّرُ فِي ثَلَاثٍ: الْقُرْبِ مِنَ الْمُلُوكِ وَ الْوِلَايَاتِ، وَ الْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي هَذِهِ فَهُوَ ذُو عَقْلٍ قَوِيمٍ وَ خُلُقٍ مُسْتَقِيمٍ" 1.