الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تفسير القضاء والقدر وفق نظام الأسباب

إنّ تحقّق كلّ شيء في هذا العالم بحاجة إلى وجود مجموعة أسباب وعلل تسبقه ، ومن مجموع هذه "العلل الناقصة" تتكوّن "العلة التامة" التي تؤدّي إلى تحقّق ذلك الشيء 1.

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):

"أبى اللّه أن يجري الأشياء إلاّ بأسبابها ، فجعل لكلّ شيء سبباً ..."2.

معنى القضاء

"القضاء" عبارة عن حتمية وقوع الشيء ووصوله إلى مرتبة ضرورة التحقّق عند اجتماع علله الناقصة وتكوين علّته التامة التي تؤدّي إلى تحقّقه .

مثال:

إنّ عملية احتراق الخشب بالنار لا تتحقّق إلاّ بعد :

1 ـ توفّر الشروط المطلوبة، من قبيل: تماس النار بالخشب ووجود الأوكسجين و ..

2 ـ ارتفاع الموانع من قبيل: وجود بلل أو رطوبة في الخشب و ...

فإذا وجدت النار، وتوفّرت الشروط المطلوبة ، وارتفعت الموانع ، فحينئذ تتكوّن "العلّة التامة"، فيصل الأمر إلى مرتبة "القضاء" ، فيتحقّق الاحراق .

وأمّا إذا انتفى جزء من هذه الأجزاء المكوّنة للعلّة التامة ، فإنّ المعلول ينتفي في الخارج ، فلا يصل الأمر إلى مرتبة "القضاء" ، ولا يتحقّق الاحراق .

معنى القدر

"القدر" عبارة عن الحدود والخصائص التي يتّصف بها الشيء حين تحقّقه من جهة الزمان والمكان والكمية والكيفية والأُمور الأخرى التي بها يتعيّن الشيء ويتميّز عن غيره .

بعبارة أُخرى:

"القضاء" يعني بلوغ أسباب وقوع كلّ فعل إلى حدّ "العلّة التامة" المؤدّية إلى تحقّق الفعل . أي: وصول الفعل بعد اجتماع جميع "علله الناقصة" وتكوين "علّته التامة" إلى مرتبة "التحقّق" .

و"القدر" يعني: أنّ الأسباب المكوّنة للعلّة التامة لا تعمل إلاّ في إطار المقادير التي حدّدها اللّه تعالى لها .

معنى القضاء والقدر الإلهي في أفعال العباد :

إنّ كلّ شيء في هذا العالم ومنها أفعال العباد لا تتحقّق إلاّ في إطار الأسباب التي جعلها اللّه تعالى في هذا العالم .

معنى القضاء الإلهي في أفعال العباد :

إنّ معنى قولنا: لا تتحقّق أفعالنا إلاّ بقضاء اللّه تعالى ، أي: لا تتحقّق أفعالنا إلاّ من خلال العلل والأسباب .

وكلّ فعل من أفعالنا إذا اجتمعت "العلل الناقصة" لتحققه، وبلغت مرحلة "العلّة التامة"، فإنّ تحقّق هذا الفعل يصل إلى مرحلة "القضاء".

فيقال: تحقّق هذا الفعل بقضاء اللّه .

أي: تحقّق هذا الفعل نتيجة النظام السببي الذي جعله اللّه تعالى وسيلة لتحقّق هذا الفعل .

تنبيه:

لا يصل فعل الإنسان إلى مرحلة التحقّق (أي: مرحلة القضاء) إلاّ بعد اجتماع جميع العلل الناقصة المؤدّية إلى تكوين العلّة التامة التي تكون السبب الأساسي لتحقّق الفعل .

ولا يخفى بأنّ إحدى العلل المؤثّرة في تحقّق كلّ فعل من أفعال الإنسان الاختيارية هي اختياره لذلك الفعل . وهذا "الاختيار" يشكّل إحدى العلل والأسباب المؤدّية إلى تشكيل العلّة التامة للفعل الذي سيصدر منه .

إذن:

إنّ "اختيار الإنسان" سبب كباقي الأسباب، وجزء من العلل المؤثّرة في تحقّق أفعاله .

معنى القدر الإلهي في أفعال العباد :

إنّ معنى قولنا: لا تتحقّق أفعالنا إلاّ بقدر اللّه ، أي: لا تتحقّق أفعالنا إلاّ في دائرة الحدود التي منحها اللّه للأسباب .

