الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

هل احتج علي و الزهراء بحديث الغدير ؟!

نص الشبهة: 

تعتقد الشيعة بأن حديث الغدير هو من أقوى الأدلة على أحقية علي [رض] بالخلافة من غيرِهِ . أرجو أن ترشدوني إلى بعض المصادر التاريخية ولو إلى مصدر واحد فقط عند السنة يذكر فيه إن علياً [رض] أو فاطمة [رض] استشهدا بهذا الحديث على أحقيته بالخلافة حيث إن ما وردَ من طرُقِكُم في ذلك لا يُلزِمُنا ، علماً إن جمهور علمائنا من السنة إلا من شذَّ لا ينكرون صدور هذا الحديث وإن كانوا يناقشون في دلالته على ما تدعيه الشيعة .

Answer: 

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .

وبعد . .
قد سألتم عن احتجاج علي أو فاطمة [عليهما السلام] بحديث الغدير ، ونقول في الجواب :
أولاً : إنكم قد ذكرتم بأن جمهور علماء السنة إلا من شذ لا ينكرون صدور هذا الحديث .
فإذا كان الحديث ثابتاً ومعلوماً لدى كل أحد ، وإذا كان النبي [صلى الله عليه وآله] ، قد أورده أمام عشرات الألوف من الناس كما ذكرت الروايات ، فلا تبقى ثمة حاجة إلى الاحتجاج به؟! فإن من يعرف حرمة الكذب ، ويقرأ الآيات في ذلك ، ويسمع تأكيدات الرسول [صلى الله عليه وآله] ، على حرمته .
ومن يعرف حرمة السرقة ، ويقرأ آيات تحريمها صباح مساء ، ومن يعرف وجوب الصلاة ويقرأ ويسمع آيات القرآن ، وكلمات الرسول [صلى الله عليه وآله] ، في الحث عليها ، والدعوة إليها ، فإنه حين يمارس الكذب ، ويقدم على السرقة ، وعلى ترك الصلاة جهاراً نهاراً ، فسيكون الاحتجاج عليه بالآيات والروايات عبثاً ، وبلا فائدة أو عائدة .
وهكذا الحال تماماً بالنسبة لحديث الغدير ، فإن من يأتي بالآلاف من حملة السلاح من بني أسلم ، ويستقوي ، ويهاجم بيت فاطمة [عليها السلام] ، ويضربها ويسقط جنينها ، ويأخذ علياً أمير المؤمنين [عليه السلام] بالقوة للبيعة ، ومن يقول : إن النبي ليهجر وهو على فراش المرض ليمنعه من كتابة كتاب لا تضل الأمة بعده . . إنه يفعل ذلك قبل أن ينبس علي [عليه السلام] ، ولا غيره ببنت شفة ، وقبل أن يجري ذكر الخلافة من أي كان من الناس ، بل يكون هو فقط المبادر لهذا التصعيد كله ، ومن طرف واحد . . مع أنه قد حضر في يوم الغدير ، وسمع أقوال رسول الله [صلى الله عليه وآله] ، وشارك في مجلس البيعة لعلي [عليه السلام] ، في ذلك اليوم ، قبل شهرين ونصف فقط . .
إن من يفعل ذلك ، فإن الاحتجاج لا ينفع معه . . ولن يزيد ذلك الناس معرفة بالحق . . لأن الناس كلهم يعرفون حديث الغدير وسواه ، كما يعرفون صلاتهم وصيامهم . .
ثانياً : إن عدم نقل التاريخ لنا شيئاً من ذلك لا يدل على عدم حصوله منه ومنها [عليهما السلام] ، لاسيما مع الحرص الظاهر على محاربة وطمس كل شيء يؤيد حق علي [عليه السلام] ، بالأمر ويدين خصومه فيما أقدموا عليه . .
وعدم نقل أهل السنة ذلك ، يعد أمراً طبيعياً ، لأن نقلهم له إنما يعني تسجيل إدانة لأناس يريدون تبرئتهم من كل شيء ، كما أنه سوف يحدث خللاً اعتقادياً لو أراد الناس الالتزام بلوازمه . . ولا أحب أن أقول أكثر من هذا . .
ثالثاً : إنه ليس ثمة ما يدل على انحصار الحجية بما نقله محدثو ومؤرخو ، وعلماء أهل السنة ، بحيث يبطل ذلك أقوال ، ونقولات غيرهم . . ومن يدّعي هذا الانحصار يحتاج إلى دليل . .
بل ربما يكون دليل مخالفيهم هو الأقوى . . وذلك لأن هذا التوثيق ، وذاك الرفض مرتكزان إلى حسم الأمر في مسألة الإمامة وفقاً للأدلة الشرعية المتوفرة ، فلا معنى لفرض اتجاه معين في الأخذ بالمصادر والمراجع ، قبل حسم الأمر في تلك المسألة ، لأن هناك من يدّعي أن قضايا الدين لا بد أن تؤخذ من القرآن ، ومن خصوص عترة الرسول [صلى الله عليه وآله] ، فمن خالفهم في شيء ، فإنه يردّ عليه . .
رابعاً : إننا نجد في مصادر أهل السنة العديد من الموارد التي أشير فيها إلى أن علياً [عليه السلام] كان يحتج بحديث الغدير ، ويسعى لحمل الذين حضروا واقعة الغدير على أن يعلنوا للناس بما رأوا وبما سمعوا في ذلك اليوم الأغرّ ، ونذكر من ذلك ، الشواهد التالية :

