حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
هل حُمل رأس الحسين (ع) إلى الشام؟
نص الشبهة:
شيخنا الجليل هناك مَن يُنكِر أنَّ رأس الحسين (ع) حُمل إلى بلاد الشام ليزيد بن معاوية، ويقول إنَّ ذلك لا أصل له وإنّما هو مِن أراجيف الشيعة، فما هو ردُّكم على ذلك؟
Answer:
ما كنتُ لأتحدَّث حول هذه القضيَّة لولا سؤالُكم، ذلك لأنَّها من الحقائق الواضحة التي لا يَجسرُ على إنكارها مَن يحترم نفسَه ولذلك لم يُنكِر هذا الحدث التاريخي إلاّ شرذمة قليلون أمثال ابن تيميَّة 1، وهم بذلك يُعبِّرون عن حظِّهم مِن العلم والمعرفة بالأخبار والتاريخ أو عن مبلغ ما انطوت عليه نفوسُهم من عُقدٍ وأضغان. وكيف كان فإليك بعضُ ما نصَّ عليه علماءُ السنّة ومؤرِّخوهم دون الشيعة نظراً لعدم قبول هؤلاء المُنكرين لما ترويه الشيعة ولم أُراعِ الترتيب الزمني بين النصوص .
النصُّ الأوّل:
ذكره الإمامُ الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء:
"ولمّا قُتل الحسين (ع) وبنو أبيه بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد فسرَّ بقتلهم أوّلاً ثمَّ ندم لمّا مَقتَه المسلمون على ذلك وأبغضه الناس وحقَّ لهم أنْ يبغضوه" 2.
وتلاحظون أنَّ السيوطي أرسل الخبر إرسال المسلَّمات رغم أنَّ ديدنه التعليق على ما ينقلُه مِن أخبار، ولم يكتفِ بذلك بل أفاد أنَّ المسلمين قد مقتوا يزيداً وأنَّ الناس قد أبغضوه لذلك ممّا يُعبِّر عن اشتهار الأمر بين المسلمين ثمَّ إنّه صحّح ما عليه المسلمون مِن بغْضٍ ومقتٍ ليزيد وأفاد "أنَّ ذلك حقٌّ لهم" 2.، ثمَّ أفاد أنَّ الذي نشأ عنه ندمُ يزيد إنّما هو بغضُ الناس ومقتُهم، له، وهذا معناه أنَّ يزيد لا يرى في قتل الحسين (ع) مِن غضاضة وأنَّ الذي ساءه إنّما هو غضبُ الناس ومقتُهم وذلك يسوء كلَّ سلطان، حيث يطمحُ كلُّ سلطان في رضا الناس عنه وأمّا رضا الله فيطمحُ فيه الأتقياء المؤمنون.
النصُّ الثاني:
ذكره أبو حنيفة بن داوود الدينوري في كتابه الأخبار الطوال:
"ثمّ إنَّ ابن زياد جهَّز عليَّ بن الحسين ومَن كان معه مِن الحرم ووجَّه بهم إلى يزيد بن معاوية مع زجر بن قيس ومحقن بن ثعلبة وشمر بن ذي الجوشن فساروا حتّى قدموا الشام ودخلوا على يزيد بن معاوية بمدينة دمشق وأدخل معهم رأس الحسين فرمى به" 3.
هذا النصّ الذي يذكره الدينوري يُعبِّر عن مستوى الوقاحة التي كان عليها وفد ابن زياد والأقبح مِن ذلك سكوت يزيد وعدم توبيخه لهم وهو يشاهدهم يرمون برأس الحسين (ع) أمامه.
النصُّ الثالث:
ما ذكره ابنُ حجر في كتابه الصواعق المحرقة قال: "ولمَّا أنزل ابن زياد رأس الحسين وأصحابه جهَّزها مع سبايا آل الحسين إلى يزيد فلمَّا وصلت إليه قيل إنَّه ترحّم عليه وتنكَّر لابن زياد وأرسل برأسه وبقيَّة بنيه إلى المدينة، وقال سبطُ بن الجوزي وغيره: المشهور أنّه جمع أهلَ الشام وجعل ينكتُ الرأس بالخيزران، وذهبَ جمعٌ أنّه أظهر الأوّل وأخفى الثاني بقرينة أنّه بالغ في رفعِه ابن زياد حتَّى أدخله على نسائه.
