الإسلام دين الحضارة والتقدم والازدهار، والمسلمون الأوائل هم من بنى وأسس وعمل بجد وإخلاص على تشييد تلك الحضارة على الأسس والمبادئ التي جاء بها الذكر الحكيم والنبي (صلى الله عليه وآله) العظيم والصفوة المصطفين من أهل بيته (عليهم السلام)، ونحن إذا ما أصغينا إلى ما صدر عنهم في التعلم والتعليم والتنظيم والعقلانية وحسن التدبير والسعي والجد والمثابرة والعمل والحركة والنشاط والحيوية والتعاون والتكامل وغيرها.. فإننا نجدها كتلة من الحضارة، والاستماع الواعي لها يفجر الطاقات الخيرة في الإنسان ويدفع به نحو التقدم الحضاري البناء، والنمو المتكامل فيها.
لست سلبيًّا حينما قدّمت كلمة الانشطار على كلمة التماسك، ولا أريد أن أنظر إلى واقع أمتنا الإسلامية بعين سوداوية، ولكنها -مع كل أسف- وصف لواقع الحال. وقد عمل المخلصون -علماء ومفكرون ومثقفون وساسة وذوو الرأي والنظر- من أبناء هذه الأمة لإيقاف حالة الانشطار هذه والصيرورة إلى أحسن الأحوال، ولكنهم تفاجؤوا بأن ما يمكن الوصول إليه لا يرقى إلى مستوى التماسك فضلاً عن الاندماج الذي طالما طمحوا إليه وعملوا من أجله.
للأربعين رسالة لا يفقهها إلا بقية السيف في معركة الحق مع الباطل أو السائرين في نهجهم، وهذه الرسالة ترتكز على الشهيد نهجا ورسالة وسلوكا، وما يتبعه من تفاعل وعمل على استمرار النهج وترسيخ الرسالة وفقا للسلوك السليم، مما ينتج الحضور الحي والفاعل للشهيد ونهجه في الأمة، فكما أنه حي عند ربه مرزوق فهو حي حاضر بقيمه ورسالته في الأمة.
لا يوم كيومك يا أبا عبد الله... نعم لا يوم كيومك... فيومك يا سيدي أبكى الكون كله، بكت السماوات والأرضون... والأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون... وحق لمن أراد أن يبكيك أن يقول: لأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ الدُّمُوعِ دَما.
الإصلاح هدف من الأهداف التي دعت إليها الديانات السماوية، وعمل من أجلها الأنبياء والمرسلون والأوصياء على مر التاريخ، فما من نبي جاء إلى قومه إلا وعمل على إصلاح شأنهم وتصحيح حالهم، وإن كلفهم تقديم حياتهم ثمنا لعملية الإصلاح.
من الخطأ أن نعتقد أن الصفات الحميدة والسلوك السوي لا يحتاج إلى تمرين وتدريب وممارسة، فإهمال ذلك وعدم الاهتمام به يحول نمو الأبناء إلى نمو عشوائي وغير منضبط، والمطلوب هو النمو المنظم والمنسجم مع الحالة العمرية لدى الأبناء القدرات الذهنية.
وسقط السبط الشهيد مضرجاً بدمائه على بوغاء كربلاء، وارتفع الرأس الشريف على رأس رمح طويل ليسمع أهل الأرض والسماء بصرخته المدوية.. هل من ناصر ينصرنا.. وعَبرت هذه الصرخة لتتجاوز الزمان والمكان.. والآن وبعد أربعة عشر قرناً لا تجد بقعة من بقاع الأرض تخلو من استجابة لتلك الصرخة: لبيك ياحسين.
البراءة كما الولاية قد دل الدليل عليها، بل يمكن القول بعدم إمكان الفصل بينهما، فمن يرتبط بالدين ونبيه وأئمته ورموزه برباط التولي، لا يمكنه إلا أن يتبرأ من أعداء الدين وقتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء، ومنتهكي حرمات المسلمين.
الإمام الحسين ليس حكرا على فئة، وليس ملكا لمجموعة أو مذهب، وهو علم من أعلام الدين وإمام من أئمة المسلمين، وقد روى المسلمون جميعا في حقه الكثير مما يوجب احترامه وتقديره وإتباعه.
والمجتمعات الإسلامية حالها حال بقية المجتمعات فمتى ما توفرت هذه العوامل الثلاثة مجتمعة أنتجت تقدماً، ومتى ما انعدمت أو نقصت أنتجت تخلفا بحجم النقص أو الانعدام، وهذا يبين لنا سر تقدم المجتمعات الإسلامية في القرون الماضية وتأخرها في هذا الزمان.
الإنتماء إلى الحق والتمظهر به سهل يسير في الظروف الطبيعية، أما الظروف الإستثنائية كالتي يسود فيها منطق القوة وتشرعن فيها أساليب القهر والإذلال كما حدث في الدولة الأموية حيث صدرت الأوامر بقطع الأرزاق والأعناق كمراسيم تشريعية صادرة من رأس السلطة.
كثير من العمليات التغييرية التي تجري في عالم اليوم لا تهدف اسعاد الإنسان ورفع العناء والمشقة عنه وإنما تهدف فيما تهدف إلى التسلط على ثروات وخيرات الإنسان وعقله وإنسانيته، فالتغيير الذي حدث في العراق من قبل الولايات المتحدة لم يأت من أجل الإنسان العراقي أو حتى إنسان الدول المحيطة بالعراق، كيف وقد مدوا طاغية العصر بالعدة والعتاد وشاركوه في كل جرائمه؟ عليه وعليهم لعائن الله إلى أبد الآبدين.