مازال الفكر الإسلامي المعاصر يستعيد الحديث عن تلك التجربة الفكرية الشيقة، التي جرت بين أبي حامد الغزالي في كتابه (تهافت الفلاسفة)، وبين ابن رشد في كتابه (تهافت التهافت)، في الفترة ما بين بداية القرن السادس الهجري ونهايته. وقد باتت هذه التجربة تؤرخ لمرحلة فاصلة في تاريخ تطور الفكر الإسلامي، وبالذات من جهة علاقته بالفلسفة، وهي العلاقة التي أثرت على وجهة الفكر الإسلامي العامة، وعلى طبيعة مساراته الفكرية. فأثر ذلك الانقسام والتباين مازالت مفاعيله حاضرة في اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر، فهناك من يتحيز إلى الغزالي، ويصطف إلى جانبه، ويدافع عن موقفه المعارض لنهج الفلاسفة، وهناك أيضاً من يتحيز إلى ابن رشد، ويصطف إلى جانبه، ويدافع عن موقفه المساند لنهج الفلاسفة.