قد اتخذ معاوية و غيره من الحاكمين الأمويين من الإسلام طلاء خفيفاً يسترون به نزعاتهم الجاهلية التي كانوا يعملون لإحيائها و تحوير الإسلام إلى مؤسسة تخدم مصالحهم و أهوائهم و كان المجتمع الإسلامي يتململ تحت وطأة الظلم و الاضطهاد الذي عبرت عنه مواقف حجر عن عدي و عمرو بن الحمق الخزاعي و أصحابهما الذين قاوموا ظلم معاوية و أنصاره، و لكن تلك المقاومة لم تأخذ مداها و لم تضع حداً لتصرفات الحاكمين و جورهم.
و بلا شك فان الإمام أبا محمد الحسن لم يكن يتهيب الشهادة لو كانت تخدم المصلحة العامة و تعدُّ المجتمع الإسلامي إعداداً سليما للثورة و التضحية بكل شيء في سبيل المبدأ و العقيدة كما فعلت ثورة الحسين في حينها التي قدمت للإنسان المسلم نمطاً جديداً من الثوار لا يستسلم للضغوط مهما بلغ حجمها و لا يسام على انسانيته و دينه و مبدأه مهماً كانت التضحيات ، و لم يكن الحسين أقل إدراكاً لواقع المجتمع العراقي من أخيه الحسن ، فقد رأى من خيانته و تخاذله و استسلامه للضغوط مثل ما رأى اخوه و أبوه من قبله لذلك كله.
يعرض هذا الكتاب صوراً عن مواقف الحسين ( عليه السَّلام ) من الحاكمين قبل ثورته و أهداف الثورة بعد أن وجد لها المناخ المناسب ، كما يقدم صوراً عن بطولات العقيلة زينب بنت علي و العلويين و الطالبيين و عن حياة العقيلة منذ طفولتها حتى فارقت الدنيا و عن مرقدها و المآتم الحسينية و المراحل التي مرت بها و مواقف الحاكمين منها معتمداً أوثق المصادر و أقربها من المنطق و الواقع لإبراز هذه الجوانب من سيرة أهل البيت على واقعها .