الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مشروعية ثورة زيد

الشيء المحقق ان زيدا لم يفجر ثورته الكبرى أشرا ولا بطرا ، ولا ظالما ، ولا مفسدا ، وإنما كان يبغي وجه الله ، ويلتمس الدار الآخرة ، فقد رأى ظلما شائعا ، وجورا شاملا ، ورأى حكام بني أمية لم يبقوا لله حرمة إلا انتهكوها ، فخرج داعيا الى الله ، وطالبا بالحق ، يقول الرواة : إنه لما ازمع على الخروج جاءه جابر بن يزيد الجعفي فقال له : إني سمعت أخاك أبا جعفر يقول : إن أخي زيد بن علي خارج ومقتول ، وهو على الحق ، فالويل لمن خذله ، والويل لمن حاربه ، والويل لمن يقتله ، فقال له زيد :
« يا جابر لم يسعن أن أسكت ، وقد خولف كتاب الله تعالى ، وتحوكم بالجبت والطاغوت ، وذلك اني شاهدت هشاما ، ورجل عنده يسب رسول الله (ص) فقلت : للساب ، ويلك يا كافر اما اني لو تمكنت منك لاختطفت روحك وعجلتك الى النار ، فقال لي هشام : مه جليسنا يا زيد ، فو الله لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه ، وجاهدته حتى افنى .. »1
وأثنى الامام أبو عبد الله الصادق (ع) على عمه ثناء عاطرا ، ومجّد ثورته الاصلاحية فكان فيما يقول الرواة : قد قال لاصحابه : لا تقولوا : خرج زيد ، فان زيدا كان عالما ، وكان صدوقا ، ولم يدعكم الى نفسه ، إنما دعاكم الى الرضا من آل محمد (ع) ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه انما خرج الى سلطان مجتمع لينقضه2 وقد دفع (ع) الى عبد الرحمن بن سيابة ألف دينار وأمره أن يقسمها في عيال من أصيب مع زيد3.
ولو كانت الثورة غير مشروعة لما صنع ذلك فان شأنه أسمى من أن يندفع وراء التيارات العاطفية.
وشجبت بعض الروايات ثورة زيد ، ووسمتها بأنها غير مشروعة إلا ان سيدنا الاستاذ الامام الخوئي قد عرض4 إليها فأثبت ان سندها ضعيف لا يمكن التعويل عليها في الطعن بشخصية زيد وثورته.
وعلى أي حال فقد أحدثت ثورة زيد تحولا اجتماعيا وفكريا في المجتمع الاسلامي وهيأته الى الثورة على الحكم الأموي فلم تمر إلا سنين يسيرة وإذا بالرايات السود تخفق في خراسان ، وهي تزحف الى احتلال الاقاليم الاسلامية ، وتطهرها من عملاء السلطة الاموية حتى اطاحت بالعرش الأموي ، وقضت على معالم زهوه وجبروته5.
 

  • 1. تيسير المطالب ( ص ١٠٨ ـ ١٠٩ ).
  • 2. روضة الكافي.
  • 3. الأمالي للمجلسي ٥٤.
  • 4. معجم رجال الحديث ٧ / ٣٥٠ ـ ٣٥٨.
  • 5. المصدر: كتاب حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل للعلامة الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله.