العلامة المجاهد الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي السوري رحمه الله
وإليك نبذة من ترجمة حياتي
كانت ولادتي سنة 1314 هجرية في قرية من القرى التابعة إلى أنطاكية ، تبعد عنها ما يقرب من أربعة فراسخ تدعى (عنصو) وهي قرية جميلة، لطيف هواؤها، عذب ماؤها، تقع بمكان مرتفع، ذات أشجار كثيرة متنوعة، وأكثرها التين والعنب والزيتون، وفيها الجوز واللوز والرمان وغيرها.
وكان فيها شيخ يعلم القرآن والكتابة فقط وذلك للصبيان، فوضعني والدي عنده لأتعلم القرآن والكتابة.
ثم بعد أن انتهيت من القرآن والكتابة ضمني والدي إليه، لأعينه في بعض الأعمال.
ولما بلغت سن الرشد، وقع في نفسي حب أهل العلم والعلماء، فإذا رأيت عالما " قمت في خدمته بحسب وسعي، ثم ألقي في روعي حب طلب العلم، وكان حينئذ شيخ في قرية قرب قريتنا يدعى الشيخ (رجب) وهو من أهل العلم، فبدأت أنا وأخي الشيخ (أحمد) عنده، وبقينا ما يقرب من ثلاث سنين.
ثم انتقلنا إلى أنطاكية ودخلنا المدرسة بواسطة شيخ يدعى الشيخ (نظيف) فأخذنا بالدراسة عنده، وعند والده الشيخ (أحمد أفندي الطويل) وبقينا فيها مدة سبع سنين تقريبا ".
وفي أثناء هذه المدة أتى إلى أنطاكية شيخ عالم جليل يدعى الشيخ (محمد سعيد العرفي) من بلد دير الزور، وكان مبعدا " من قبل الدولة الفرنسية أثناء احتلالها القطر السوري بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى سنة 1919 م، وقد أخذنا عنه أيضا مدة إقامته في أنطاكية.
في الجامع الأزهر
ثم ارتحلنا إلى مصر، وكان السابق إليها أخي، ودخلنا الجامع الأزهر للدراسة، وبعد مدة قليلة تقرب من شهر من دخولنا الجامع الأزهر، أتى الشيخ سعيد المذكور إلى مصر، وحصلت لنا منه بذلك فوائد كثيرة، وقد أخذنا في الجامع جل العلوم عن عدة مشايخ من أعلام مصر.
أساتذتي في الأزهر
1 - العلامة الأكبر الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى.
2 - العلامة الكبير الشيخ محمد أبو طه المهنى.
3 - العلامة الكبير الشيخ رحيم.
وغير هؤلاء من أعاظم مشيخة الأزهر ممن يطول الكلام بذكر أسمائهم.
حصول الشهادة
ولما فرغنا من التحصيل، وحصلت لنا شهادات راقية، وأردنا العودة إلى بلادنا، طلب منا بعض أعلام مصر أن نبقى فيها لنكون مدرسا " بالأزهر، غير أنا وجدنا بلادنا أحوج إلينا من بقائنا في مصر إذ أن مصر بلد العلم والفضيلة، وفيها العلماء الفطاحل، فهم في غني عنا، ولكن بلادنا خالية من العلماء المبرزين إلا قليلا "، سيما في الفقه والتفسير والحديث، كدت لا ترى من يتقنها.
عودتنا إلى البلاد
فعدنا إلى البلاد، وأخذنا نمتهن إمامة الجماعة والجمعة والتدريس والإفتاء والخطابة مدة طويلة، نحو خمسة عشر عاما.
الشيعة هم الناجون
السبب في نجاة هذه الطائفة، هو امتيازها عن سائر الفرق الإسلامية التي جاء بها الحديث المتفق عليه: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة) .
وقد رأينا أن الأمة الإسلامية كلها تأتي بكلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فإن قلنا بنجاة الكل كذبنا الحديث.
وإن قلنا بهلاك الكل أيضا " كذبنا الحديث.
إذن فالفرقة الناجية هي كما قلنا التي أخذت بولاء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، والدليل على نجاتها قيام الأدلة - كتابا " وسنة - الثابتة عند الطرفين .
إذن فلا بد أن تكون هذه الفرقة التي نجت قد امتازت عن سائر الفرق بشئ لم تأخذ به سائر الفرق وهو: الولاء، والبراء.
وقولهم أيضا " بعصمة أئمتهم وساداتهم وقادتهم وشفعائهم.
فبالله عليك أيها القارئ المنصف الكريم المؤمن، أيقال لمثل هؤلاء: كفرة مشركون، مرتدون، مهدوروا الدم ؟ !.
تشيع جماعات معنا
وقد تشيع معي، وكذلك مع أخي، خلق كثير جدا " من إخواننا السنة، من سورية ولبنان وتركيا وغيرها من البلاد، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اشتهار أمرنا
ثم اشتهر أمرنا في البلاد، وذاع وشاع وملأ الأسماع، حتى أخذ الناس يتراكمون علينا، يسألوننا عن السبب الذي دعانا إلى الأخذ بمذهب أهل البيت، مذهب الحق، وترك المذهب الشافعي، وكنا نجيبهم بأن الأدلة قامت لدينا، فمن أراد منكم أن نوضح له المذهب الحق، فليأت إلينا.
مراجعات الناس إلينا
وفي هذه الفترة القصيرة التي هدانا الله تعالى كانوا يأتون إلينا من كل حدب وصوب، من مختلف الطبقات من العلماء والأساتذة، والوجهاء والتجار، والكسبة والموظفين وغيرهم، فكنا نلقي عليهم الحقائق من المصادر الموثوقة من مصادرهم.
فمنهم من يسمع ويقنع ويأخذ بالمذهب (مذهب أهل البيت عليهم السلام) ويرفض مذهبه السابق، ومنهم من يتعصب ويبقى على مذهبه، وعذره جهله وتعصبه مع العلم أنه غير قادر على الدفاع عن مذهبه.
وهكذا طالت بنا الأيام، ونحن دائبون على هذا السبيل، دعاة للتبليغ ولا نزال، وقد كثر المستبصرون في سوريا، بل امتد إلى تركيا. والحمد لله.