قال ابنُ الجوزي: "وليس العجب إلاّ مِن ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب وحمل آل النبيِّ على أقتاب الجمال موثَّقين في الحبال والنساء مكشَّفات الرؤوس والوجوه وذكر أشياء من قبيح فعله..." 4.
تُلاحظون أنَّ هذا النصَّ صريحٌ في أنَّ حمل الرأس الشريف وسبايا الحسين إلى يزيد في الشام أمر مسلَّم والخلاف إنّما وقع في ردِّة الفعل التي أظهرها يزيد، ثمّ أفاد النصُّ أنَّ المشهور ذهبوا إلى أنَّ يزيد جمع أهلَ الشام وأخذ ينكتُ ثنايا الحسين بالخيزران.
وفي مقابل قول المشهور ثمّة طائفتان الأولى ادَّعت أنَّ يزيد ترحَّم على الحسين وتنكّر لابن زياد، والطائفة الثانية أفادت أنَّه أظهر الترحُّم أمام الناس وأخفى الثاني، أي أنّهم يُسلِّمون أنَّ يزيد نكت ثنايا الحسين بالخيزران إلاّ أنَّ ذلك لم يكن أمام الملأ العامّ، وهذا هو معنى قوله "وأخفى الثاني" لأنَّ الثاني بحسب ترتيب المصنِّف هو قول المشهور، غايته أنَّ القول الثالث يُنكر على المشهور دعوى أنَّه فعل ذلك بعد أنْ جمع أهل الشام.
وبذلك تكون الطائفة الثانية وهي المشهور والثالثة متّفقتان على أنَّ يزيد نكت ثنايا الحسين بالخيزران، والاختلاف بينهما إنَّما هو مِن جهة أنَّ ما فعله يزيد هل كان مِن بعد جمعه لأهل لشام أو أنَّه فعل ذلك في مجلسه الخاصّ وأمام خواصِّ رجاله 4.
ثمّ إنّ الطائفة الثالثة التي تدّعي أنّ يزيد أخفى سوء فعله وأظهر الترحُّم على الحسين (ع) أنكرت على الطائفة الأولى دعوى أنَّ يزيد تنكَّر لابن زياد وأفادت أنَّه لو كان حقّاً قد تنكَّر لابن زياد فلماذا بالغ في رفعة ابن زياد حتّى أدخله على نسائه.
ثمّ إنَّ ابن حجر في نهاية ما نقلناه مِن كلامه 4 أفاد بأنَّ ابن الجوزي تعجَّب مِن ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب ومِن حمل آل النبيِّ (ص) على أقتاب الجمال موثّقين بالحبال.
النصُّ الرابع:
ما ذكره ابنُ حجر أيضاً في الصواعق المحرقة:
"اعلم أنَّ أهل السُنَّة اختلفوا في تكفير يزيد بن معاوية ووليِّ عهده مِن بعده ، فقالت طائفةٌ أنّه كافر لقول سبط بن الجوزي وغيره "المشهور أنّه لمّا جاءه رأسُ الحسين رضي الله عنه جمعَ أهل الشام وجعل ينكتُ رأسه بالخيزران ويُنشد أبيات الزبعرى: ليت أشياخي ببدر شهدوا... الأبيات المعروفة، وزاد فيها بيتَيْن مشتملَيْن على صريح الكفر، وقال ابن الجوزي فيما حكاه سبطه عنه: ليس العجب مِن قتال ابن زياد للحسين وإنّما العجب مِن خذلان يزيد وضربه بالقضيب ثنايا الحسين وحمله آل رسول الله (ص) سبايا على أقتاب الجمال، وذكر أشياء مِن قبيح ما اشتهر عنه ... ثمّ قال: وما كان مقصوده إلاّ الفضيحة وإظهار الرأس، أفيجوز أنْ يُفعل هذا بالخوارج والبغاة يُكفَّنون ويصلَّى عليهم ويُدفنون ولو لم يكن في قلبه أحقاد جاهليّة وأضغان بدريّة لاحترم الرأس لمَّا وصل إليه وكفَّنه ودفنه وأحسن إلى آل رسول الله انتهى" 5... ثمّ إنَّ ابن حجر نقل قول الطائفة الثانية والنافية لكفره ثمّ قال "إنَّ الطريقة الثابتة القويمة في شأنِه التوقُّف فيه وتفويض أمره إلى الله سبحانه وتعالى ، لأنّه العالم بالخفيَّات والمطَّلع على مكتومات السرائر وهواجس الضمائر فلا نتعرَّض لتكفيره أصلاً لأنَّه الأحرى والأسلم وعلى القول بأنَّه مسلم فهو فاسق شرِّيرٌ سكِّيرٌ جائر..." 6.