فمن تمسّك بسبب ، فإنّ هذا السبب لا يترك أثره إلاّ بمقدار ما جعل اللّه فيه من قوّة وقدرة وغيرها من الخصوصيات .

الأدلة الروائية المؤيّدة لهذا الرأي :

1 ـ ورد أنّ الإمام علي(عليه السلام) عدل من عند حائط مائل ومشرف على السقوط إلى مكان آخر ، فقيل له: يا أمير المؤمنين أتفرّ من قضاء اللّه ؟ !

فقال(عليه السلام): "أفرّ من قضاء اللّه إلى قدر اللّه"3.

معنى الحديث

إنّ الحائط يسقط عند توفّر علّته التامة، فإذا سقط فإنّه يسقط "بقضاء اللّه تعالى" أي: وفق نظام الأسباب الذي جعله اللّه تعالى في هذا العالم .

وبما أنّ اللّه تعالى جعل "اختيار الإنسان" من جملة الأسباب، و"قدّر" أن يكون الإنسان مختاراً ومحدداً لمصيره ، فإنّ العدول عن الحائط المشرف على السقوط إلى مكان آخر أيضاً يكون من "قدر اللّه تعالى"، لأ نّه يتم عن طرق التمسّك بالأسباب التي خلقها اللّه تعالى ، ومن هذه الأسباب هي كون الإنسان مختاراً .

ولهذا قال الإمام علي(عليه السلام): "أفرّ من قضاء اللّه إلى قدر اللّه" .

2 ـ سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) عن الرقي 4 هل تدفع من القدر شيئاً؟ فقال (عليه السلام): "هي من القدر"5.

معنى الحديث

إنّ الأذى الذي يصيب الإنسان إنّما يصيبه عن طريق الأسباب ، ولهذا يكون هذا الأذى من القدر، أي: من الأُمور التي تصيب الإنسان في إطار النظام السببي .

وبما أنّ الأسباب يسلب بعضها أثر الآخر، من قبيل: إزالة النار عن طريق صبّ الماء عليها ، فإنّ الإمام(عليه السلام) يعتبر الرقية (التي يتعوّذ بها الإنسان من الآفات) سبباً من الأسباب التي تردع الآفات وتصون الإنسان من أذاها .

ولهذا اعتبر الإمام(عليه السلام) الرقية من القدر، أي: من الأسباب التي يدفع الإنسان بها أثر الأسباب الأخرى من قبيل الآفات .

بعض السنن الإلهية المذكورة في القرآن الكريم :

1 ـ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ 6

2 ـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ... 7

3 ـ﴿ ... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ... 8

4 ـ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... 9

5 ـ﴿ ... إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... 10

6 ـ﴿ ... وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ... 11

7 ـ﴿ ... لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ 12

8 ـ﴿ ... وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ 13

9 ـ﴿ ... فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا 14

أي: من سنن اللّه تعالى ثبات سننه وعدم تبدّلها وعدم تحوّلها .

10 ـ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ... 15

أي: إنّ اللّه تعالى جعل أيدي المؤمنين سبباً لتعذيب الكفار .

ضرورة التمسّك بنظام الأسباب

1 ـ إنّ أسباب التقدّم والعمران والتطوّر مبذولة للجميع ، ومن يتمسّك بها يصل إليها ـ بإذن اللّه تعالى ـ سواء كان برّاً أو فاجراً ، مؤمناً أو كافراً .

2 ـ إنّ الذي يكتشف السنن الكونية ، ويتعرّف عليها بدقّة يكون قادراً على تسييرها والتحكّم بها ، ولكن الغافل عنها يكون أسيراً بيدها تتحكّم به كيفما تشاء وهو مغمض العينين !

3 ـ ينبغي للإنسان الأخذ بكافة الأسباب التي أوجدها اللّه تعالى ، والتعامل معها في صعيد الحياة وتطويرها والسعي للاستفادة منها بأقصى حدّ ممكن من أجل الوصول إلى النتائج المطلوبة .

4 ـ يكون الإنسان بمقدار إلمامه بالسنن الكونية قادراً على تفجير طاقاته الكامنة وتنمية مواهبه واستعداداته واقتحام الموانع التي تمنعه من بلوغ أهدافه السامية .

5 ـ إنّ من الأُمور التي ينبغي الالتفات إليها هي أنّ كلّ سبب له من التأثير ما يختلف عن السبب الآخر ، وبما أنّ الأشياء تتعرّض في كلّ آن لأسباب مختلفة ، فلهذا يكون لكلّ منها اتّجاهٌ خاصٌّ يختلف عن غيرها .

