الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ان الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير او غيره من الاحاديث معنى النص والتعيين بالخلافة

نص الشبهة: 

قوله : « ان الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير أو غيره من الأحاديث معنى النص والتعيين بالخلافة ولذلك اختاروا طريق الشورى وبايعوا أبا بكر كخليفة من بعد الرسول مما يدل على عدم وضوح معنى الخلافة من النصوص الواردة بحق الإمام علي أو عدم وجودها في ذلك الزمان » .

Answer: 

بل الصحابة فهموا ذلك وبسببه منعوا تداول تلك الأحاديث بين الناس خمساً وعشرين سنة .

الرد على الشبهة

أقول : بل الصحابة فهموا من الحديث معنى النص والتعيين ولم يكن لديهم شك في ذلك وأدل دليل على فهمهم هو منعهم تداول هذه الأحاديث شفاها وتدوينا لما استقرت السلطة بأيديهم بل عمدوا إلى ما كتبه هذا وذاك من الصحابة من أحاديث النبي فجمعوه واحرقوه ، وجرََّهم ذلك اخيراً إلى إحراق المصاحف المنتشرة زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بسبب ما يوجد بهامشها من أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) المفسِرة للآيات النازلة في أهل البيت وقد ذكرنا طرفا من أخبار هذه المسألة في الحلقة الثانية من شبهات وردود ط 2ص 159 ـ 163 .
ويعضد ذلك ما رواه ابو الطفيل عامر بن واثلة من حديث المناشدة قال : « جمع علي ( عليه السلام ) الناس في الرحبة ثم قال لهم انشد الله كل امرىء سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام ثلاثون من الناس فشهدوا .
قال أبو الطفيل فخرجت وكأنََّ في نفسي شيئا فلقيت زيد بن ارقم فقلت له اني سمعت عليا يقول كذا وكذا قال فما تنكر قد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول ذلك له » 1 .
وقد كان ابو الطفيل من صغار الصحابة وكان مقيما في مكة وتوفي النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعمره ثمان سنوات وفي ضوء ذلك يكون عمره لما بويع علي ( عليه السلام ) على الحكم ثلاثا وثلاثين سنة وكان مقيما في مكة ولم يسمع طوال هذه المدة بحديث الغدير بسبب منع السلطة روايته ورواية غيره من أحاديث النبي في أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو ما الذي استنكره أبو واثلة من حديث الغدير حين سمعه لأول مرة وما الذي وقع في نفسه منه ؟ ليس من شك ان الذي وقع في نفسه واستعظمه هو انََّ لعلي بحديث الغدير ولاية كولاية الرسول ( صلى الله عليه وآله ) على الأمة وهي اعظم من ولاية الحكومة اذ ولاية الحكومة من أثارها وفروعها وبالتالي فان كل من تقدم عليه في الحكم أو في غيره كان كأنه قد تقدََّم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ذلك .
اما قوله « ولذلك اختاروا أي الصحابة طريق الشورى وبايعوا ابا بكر » فقد المحنا في الحلقة الثانية من كتابنا هذا ان الذي جرى بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان انقلاباً قد خطط له من قبل ، وقد أشار إليه قوله تعالى ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ... 2 وقد اوضحت أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الصحيحة المروية في كتب السنة و الشيعة تلك الحقيقة المرة .
وإلى القارىء الكريم طرفا منها :
روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تحشرون حفاة عراة . . . فأول من يكسى ابراهيم ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول أصحابي فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم : ﴿ ... وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ... 3 4 .
قال البخاري : « قال محمد بن يوسف ذكر عن ابي عبد الله عن قبيصة قال : هم المرتدون الذي ارتدوا على عهد ابي بكر فقاتلهم ابو بكر » .
اقول : لقد حاول البخاري ومن قبله ان يوجهوا أحاديث الحوض ويصرفوها عن الصحابة الى غيرهم ولكن حديث البراء بن عازب يؤكد خلاف ذلك فقد روى البخاري بسنده عن العلاء بن المسيب عن ابيه قال : « لقيت البراء بن عازب فقلت طوبى لك صحبت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبايعته تحت الشجرة ، فقال : يا ابن اخي انك لا تدري ما احدثنا بعده » 5 .
وروى البخاري بسنده عن ابن المسيب انه كان يحدث عن اصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « يرد على الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى » 6 .
وروى البخاري بسنده عن سهل بن سعد قال قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « اني فَرَطُكُم على الحوض من مرََّ عليَّ شرب ومن شرب لم يضمأ ابداً ليردن عليَّ أقوام اعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم » 7 .
قال ابو حازم : فسمعني النعمان بن ابي عياش فقال ، هكذا سمعت من سعد فقلت نعم . فقال اشهد على ابي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها : « فأقول ( أي النبي ( صلى الله عليه وآله ) ) انهم مني فيقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك فاقول سحقا سحقاً لمن غير بعدي » 8 .
وروى البخاري بسنده عن ابي هريرة قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « بينما انا قائم اذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم : فقلت اين ؟ قال الى النار ، قلت وما شأنهم ؟ قال انهم ارتدوا على ادبارهم فلا اراه يخلص منهم الا مثل همل النعم » 9 .
وروى احمد في مسنده بسنده عن ام سلمة انه ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ايها الناس بينما انا على الحوض جىء بكم زمراً فتفرقت بكم الطرق فناديتكم الا هلموا الى الطريق فناداني مناد : انهم قد بدلوا بعدك فقلت : الا سحقا سحقا » 10 .
وروى احمد ايضا بسنده عن ابي سعيد الخدري عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انه قال : « تزعمون ان قرابتي لا تنفع قومي ؟ والله ان رحمي موصولة في الدنيا والآخرة اذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار فيقول الرجل يا محمد انا فلان بن فلان ، ويقول الاخر انا فلان بن فلان ، فاقول اما النسب قد عرفت ولكنكم احدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى » 11 .
اما قوله « او عدم وجودها في ذلك الزمان » فان كان يريد بذلك احتمال ان يكون حديث الغدير موضوعاً فلنقرأ على كل الأحاديث النبوية السلام وذلك لانه لم يتوفر لاي حديث نبوي ما توفر لحديث الغدير من رواة فاذا احتملنا انَّ حديث الغدير موضوع كان كل حديث بعده اولى بهذا الاحتمال وحينئذ لا يثبت لدينا شئ من السنة النبوية المطهرة 12 .

لمزيد من المعلومات يمكنكم مراجعة الروابط التالية:

  • 1. انظر من روى حديث المناشدة هذا في الحلقة الثانية من شبهات وردود ص 59 .
  • 2. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 144، الصفحة: 68.
  • 3. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 117، الصفحة: 127.
  • 4. البخاري كتاب بدء الخلق باب ( واذكر في الكتاب مريم ) وباب قوله تعالى ﴿ ... وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وكتاب تفسيرالقرآن / المائدة . وكتاب الدعوات باب كيفية الحشر .
  • 5. البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية .
  • 6. البخاري كتاب الدعوات باب ذكر الحوض .
  • 7. البخاري كتاب الرقاق .
  • 8. البخاري كتاب الدعوات باب الصراط جهنم ، وكتاب الفتن باب قوله ( واتقوا فتنة لا تعيبن ) .
  • 9. البخاري كتاب الدعوات باب الحوض وقوله تعالى ﴿ ... إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ .
  • 10. مسند احمد ج 6 / 297 .
  • 11. مسند احمد ج 3 / 39 .
  • 12. شبهات و ردود : الحلقة الثالثة : الرد على الشبهات التي أثارها كتاب أحمد الكاتب حول إمامة أهل البيت : الفصل الأول : المورد السادس .