تُلاحظون أنَّ هذا النصَّ صريحٌ أيضاً في أنَّ حمل الرأس الشريف وسبايا الحسين إلى يزيد في الشام أمرٌ مسلَّم والاختلاف إنَّما وقع بين علماء السُنَّة في كفره وعدم كفره بعد الفراغ عن فسقِه وأنّه شرِّيرٌ سكِّير جائر كما أفاد ابنُ حجر في ذيل ما نقلناه مِن كلامه 6.
والذي يُؤكِّد دعوى التسليم بين علماء السنَّة بحمل الرأس الشريف إلى الشام هو أنَّ الطائفة الثانية والتي نفت كفره استدلَّت على عدم كفره بأنَّ يزيد لمّا رأى رأس الحسين(ع) ترحَّم عليه وأحسن إلى سبايا الحسين (ع) وذلك يُعبِّر عن الفراغ مِن وقوع الحدث وأنَّ رأس الحسين(ع) قد حُمل واقعاً إلى يزيد، إذ لو لم يكن كذلك لتذرَّعت هذه الطائفة بعدم وقوع موجب الكفر أصلاً وأنَّ رأس الحسين (ع) لم يُحمل إلى يزيد، فكيف ينكتُ ثنايا الحسين بالقضيب ويتمثَّل بأبيات تُعبِّر عن الكفر.
فلأنّ هذه الطائفة لم يكن بوسعها إنكار الحدث لذلك تذرَّعت بما قيل وهو خلاف المشهور أنَّ يزيد قد ترحَّم على الحسين (ع) وتنكَّر لابن زياد، وغفلتْ هذه الطائفة أنَّ هذا الدليل لم يكن ينبغي التمسُّك به، وذلك لوضوح فساده، إذ ما معنى أنْ يتنكَّر لابن زياد والحال أنّه استبقاه عاملاً له على عموم العراق 7 وليس على الكوفة وحدها وبالغ في تقريبه، فلو صحَّ ما قيل بأنّه شتمَ ابن زياد فإنَّ ذلك لم يكن إلاّ عن نفاق، إذ لا معنى لشتمه والاستنكار عليه بالقول ثمَّ استبقاءه على ولاية العراق والمبالغة في تقريبه إلاّ ذلك.
وهل يستحقُّ عاملٌ هذا المقدار مِن الإكبار والحال أنّه ارتكب هذه المُوبِقة غير المسبوقة لولا أنَّ يزيد كان متواطئاً معه خصوصاً إذا التفتنا إلى أنَّ يزيد كان قبل قضيَّة الحسين(ع) - واجداً على ابن زياد 8 وقد همَّ بعزله عن البصرة 8 ثمّ لم يكن مِنه إلاّ أنْ أضاف إليه ولاية الكوفة فما حدا ممّا بدا!
ونحن هنا لسنا بصدد استعراض الأدلّة المثبتة لتورُّط يزيد بقتل الحسين، ويمكن لمَن أراد ذلك أنْ يراجع كتابنا قراءة في مقتل الحسين فقد استعرضنا هناك بعض تلك الأدلّة.