6 ـ إنّ سعي الإنسان لاكتشاف السنن عمل عبادي، لأنّ به يوفّر الإنسان لنفسه ولغيره الأرضية المناسبة لنيل الأهداف العبادية ، من قبيل استخدام التقنية لتسهيل أعمال الخير وأدائها في نطاق واسع .

7 ـ إنّ الأسباب المؤثّرة في هذا العالم لا تقتصر على "الأسباب المادية" فحسب ، لأنّ العالم لا يقتصر على البُعد الحسي والمادي فقط ، بل فيه بُعد غيبي ومعنوي ، ولهذا ينبغي للإنسان أن لا يغفل عن "الأسباب الغيبية والمعنوية" الموجودة في الكون ، من قبيل "الدعاء" كسبب إيجابي و"الحسد" كسبب سلبي .

8 ـ إنّ الواقع الفردي أو الاجتماعي لا يتغيّر بصورة عفوية ، وإنّما يتوقّف ذلك على شروط ، وتعتبر إرادة الإنسان الناتجة من اختياره هي الشرط الأساس لحدوث هذا التغيير .

9 ـ كلّ شيء في هذا العالم يخضع لأسبابه الواقعية ويجري ضمن قانون محكم ومخطّط دقيق، و"الصدفة" إنّما هي حدث خفيت علينا أسبابه .

10 ـ إنّ فشل الإنسان وعدم تمكّنه من الوصول إلى أهدافه في دائرة الأسباب لا يدل على أنّ اللّه تعالى لا يريد حتماً تحقّق هذه الأهداف ، بل قد يكون ذلك نتيجة وجود عوامل مجهولة تقف دون وصول الإنسان إلى ما يريد ، وعلى الإنسان أن يسعى لاكتشاف هذه الأسباب المجهولة .

11 ـ إنّ ترك الأسباب وعدم مجاراة السنن الكونية بذريعة الاتّكال على اللّه تعالى ينشأ من قلّة العلم بالنظام الإلهي في هذا العالم ، وتكون نتيجته المعيشة في دائرة الفقر والحرمان نتيجة مخالفة سنن اللّه تعالى .

12 ـ ينبغي للإنسان أن يتجنّب في مسيرة حياته من الإفراط والتفريط المتمثّل من جهة في الإعراض عن اللّه تعالى والاتّكال على الأسباب فحسب ، ومن جهة أُخرى التوكّل على اللّه من دون التمسّك بالأسباب ، لأنّ هذا الأمر ليس من التوكّل، بل هو من التواكل المذموم .

13 ـ إنّ اللجوء إلى الأسباب والمسببات لا يعني خروجها عن حيطة ملكوت اللّه سبحانه وتعالى وسلطان مشيئته ، بل إنّ جميع الأسباب تعمل في ظلّ مشيئة اللّه تعالى وفي إطار هيمنته المطلقة .

ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر المفسّر وفق نظام الأسباب :

يندفع الإنسان الذي يؤمن بهذا المعنى من مفهوم القضاء والقدر إلى اتّباع الطريق الصحيح في جميع المراحل التالية التي يمرّ بها خلال سلوكه العملي في الحياة:

أوّلاً ـ قبل العمل:

1 ـ يندفع الإنسان إلى بذل المزيد من الجدّ والاجتهاد والسعي من أجل التعرّف على نظام الأسباب، والسير على ضوئه من أجل الوصول إلى أفضل النتائج وأجود الثمرات والانجازات .

2 ـ يزداد اهتمام الإنسان بمسألة التخطيط واتّباع الخطوات المدروسة ، لأ نّه يعي بعد إيمانه بالقضاء والقدر بأنّ العالم يحكمه نظام سببي دقيق بحيث لا يمكن الوصول إلى الأهداف إلاّ عن طريق مراعاة هذا النظام .

ثانياً ـ أثناء العمل:

1 ـ يعي الإنسان بوجود نظم وعدم وجود فوضى في هذا الكون ، ويدرك أنّ السنن والأسباب تمثّل التدبير الإلهي ومشيئته في كيفية وصول الإنسان إلى أهدافه في هذه الحياة .

2 ـ يندفع الإنسان إلى التمسّك بالأسباب التي أوجدها اللّه تعالى والاستفادة منها بأقصى حدّ ممكن من أجل حصد أكبر قدر ممكن من النتائج والثمار المطلوبة .

