لقد كثر الكلام والجدل حول مسألة التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية ، وافترق الناس في هذه القضية ما بين مؤيد ومعارض ، وما بين ساع إلى التقريب ومعرقل له .
ومع أن قضية التقريب بين أتباع المذاهب ينبغي أن تكون مسألة قد فُرِغ من الاتفاق على ضرورتها ولزوم السعي الدؤوب إليها لِلَمّ شمل الطوائف الإسلامية ، ورأب الصدع الذي فت في عضد الأمة ، وزعزع كيانها ، إلا أن المسلمين ـ مع كثرة ما عقدوا من مؤتمرات التقريب ـ لم يتقدموا في هذا المجال ولا خطوة واحدة ، ولا يزال الاحتقان الطائفي بين الشيعة وأهل السنة مستعراً على كافة الأصعدة .
والمصلحون المخلصون الذين حملوا هموم الأمة ، وتحملوا آلامها ، وسعوا لتحقيق آمالها ، كلما نادوا بالتقريب والتقارب بين فئات المسلمين ، وعملوا جاهدين لرفع كل أسباب التشنج والاحتقان بين الطوائف الإسلامية ، قامت فئات وفئات بإشعال فتيل الطائفية ، وصب الزيت على النار ، وإثارة الخلافات التي مضى عليها أكثر من ألف وثلاثمائة عام ، وإلصاق التهم بأبناء بعض الطوائف الأخرى ، أو إدانة كل الأتباع لجرم اتهم به بعض منهم .
ومن العجيب أن شخصيات إسلامية مثلوا بلادهم ، أو مثلوا بعض الجمعيات أو المنظمات الإسلامية أو غيرها في بعض مؤتمرات التقريب بين أبناء المذاهب الإسلامية ، وهم لا يعتقدون بضرورة التقريب ولا بأهميته ، وتاريخهم يثبت أنهم كانوا من مثيري الفتنة ومن العاملين على عرقلة كل مساعي التقريب ، ولذلك أفشلوا تلك المؤتمرات باتهامهم ظلماً وزوراً لغيرهم بالضلوع في حوادث قتل المدنيين الأبرياء التي حدثت في العراق والباكستان أو غيرهما ، واشتراط تنازل بعض الطوائف عن بعض ثوابتها ، كأساس لقبول التقريب بينهم وبين غيرهم ممن يخالفهم في كثير من المسائل الفقهية والعقدية .