النصُّ الخامس:
ما ذكره ابنُ الأثير في كتابه الكامل في التاريخ قال:
"ثمّ أرسل ابنُ زياد رأس الحسين (ع) ورؤوس أصحابه مع زحر بن قيس إلى الشام إلى يزيد ومعه جماعة، وقيل مع شمر وجماعة معه، وأرسل معه النساء والصبيان وفيهم عليُّ بن الحسين ، قد جعل ابنُ زياد الغِلَّ في يديه ورقبته وحملَهم على الأقتاب، فلم يُكلِّمهم عليُّ بن الحسين في الطريق حتّى بلغوا الشام... ثمّ أذِن للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه ومعه قضيبٌ وهو ينكتُ به ثغرَه ثمَّ قال: إنّ هذا وإيّانا كما قال الحصين بن الحمام:
أَبَى قومُنا أنْ يُنصفونا فأنصفت قواضبُ في أيماننا تقطرُ الدما
يُفـلِّقنَ هاماً من رجال أعـزّةٍ عليـنا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
فقال له أبو بُرزة الأسلمي: "أتنكتُ بقضيبِك في ثغرِ الحسين، أما لقد أخذ قضيبُك في ثغره مأخذاً لربّما رأَيْت رسولَ الله (ص) يرشفُه، أما إنَّك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابنُ زياد شفيعك ويجيء هذا ومحمَّدٌ شفيعه" ثمّ قام فولَّى" 9.
تلاحظون أنَّ هذا النصَّ كبقيّة النصوص يؤكّد لنا حمل الرأس الشريف وسبايا الحسين(ع) إلى يزيد في الشام، ويُؤكِّد أنّ يزيد أخذ ينكتُ ثغرَ الحسين(ع) على مرأى مِن الناس بالقضيب وهو يتبختر بقواضبه التي تقطرُ دماً وأنَّها أخذت له النصَف مِن قومٍ أبَوْا أنْ يُنصفوه، وأنّ هذه القواضب فلَّقت هاماتِ رجالٍ عقّوه وظلموه!!.
النصُّ السادس:
ما ذكره أبو الفرج الملطي: "ثمّ بعث به - برأس الحسين- وبأولاده إلى يزيد بن معاوية فأمرَ نساءه وبناتِه فأُقمن بدرجة المسجد حيث تُوقف الأسارى لينظر الناس إليهم" 10 وذكر قريباً مِن ذلك اليافعي الشافعي في كتابه مرآة الجنان 11.
النصُّ السابع:
ما ذكره أبو المؤيّد أخطب خوارزم في كتابه مقتل الحسين قال:
"إنَّ السبايا لمّا وردت المدينة - مدينة دمشق- اُدخلوا مِن باب يُقال له "تُوما" ثمّ أُتي بهم حتّى أُقيموا على درج المسجد الجامع حيث يقام السبي" 12 وقال ابن العماد في شذرات الذهب "... وحُمل رأسه وحرمُ بيتِه وزينُ العابدين معهم إلى دمشق كالسبايا" 13.
وقال ابن حجر العسقلاني في كتابه تهذيب التهذيب: "فلمَّا قدموا عليه جمع مَن بحضرته مِن أهل الشام ثمّ أُدخلوا عليه فهنَّئوه فقام رجلٌ أحمر ونظر إلى وصيفه..." 14 وفي تاريخ الإسلام لشمس الدين الذهبي : "إنَّ عليَّ بن الحسين قال ليزيد: "أما والله لو رآنا رسولُ الله مغلولين لأحبَّ أن يُحلَّنا مِن الغلّ..." أحداث 60هـ 15.
ونقل ابنُ كثير في البداية والنهاية عن ابن عساكر أنَّ رأس الحسين(ع) نُصب في دمشق ثلاثة أيّام 16. وذكر ذلك أبو المؤيَّد أخطب خوارزم في مقتل الحسين 17.
ونقل أبو بكر الدواداري في كنز الدرر: أنَّ رأس الحسين (ع) نُصب في دمشق أيّاماً 18، وذكر ذلك أيضاً اليافعي الشافعي 11 في مرآة الجنان، وفي تاريخ ابن الوردي قال: "وضع يزيدُ رأس الحسين بين يديه واستحضرَ النساء والأطفال" 19.
النصُّ الثامن: ما ذكره ابنُ كثير في البداية والنهاية:
"وأمّا المشهور عن يزيد في جميع الروايات أنّه لمّا حضر الرأس بين يديه جمعَ أهل الشام وجعل ينكتُ عليه بالخيزران ويقول أبيات ابن الزبعري:
ليت أشياخي ببدرٍ شهـدوا جزعَ الخزرجِ من وقْعِ الأسل
قد قتلنا القِرن ما ساداتِهـم وعدلْنا قتـل بدرٍ فـاعتـدل
قال الشعبي: وزاد فيها يزيد:
لعـبتْ هاشمُ بالملك فـلا خبرٌ جـاءَ ولا وحيٌ نـزل
لستُ مِن خندف إنْ لم أنتقم من بني أحمدَ ما كانَ فعـل
قال مجاهد: "نافَقَ" 20.
ونقل ابنُ الجوزي 21 عن الزهري أنّه قال: لمّا جاءت الرؤوس كان يزيد في منظره على جيرون فأنشد لنفسه:
لمَّا بدتْ تلك الحمـول وأشـرقت تلك الشموسُ على رُبى جيرونِ
نعبَ الغرابُ فقلتُ صِحْ أو لا تصِح فلـقد قضيتُ من الغريم ديوني" 22
ونقل أبو المؤيَّد أخطب خوارزم في مقتل الحسين (ع) بسندٍ متّصل إلى مجاهد "... فقال له بعضُ جلسائه ارفع قضيبك فوالله ما أُحصي ما رأيتُ شفتَيْ محمّدٍ (ص) في مكان قضيبك 23 فأنشد يزيد:
يا غرابَ البين ما شئتَ فقل إنّما تنـدبُ شيئًا قد فـُعـل
كـلُّ مـُلكٍ ونـعيمٍ زائـلٌ وبناتُ الدهر يلعـبنَ بـكـل
لـيت أشياخي ببدرٍ شـهدوا جزعَ الخزرجِ من وقْعِ الأسل
لأهلَّـُوا واستهـلُّوا فـرحاً ثمَّ قالوا يـا يزيـد لا تُشـل
لستُ مِن خندف إنْ لم أنتقـمْ مـن بني أحمدَ ما كـانَ فعل
لعــبتْ هاشمُ بالملك فـلا خبرٌ جــاءَ ولا وحيٌ نزل 24
قال مجاهد: فلا نعلم الرجل إلاّ قد نافق في قوله هذا 25.
وقال أبو عبد الله الحافظ: وقد روينا روايةً أُخرى بدل "لستُ من خندف": "لست مِن عتبة" 26.
قال ابنُ كثير في البداية والنهاية 27 "وذكر ابنُ عساكر في تاريخه 28 في ترجمة ريّا حاضنة يزيد بن معاوية:"إنَّ يزيد حين وُضع رأس الحسين بين يدَيْ يزيد تمثّل بشعر ابن الزبعرى يعني قوله:
لـيت أشياخي ببدرٍ شـهدوا جزعَ الخزرجِ من وقْعِ الأسَل
ثمّ نصَبه بدمشق ثلاثة أيّام" راجع شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب لابن العماد الحنبلي الدمشقي 29.
النصُّ التاسع:
وقال أبو بكر الدواداري في كنز الدرر : "وأجمع أهلُ التاريخ لمَّا وصل الرأسُ إلى يزيد بن معاوية وُضع بين يديه فقرع ثناياه بقضيب... وأنشد أبياتاً مشهورة تداولها الرواة في تاريخِهم مِن جملتها ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا... وهي خمسة أبيات هذَيْن البيتَيْن منها وثلاثة أبيات لا يحلُّ تسطيرها ولا يجوز سماعها..." 30 وقال أبو المؤيّد أخطب خوارزم في مقتل الحسين أنَّ الحاكم قال: "الأبيات التي أنشدها يزيد بن معاوية هي لعبد الله بن الزبعرى أنشأها يوم "أحد" لمّا استُشهد حمزة عمُّ النبيِّ (ص) وجماعة مِن المسلمين وهي قصيدة طويلة" ثمّ نقل نصَّ القصيدة، ونقل هذا الحدث والأبيات ابنُ أعثم في كتاب الفتوح 31 والمنتظَم لابن الجوزي 32.