أ ـ احتجاجات علي (عليه السلام)

حيث إن النصوص قد ذكرت :
1 ـ احتجاجه [عليه السلام] ، بحديث الغدير في يوم الشورى ، حيث قال [عليه السلام] : ولأحتجن عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك ، ثم قال : أنشدكم الله ، أيها النفر جميعاً : أفيكم أحد وحّد الله قبلي؟ قالوا : لا . .
إلى أن قال : فأنشدكم الله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله [صلى الله عليه وآله] : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره . ليبلغ الشاهد الغايب ، غيري؟
قالوا : اللهم لا . . إلخ . . 1 .
وعلى كل حال : فقد ذكروا حديث المناشدة عن الدارقطني وابن مردويه ، وأبي يعلى وغيرهم .
ولنفترض أن بعض رجال أسناد هذا الحديث ضعاف ، فإن ذلك لا يعني كذب الرواية من الأساس كما هو معلوم . لاسيما مع أن مصلحة الرواة هي في خلاف مضمون ما يروونه . .
2 ـ واحتج علي [عليه السلام] ، بهذا الحديث في خلافة عثمان أيضاً . . وذلك في المسجد ، في حلقة كان فيها أكثر من ماءتي رجل . فراجع فرائد السمطين ص123 كما في الغدير ج1 ص163 165 .
3 ـ وحديث مناشدته [عليه السلام] للناس بحديث الغدير يوم الرحبة في سنة 35 للهجرة قد رواه كثير من علماء أهل السنة فراجع الغدير ج1 ص166 ـ 184 تجد عشرات المصادر من كتب أهل السنة .
4 ـ مناشدته به في يوم الجمل كما ذكره الحاكم في المستدرك ج3 ص371 وعن مروج الذهب ج2 ص18 والمناقب للخوارزمي ص112 وغيرهم كما في الغدير ج1 ص186 – 187 . .
5 ـ وحديث الركبان ، راجع فيه الغدير ج1 ص187191.

ب ـ احتجاج الزهراء (عليها السلام)

روى شمس الدين أبو الخير الجزري الدمشقي المقري الشافعي في كتابه أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب ص49 51 قال عن حديث الغدير :
فألطف طريق وقع بهذا الحديث وأغربه ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب المقدسي مشافهة : أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد عبد الرحيم المقدسية ، عن أبي المظفر محمد بن فتيان بن المثنى ، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه ، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد ، أخبرنا والدي وأبو أحمد ابن مطرف المطرفي قالا : حدثنا أبو سعيد الإدريسي إجازة فيما أخرجه في تاريخ استراباد ، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلا عنه ، حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الحلواني ، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد ، حدثنا بكر بن أحمد القسري .
حدثتنا فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر [عليه السلام] ، قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق ، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي ، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين ، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عن أم كلثوم بنت فاطمة عن فاطمة بنت النبي ، رسول الله صلى الله عليه [وآله] ورضي عنها ، قالت : أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه و آله [ يوم غدير خم ، من كنت مولاه فعلي مولاه؟
وقوله صلى الله عليه [وآله] : أنت مني بمنزلة هارون من موسى [عليهما السلام]؟
وهكذا أخرجه الحافظ أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء ، وقال :
هذا الحديث مسلسل من وجه ، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها ، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها 2 3 .

لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:

  • 1. راجع : الغدير ج1 ص159 فما بعدها عن المناقب للخوارزمي الحنفي ص217 وأخرجه الحمويني الشافعي في فرائد السمطين الباب58 وفي الدر النضيد لابن حاتم الشامي ، قال : أنشدكم بالله ، أمنكم من نصّبه رسول الله [صلى الله عليه وآله] ، يوم غدير خم للولاية غيري؟ قالوا : اللهم لا . .
    وراجع أيضاً : شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص61 كما ذكره في الغدير ج1 ص161 .
  • 2. راجع الغدير ج1 ص197 .
  • 3. مختصر مفيد ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الثالثة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، السؤال (157) .

5 Comments