ما هي التورية ؟
معنى التورية
التَوْرِية ليست كذباً أساساً ، و ذلك لأن معنى التوريه لغةً هو : إخفاء الشيء ، من وَرَّى يُوَرِّي تَوْرِيَةً .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ 1 .
و قال عَزَّ من قائل : ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ 2 .
معنى التورية في المصطلح الديني
و أما معنى التورية في المصطلح الديني فهو أن يقول كلاماً يظهر منه معنى يفهمه السامع و لكن يريد منه القائل معنىً آخر ، كأن يقول له ليس معي درهم في جيبي فيُفهم منه أنّه ليس معه أي مال أبداً و يكون مراده أنه لا يملك درهماً لكن يملك ديناراً مثلاً .
و تُعتبر التورية من الحلول الجيدة لتَجَنُّب الحالات الحرجة التي قد يقع الإنسان فيها عندما يسأله أحدٌ عن أمرٍ و هو لا يريد إخباره بالواقع من جهة ، و لا يريد أن يكذب عليه من جهة أخرى .
الامثال العملية للتورية
و الأمثال على التورية كثيرة ، منها ما رُوِيَ عن إبن الجوزي 3 أنه عندما سُئل عن أفضل الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من هو ؟
فأجاب بداهةً : مَنْ بِنْتُهُ في بَيْته .
فتصوَّر السائلون أنه يريد بقوله هذا أبا بكر لأن إبنته عائشة كانت في بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و لكنه كان يقصد علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) لأن بنت الرسول ( صلى الله عليه وآله ) و هي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كانت في بيت علي ( عليه السَّلام ) .
كما يُروى أنه سُئل في مجلس آخر يحضره الموافق و المخالف عن عدد الأئمة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ؟
فقال : أربعةٌ أربعةٌ أربعة .
فظن المخافون أنه أراد التأكيد بتكراره " أربعة " و هو عدد الخلفاء بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و لكنه كان يقصد الجمع من تكراره " أربعة " ثلاث مرات ، أي 4+4+4= 12 الذي هو عدد الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) .
- 1. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 31 ، الصفحة : 112 .
- 2. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 26 ، الصفحة : 153 .
- 3. ابن الجوزي جمال الدين : هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي التيمي البغدادي إمام عصره في الحديث و الوعظ ، نسبته إلى ( مشرعة الجوز ) محلة ببغداد .
كانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة , قضى نحو خمسين سنة في الوعظ و كان مجلسه يغص بالسامعين المستفيدين و بينهم الملوك و الوزراء .
صَنَّفَ مؤلفات في القرآن و الحديث و الفقه و التاريخ و السِيَر و التراجم و التصوف و اللغة , و له أيضا مؤلفات في الطب و الجغرافية و الحساب و النجوم ، عاش 89 عاما .
3 Comments
جزاك الله خيرا
Submitted by امانى نصارى on
جزاك الله خيرا
تعليق على الامثلة
Submitted by محمد عبد الرحيم... on
اما فيما يخص الامثلة التي ضربت لنا من يدريك ان ابن الجوزي يقصد فاطمة فقد يكون مراده عائشة لان المعنى لاينحصر في احد منهما
ثم كيف تتقولون على الرجل بالرغم من ان نسبه يعود لابي بكر الصديق رضي الله عنه وعقيدة عقيدة اهل السنة الاشاعرة
رد على التعليق
Submitted by صالح الكرباسي (... on
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
صحيح أن جواب ابن الجوزي يحتمل الاثنين لكن القرينة المقامية تدل على أن مراده ليس ما يتطابق مع الحالة السادة و الأجواء المستولية ، فلو كان يريد بيان ما هو السائد في ذلك العصر لقال ذلك بصراحة تامة من دون خشية و تورية ، فالموقف هو الحكم .
وفقك الله