ما هو ثمن الجنة ؟
قال الله عَزَّ و جَلَّ :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ 1.
ما اتبع الحق واحد الا دفع ثمنه من نفسه ، أو أهله ، أو ماله ، و كلما عظم الحق عظم الثمن المرير ، و لو لا هذا لم يكن لأنصار الحق من فضل ، و لاتّبع الناس ، كل الناس الحق ..
و بهذا نجد تفسير الحديث الشريف : « البلاء موكل بالمؤمن .. و ان أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الذين يلونهم الأمثل فالأمثل » ..
و أيضا بلاء الأنبياء يأتي على قدر منزلتهم ، قال الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله : " ما اوذي نبي بمثل ما أوذيت " . و قال أمير المؤمنين عليه السلام : " ان الحق ثقيل مريء ، و الباطل خفيف و وبيء "..
و كفى شاهدا قوله تعالى:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ ... ﴾ 2.
و تدل هذه الآية على ان الجنة محرمة إلا على من ضحى في سبيل اللّه ، و لا تنحصر التضحية في ميدان القتال و جهاد أهل الشرك و الكفر ، بل إن أيّ مكروه يتحمله الإنسان من أجل الدفاع عن الحق و العدل لهو تضحية في سبيل اللّه ، و ثمن لدخول الجنة ، حتى و لو كان الدفاع بكلمة يجابه بها مبطلا ، و يناصر محقا .
بعد أن باشرت بكتابة التفسير تكوّن عندي يقين لا يشوبه ريب بأن الجنة محرمة إلا على من أوذي ، و تحمل صابرا ، و لو شيئا من الضغط و البلاء في سبيل الحق و العدل ، و على الأقل أن يكبح نفسه عما تميل اليه من المحرمات ، أو يحملها على بذل ما لا تجود به طوعا ، أو يجهد نفسه من أجل غيره ، و لو كان الغير والدا ، أو ولدا . و المعيار أن يتحمل المشاق بصبر في سبيل مرضاة اللّه سبحانه ، اما ان يدخل الجنة على « البارد المستريح » كما يقول أهل جبل عامل فبعيد كل البعد 3.
- 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 155، الصفحة: 24.
- 2. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 214، الصفحة: 33.
- 3. تفسير الكاشف : 1 / 243 ، للعلامة الفقيد الشيخ محمد جواد مغنية رضوان الله تعالى عليه .