ثالثاً ـ بعد العمل:

1 ـ إذا كانت النتيجة مطلوبة: يحمد الإنسان ربّه ويشكره على ما هيّأ له من أسباب النجاح .

2 ـ إذا كانت النتيجة غير مطلوبة:

أوّلا: لا يلوم الإنسان نفسه ، ولا تضعف عزيمته ، ولا يشعر بالحسرة والندامة، لأ نّه يدرك بأ نّه أدّى ما كان عليه ، فيسلّم أمره إلى اللّه تعالى ويحمده على كلّ حال .

ثانياً: يقوم الإنسان بدراسة الأسباب من جديد ، لأنّ فشله في العمل قد يكون نتيجة خطئه في التمسّك بالأسباب ، وقد تعينه دراسة الأسباب من جديد إلى معرفة الطريق الصحيح الذي يوصله إلى هدفه المطلوب .

تنبيه:

إنّ النتيجة الحاصلة من التمسّك بالأسباب تختلف من شخص إلى آخر ، لعدّة عوامل منها اختلاف الناس فيما وهبهم اللّه تعالى من استعداد وقدرة وقابلية .

وينبغي للإنسان أن يرضى بما قدّر اللّه تعالى له من استعداد وقدرة ، وليس عليه سوى السعي في إطار ما لديه من قابلية .

كما ينبغي للإنسان أن يعلم بأنّ المواهب التي أعطاها اللّه له ليست مزايا، بل هي وسيلة لاختباره في هذه الحياة، وسيحاسب اللّه تعالى كلّ إنسان حسب ما يمتلك من هذه المواهب .

آداب التمسّك بنظام الأسباب :

ينبغي للإنسان حين تمسّكه بالأسباب أن :

1 ـ يتّكل ويعتمد على اللّه تعالى لا على الأسباب .

2 ـ يعي بأنّ اللّه تعالى هو الذي هيّأ له الأسباب ويسّر له السعي والعمل .

3 ـ يعلم حين العمل بأ نّه لم يستطع ذلك إلاّ بحول اللّه تعالى وقوّته .

4 ـ يستعين بخالق الأسباب وهو اللّه تعالى ، ولا يغفل عنه عند تمسّكه بالأسباب .

القول باستقلال نظام الأسباب :

ذهب البعض إلى القول باستقلال الأسباب واستغنائها عن اللّه تعالى، وقالوا بأنّ اللّه تعالى كفّ يده عن العالم، وفوّض الكون بيد نظام الأسباب والمسببات .

يرد عليه :

1 ـ إنّ وصول الإنسان إلى الأهداف عن طريق التمسّك بالأسباب لا يعني انعزال هذه الأسباب عن اللّه تعالى ، بل هذه الأسباب ـ في الواقع ـ هي النظام الذي أراد اللّه تعالى أن يتمّ من خلاله تحقّق الأشياء في هذا العالم .

2 ـ إنّ تحقّق الأُمور عن طريق الأسباب في هذا العالم لا يعني خروج الأمر عن إرادة اللّه تعالى ، لأنّ هذه الأسباب ـ في الواقع ـ لا تمتلك التأثير المستقل ، ولا تعمل بنفسها، بل تعمل بقدرة اللّه تعالى، وفي ظل مشيئته .

3 ـ إنّ الأسباب الموجودة في هذا العالم لا تحدِّد قدرة اللّه تعالى أبداً، ولا يكون الباري مغلول اليدين أمام الأسباب التي وضعها بنفسه ، بل اللّه تعالى كما كانت له القدرة على إيجادها ، فله القدرة على تغييرها ومحوها أو إثباتها كيفما يشاء .

تنبيه:

إنّ التصّرف الإلهي في الكون لا يعني بالضرورة تبديل وخرق السنن الطبيعية الموجودة في هذا العالم ، بل شاء اللّه تعالى أن يكون تصرّفه في الكون وفق المجرى الطبيعي وحسب الأسباب الموجودة فيه .

النتيجة:

إنّ القول باستقلال الأسباب يؤدّي إلى :

أوّلا: تحويل نظام الأسباب إلى أوثان تُعبد من دون اللّه .

ثانياً: عزل اللّه تعالى عن سلطانه وتنفيذ إرادته في هذا العالم .

ثالثاً: سلب روح عبودية اللّه تعالى من الإنسان خلال تعامله في الحياة 16.