حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها
ألا يعد علاقة النبي مع الصحابة دليل على وجود المحبة و المودة بينهم ؟
نص الشبهة:
الكثير من كبار الصحابة تربطهم علاقات مصاهرة بآل بيت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ألا يُعدّ ذلك دليلاً على وجود علاقة محبّة ومودّة بينهم ؟
Answer:
ألفِتُ انتباه السائل إلى نكتتين :
1 ـ إنّ السائل من خلال طرحه لهذا السؤال يكشف عن أنّ له تفكيراً قبليّاً ، لأنّه يقول إنّ المصاهرة الحاصلة بين الصحابة وأهل البيت ( عليهم السلام ) دليلٌ على المحبّة والأُلفة الكاملة بينهم . وهذه عادة قبليّة منتشرة بين قبائل العرب ; وهي أنّ الزواج علامة على المحبّة والأُلفة بين القبيلتين . والحال أنّ الاختلاف بين أهل البيت وبعض الصحابة ـ وليس كلّ الصحابة ـ لم يكن اختلافاً قبليّاً ، بل كان اختلافاً عقائديّاً وسلوكياً لا يزول بمجرّد التزاوج بين بعض الأحفاد أو أبناء الأحفاد .
وبتعبير آخر : لو كان اختلاف أهل بيت الرسالة مع الفِرق الأُخرى اختلافاً سياسيّاً أو ماديّاً لكان إنشاء علاقة مصاهرة أو نسب من شأنه أن يُقرّب بين الفريقين ويزرع الأُلفة بينهما .
إنّ اختلاف بعض الصحابة مع قائد الأُمّة بعد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مبنيّ على أمر أساسيّ ، لا يمكن أن يزول بحصول بعض الزيجات ، والدليل على ذلك أنّه لا يزال باقياً إلى يومنا هذا .
إذن زواج شخصين أو ثلاثة من أبناء الحسن أو الحسين ( عليهما السلام ) ببعض أحفاد الخلفاء أو أتباعهم ليس دليلاً على الاتفاق معهم في جميع المسائل ; عقائديّة كانت أم سياسيّة أم فقهيّة ، ففي العراق مثلاً : يكثر الزواج بين العوائل السنّية والشيعيّة لكنّه لا يدلّ إطلاقاً على أنّ عائلة أحد الزوجين تقبل عقيدة العائلة الأُخرى بمجرّد ذلك الزواج ، كما أنّ الخليفة الثالث كانت له امرأة مسيحيّة باسم « نائلة » فهل يكون هذا مؤشّراً على أنّه صار مسيحيّاً بزواجه منها ؟ 1 .
2 ـ إنّ الزواج بين أحفاد الصحابة قائم على أصل قرآني وهو : ﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ 2 ، بمعنى أنّه إذا اعتدى أقارب الزوج أو الزوجة على أهل بيت النبوّة وقاموا بظلم بنت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذلك لا يعدّ سبباً لإشراك أحفادهم وأحفاد أحفادهم في ذلك الظلم ; لأنّ كلّ إنسان مسؤول عن أعماله .
ولقد مرّ في جواب السؤال الثالث أنّنا ذكرنا أنّ الأئمّة المعصومين كانوا يضعون أسماء الخلفاء لأبنائهم ، وفي بعض الحالات كانوا يقبلون ببعض الزيجات بُغية التقليل من الضغط والتضييق .
والحاصل : أنّ هذه العلاقات والروابط لا يمكنها أن تدلّ على وحدة العقيدة وانسجام الفكر .
ثم إنّه لمن السذاجة معالجة الأُمور الدقيقة والخلافات المعمقة بهذه الأدلّة السطحية التي لا تقوم على دليل راسخ، بل الواقع التاريخي للمسلمين يكذبها ، فكم من واقعة وجدنا الأخ يقف بوجه أخيه والابن بوجه أبيه و ... فهذا الزبير يقود الجيوش لمحاربة ابن خاله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهذا محمد بن أبي بكر يقف إلى جنب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بوجه أخته عائشة في معركة الجمل .
هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى أنّ الانحراف بالمسألة عن مسارها الطبيعي وتصوير القضية بأنّ الشيعة تدّعي أنّ الصحابة لا تحب أهل البيت ( عليهم السلام ) وتكن لهم العداء ، يُعد انحرافاً عن البحث الموضوعي، لأن معتقدات الشيعة في واقع الحال يدور بحثها ونقاشها حول البحث عن الحجّة الشرعية بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبما أنّهم قد ثبت عندهم بالدليل القاطع أنّ الحجة المنصوب من قبل الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الإمام علي ( عليه السلام ) و عترته الطاهرين ( عليهم السلام ) ، من هنا يرون أنّ كل تجاوز على مقام الحجة ودفعه عن مرتبته التي رتبه الله فيها يُعد اعتداء على الدين وانحرافاً عن قيم الرسالة ومخالفة لأوامر رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) 3 .