حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
حثّ أئمّة أهل البيت على معرفة علامات الظهور
لم يئل أئمّة أهل البيت عليهم السلام جهداً في توضيح هذه العلامات، فضلاً إلى أنّهم حثّوا على معرفتها ومتابعتها ليتسنّى للجميع الوقوف على حقيقة الظهور ومعرفته دون أن يكون الإنسان متحيّراً بغير هدىً، وضالاً من غير رشاد. وإلى ذلك أكّد الأئمّة عليهم السلام إلى معرفة هذه العلامات التي تعين المكلّف على اتّخاذ القرار المناسب فور بدء الظهور، وقد أكّد على معرفتها أهل البيت عليهم السلام برواياتٍ عدّة، منها:
ما رواه عمر بن أبان، عن أبي عبد الله عليه السلام في صحيحه، قال: (اعرف العلامة، فإذا عرفتها لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر)1.
وعن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ينادي منادٍ من السماء: أنّ فلاناً هو الأمير، وينادي منادٍ: أنّ عليّاً وشيعته هم الفائزون)، قلت: فمن يقاتل المهدي عليه السلام بعد هذا؟
فقال عليه السلام: (إنّ الشيطان ينادي أنّ فلاناً وشيعته هم الفائزون، يعني رجلاً من بني اُميّة)، قلت: فمن يعرف الصادق من الكاذب؟ قال عليه السلام: (يعرفه الذين كانوا يروون حديثنا، ويقولون: إنّه يكون قبل أن يكون، ويعلمون أنّهم هم المحقّون الصادقون)2.
وعن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (هما صيحتان: صيحة في أوّل الليل، وصيحة في آخر الليلة الثانية)، قال: فقلت: كيف ذلك؟ قال: فقال: (واحدة من السماء، وواحدة من إبليس)، فقلت: وكيف تعرف هذه من هذه؟ فقال: (يعرفها مَن كان سمع بها قبل أن تكون)3.
وبهذا يُعتبر الحثّ على معرفة علامات الظهور حالات تعبئةٍ (تثقيفيّة) تحصّن المكلّف من مخاطر الارتجاجات الفكريّة التي ستُحدثها قضيّة الظهور وما يصاحب ذلك من مخاطر انحرافٍ تسبّبها محاولات الزيف الفكري الذي ينتاب المجتمعات الإسلاميّة.
لماذا التأكيد على علامات الظهور؟
يبدو أنّ معرفة علامات الظهور ستبرز أهمّيتها إذا ما عرفنا أنّ هناك أزمةً فكريّة ستتفاقم إلى الحدّ الذي يشعر به المرء أنّه يعيش في حالة ضياعٍ فكري وهوسٍ عقائدي، ومنشأ ذلك مشكلة الانسياقات الحميمة وراء الشهرة وحبّ الجاه والسعي للحصول على أكبر قدرٍ من العناوين المفتعلة التي يحرص عليها أهل الدنيا...وهكذا فلابدّ إذن من محاولة إفشاء الآراء المنحرفة التي يستطيع من خلالها البعض إغواء أكبر عدد ممكن من الأتباع، وتشكيل قواعد عريضة من خلال الادّعاءات الباطلة التي سيطلقها هؤلاء في التمويه على الحقائق المبثوثة من خلال المعارف الدينيّة التي تتعهّد بظهور المهدي وعلاماته ومواصفاته.
لذا فدعوى السفارة الكاذبة، أو المهدويّة الباطلة تنشأ من فراغٍ فكري وضياعٍ عقائدي تنفذُ من خلالها هذه الحالات إلى الأوساط الساذجة والعقول الخاوية من أيّة ثقافةٍ، والفارغة من أيّة معرفةٍ تضمن من خلالها التصدّي إلى هذه الانحرافات.
إنّ ما يعتري الساحة الإسلاميّة من سذاجاتٍ تعين لمثل هذه الدعاوى إلى سرعة النفوذ في أوساط هؤلاء المغرّر بهم، وهم مع ذلك توّاقون للوصول إلى معرفة الحقيقة وحريصون على الانضمام إلى حركة الانقاذ، ومحاولات الإصلاح التي تعدهم بها فكرة الإمام المهدي عليه السلام كفيلة في أن يتلهّف هؤلاء إلى أيّة دعوى، منساقين وراء أيّة حركةٍ إصلاحيّةٍ ترفع شعارات المهدويّة، إلاّ أنّهم يصطدمون عند حالات التطبيق بدعاوى المهدويّة وأمثالها، فتراهم ينخرطون بسذاجتهم دون تحقيقٍ ومعرفةٍ إلى أباطيل هؤلاء الضالّين والمضلّين الذين تغويهم تصوّراتهم الشيطانيّة للانصياع إلى إرادة النفس وشهرة الجاه، فيؤسّسون على ذلك مبانٍ ضالّةٍ ليس لها من الحقيقة نصيب.
هذا ما دفع أئمّتنا عليهم السلام إلى التأكيد على معرفة علامات الظهور ومواصفات المدّعين ليتسنّى للجميع التحصّن من هذه الدعاوى والتصدّي إلى فضحها وإبطال محاولات مفتعليها، ولئلا يسارع هؤلاء إلى التصديق لصيحات الشيطان وإغواءاته من خلال طيش أزلامه ومتّبعيه4.