النصُّ العاشر:
ما ذكره الطبري: "قال ولمَّا جلس يزيد بن معاوية دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ثمّ دعا بعليِّ بن الحسين وصبيان الحسين ونساءه فأُدخلوا عليه والناس ينظرون فقال يزيد لعليٍّ: أبوك الذي قطع رحمي وجهِل حقِّي ونازعني سلطاني فصنع اللهُ به ما قد رأيت" 33.
وقال في موضعٍ آخر: "قال فلمَّا نظر يزيدُ رأس الحسين... ثمّ قال: أتدرون مِن أين أتى هذا قال أبي عليٌّ خير مِن أبيه وأمِّي فاطمة خير مِن أمِّه وجدّي رسولُ الله خيرٌ مِن جدّه وأنا خير مِنه وأحقُّ بهذا أمر... فلعمري إنّما أتى مِن قبل فقهه ولم يقرأ .﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ 34 .35
النص الحادي عشر : ما ذكره ابنُ الجوزي في المنتظم قال : فلما وصل رأسُ الحسين إلى ابن زياد جعل ينكث ثنيته بقضيب في يده ... ثم دعي زفر بن قيس ، فبعث معه برأس الحسين ورؤس أصحابه إلى يزيد ، فلما دخل على يزيد قال : ما وراءك ؟ قال : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره.
قال مؤلف الكتاب - ابن الجوزي-: ولما جلس يزيد وضع الرأس بين يديه وجعل ينكث بالقضيب على فيه ويقول :
يفلَّقن هاما من رجال أعزّة **** علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
ثم نقل خبر أبي برزة ثم نقل يسنده إلى قٌبيصة بن ذؤيب الخزاعي قال : قدم برأس الحسين ، فلما وُضع بين يدي يزيد ضربه بقضيب كان في يده ، ثم قال :
يفلَّقن هاما من رجال أعزَّةٍ **** علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
ثم قال : أنبأنا علي بن عبيد الله بن الزغواني وذكر سنده إلى مجاهد قال :
جِيء برأسِ الحسين بن علي ، فوُضع بين يدي يزيد بن معاوية ، فتمثَّل بهذين البيتين ، يقول :
ليت أشياخي ببدر شهدوا **** جزع الخزرج من وقع الأسل
فأهلوا واستهلوا فرحا **** ثم قالوا لي ..
قال مجاهد : نافق فيها ، ثم والله ما بقي من عسكره أحد إلا تركه .
ثم قال : قال علماء السير : ثم دعا يزيد بعليِّ بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه ، فأُدخلوا إلى قال : وبعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص - وهو عامله على المدينة ..." المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ج5 ص 241 ، 244 .
وثمَّة نصوصٌ أخرى كثيرة تُؤكِّد أنَّ رأس الحسين (ع) حُمل إلى يزيد وأنَّ يزيد قد أساء إلى رأسه الشريف وقرَّعه بقضيبه إلاَّ أنَّنا أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة، وإنْ شئتَ فراجع ما نقلناه ووثَّقناه في كتابنا قراءة في مقتل الحسين (ع) 36.
والحمد لله ربِّ العالمين. 37
- 1. كتاب (رأس الحسين) لمؤلفه ابن تيمية تحقيق الدكتور السيد الجميلي الطبعة الأولى 1406هـ - 1985 م، نشر دار الكتاب العربي- بيروت - لبنان.
- 2. a. b. تاريخ الخلفاء - جلال الدين السيوطي- ص 208/ تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 10 ص 94/ سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 3 ص 317/ تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 388/ البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 254.
- 3. الأخبار الطوال - داوود الدينوري- ص 385/ العوالم، الإمام الحسين (ع) - الشيخ عبد الله البحراني - ص 430/ تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 351/ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 ص 83/ الوافي بالوفيات - الصفدي - ج 14 ص 127/ البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 208.
- 4. a. b. c. الصواعق المحرقة - ابن حجر - ص 301 ونقل هذا المضمون بتعبير مختلف في مصادر عديدة، راجع كتاب مثير الأحزان - ابن نما الحلي - ص 79 و بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 45 ص 132 و شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج 19 ص 307 و الوافي بالوفيات - الصفدي - ج 15 ص 14 وغيرها.
- 5. الصواعق المحرقة- ابن حجر- ص330.
- 6. a. b. الصواعق المحرقة- ابن حجر- ص330-331.
- 7. الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 ص 131/ تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 22 ص 144/ كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 136/ الإصابة - ابن حجر - ج 2 ص 70/ تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 258/ سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 3 ص 306/ تهذيب الكمال - المزي - ج 6 ص 423/ تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج 2 ص 302/ البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 164/ كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 36.
- 8. a. b. تهذيب الكمال - المزي - ج 6 ص 423/ تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج 2 ص 302/ تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 258.
- 9. الكامل في التاريخ- ابن الأثير-ج3 ص447/ الأخبار الطوال - الدينوري - ص 260/ تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 18 ص 445/ تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 351.
- 10. تاريخ مختصر الدول - أبو الفرج الملطي ص111.
- 11. a. b. مرآة الجنان - اليافعي الشافعي - ج1 ص109.
- 12. مقتل الحسين ? الخوارزمي - ج2 ص 69.
- 13. شذرات الذهب - ابن العماد ج1 ص 275.
- 14. تهذيب التهذيب - ابن حجر- ج2 ص 304.
- 15. تاريخ الإسلام - الذهبي - ج 5 ص 18/ مقاتل الطالبيين - أبو الفرج الأصفهانى - ص 80/ شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج 3 ص 268/ المعجم الكبير - الطبراني - ج 3 ص 104/ تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 70 ص 15/ الجوهرة في نسب الإمام علي وآله - البري - ص 45.
- 16. البداية والنهاية ? ابن كثير - ج8 ص222.
- 17. مقتل الحسين - الخوارزمي - ج2 ص 69.
- 18. كنز الدرر - أبو بكر الدواداري - ج4 ص94.
- 19. تاريخ ابن الوردي - ابن الوردي- ج1 ص232.
- 20. البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 209/ مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3 ص 261/ كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 129/ اللهوف في قتلى الطفوف - السيد ابن طاووس - ص 105/ كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج 2 ص 230.
- 21. تذكرة الخواص - سبط بن الجوزي - ص 253.
- 22. وذكرها ابن عساكر وابن الدمشقي بسند مختلف راجع تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 70 ص 24 و جواهر المطالب في مناقب الإمام علي(ع) - ابن الدمشقي - ج 1 ص 15.
- 23. تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 68 ص 96/ أسد الغابة - ابن الأثير - ج 5 ص 381/ تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 293/ الوافي بالوفيات - الصفدي - ج 12 ص 264.
- 24. مقتل الحسين - الخوارزمي ج2 ص 58.
- 25. كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 129.
- 26. كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 129/ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 45 ص 133/ العوالم، الإمام الحسين(ع) - الشيخ عبد الله البحراني - ص 433.
- 27. البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 222.
- 28. تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 69 ص 159.
- 29. البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 222/ جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) - ابن الدمشقي - ج 2 ص 299.
- 30. كنز الدرر - أبو بكر الدواداري - ج4 ص93.
- 31. كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 241.
- 32. المنتظم - ابن الجوزي- ج5 ص343.
- 33. تاريخ الطبري ? الطبري- ج4 ص 352/ البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 211/ كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 5 ص 130/ الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - ص 565.
- 34. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 26، الصفحة: 53.
- 35. تاريخ الطبري - الطبري - ج 4 ص 355/ العوالم، الإمام الحسين (ع) - الشيخ عبد الله البحراني - ص 432/ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 ص 85/ مقتل الحسين (ع) - أبو مخنف الأزدي - ص 217.
- 36. قراءة في مقتل الحسين (ع) (دراسة وتحليل) - الشيخ محمد صنقور- الطبعة الاولى1420هـ.
- 37. المصدر : موقع سماحة الشيخ محمد صنقور حفظه الله.