الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

معاوية و شيعة علي

لقد دأب معاوية من خلال تسلطه على الحكم أن يمارس شتى أساليب التعسف والإبادة لشيعة علي ( عليه السلام ) وملاحقتهم بالقتل وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون ، وبقر البطون ، وصلب الأجساد العارية على جذوع النخل ، والتشريد ، وحرق البيوت وهدمها على أصحابها وما إلى ذلك من أنواع سبل الإبادة والاستئصال لشيعة علي ( عليه السلام ) ومواليه كما دأب على إجرامه ، وحاك على منواله ، حكام بني أمية ، وبني مروان وبني العباس .

ولم يسلم من هذا التنكيل حتى الشيوخ والنساء ، والأطفال والمرضى ، وخاصة البارزين منهم وعوائلهم أمثال حجر بن عدي ، وميثم التمار ، ورشيد الهجري ، وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهم مما يطول ذكرهم .

والمنفذ لهذه الأعمال الإجرامية في صيتها زياد الخزي والعار ابن سمية وابن مرجانة .
واستطاع معاوية بهذه القسوة والأساليب الوحشية أن ينشر الرعب والخوف والهلع على عامة المؤمنين ، خاصة أهل الكوفة والبصرة ، وأن يحد من تجاهر الكثير منهم بالتشيع والولاء وإضعاف معنوياتهم إلى حد كبير ، بحيث أن الواحد منهم يرضى أن يتهم بالقتل والسرقة أو الزندقة أو أي جريمة أخرى ولا يتهم بالتشيع لعلي ( عليه السلام ) ومذهبه وموالاته .
وعلى رغم كل تلكم الممارسات الوحشية وسبل الإبادة ما استطاع استئصال جذور التشيع من قلوب المؤمنين وعقولهم ، ولا إطفاء جذوة الحب والولاء لعلي ( عليه السلام ) وأهل بيته ، وظل رمز التشيع الذي يجسد جوهر الإسلام الحقيقي الأصيل يسير وينتشر على مر العصور والأزمان مستهينا بكل ما يجري عليه من العناء ومتحديا الصعاب والعذاب الذي يمارسه حكام الظلم والجور ضده .

وسن سب علي ( عليه السلام ) وشتمه من على منابرهم طيلة ألف شهر . وفرض البراءة من علي ( عليه السلام ) ودينه واللعن على شيعته ومحبيه ، حتى نشأت عليه أجيال ، وغرس جذور العداء بين المسلمين ، وكأنهم بذلك يدفعون به إلى عنان السماء ، ويرفعونه عاليا حتى أصبحت أقدامه فوق رؤوسهم .
قال الشافعي : لما سئله أحد أصحابه عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) 1: ما أقول في رجل أسر أولياءه مناقبه تقية ، وكتمها أعداؤه حنقا وعداوة ، ومع ذلك فقد شاع ما بين الكتمانين ما ملأ الخافقين ؟
سئل الخليل بن أحمد الفراهيدي 2، لم هجر الناس عليا ( عليه السلام ) ، وقرباه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟

قال : ما أقول في حق امرء كتمت مناقبه أولياؤه خوفا ، وأعداؤه حسدا ، ثم ظهر من بين الكتمانين ما ملأ الخافقين ؟
وسئل أيضا ، ما الدليل على أن عليا ( عليه السلام ) إمام الكل في الكل ؟ قال : احتياج الكل إليه واستغنائه عن الكل 3.
 

 

  • 1. الكنى والألقاب ترجمة الشافعي.
  • 2. سفينة البحار مادة خلل.
  • 3. المصدر: كتاب الأعلام من الصحابة والتابعين، تأليف الحاج حسين الشاكري رحمه الله.