الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لا تحزن إن الله معنا

نص الشبهة: 

بسمه تعالى

قال تعالى: ﴿ ... ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ... . . من الذي كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) في الغار؟! . . وهل قصة الحمامة وخيوط العنكبوت صحيحة؟! . . فأنزل الله سكينته .. على من أنزل الله السكينة؟! . . وأيده الله بجنود لم تروها . . من هم الجنود؟ وما عملوا ضد المشركين والذين يلحقون النبي (صلى الله عليه وآله) في قصة الهجرة؟! . .

Answer: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن الذي كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) في الغار، هو أبو بكر بن أبي قحافة..
وإن ما جرى في الغار من نسج العنكبوت على بابه، ونبات الشجرة عليه هناك، ثم أن تبيض الحمامة الوحشية، وتحتضن بيضها في مدخل ذلك الغار الذي فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ـ نعم إن ذلك لا يدع مجالاً للشك في أن الله تعالى حافظ لنبيه (صلى الله عليه وآله)، ناصر له على أعدائه، فلا معنى لأن يحزن أبو بكر وهو يشاهد ذلك كله.. بل لقد كان عليه أن يزداد يقينه. وتتصلب عزيمته، ويتضاعف إيمانه..
فما معنى حزن أبي بكر في مثل هذا الحال؟!.. ولماذا يرتاب في نصر الله لنبيه، ولطفه به، ورعايته له (صلى الله عليه وآله) وهو يرى تلك الألطاف والمعجزات والكرامات الظاهرة الدلالة على ذلك؟!!..
واللافت هنا: أن الله سبحانه لم ينزل السكينة على ذلك الذي يبدو أنه كان في أمس الحاجة إليها، وهو أبو بكر الذي بلغ في حزنه حداً دفع الشخص المطلوب الحقيقي للمشركين، إلى أن يبادر إلى نهيه عن ذلك الحزن بل أنزلها على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي كان ثابتاً، مطمئناً، مستيقناً بنصر وحفظ الله تعالى، الذي أيده بجنود لم تروها..
وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أن حزن ذلك الرجل قد أوجب حجب العنايات الربانية واللطف الإلهي عنه، لأنه ليس فقط قد فقد استحقاقه لذلك، بل هو قد ظهر منه ما يوجب حرمانه منه على سبيل العقوبة له، في موقع يرى نفسه في أشد الحاجة إليه..
وإنما حرمه الله منه، لأنه أظهر أنه لم يتفاعل مع معجزات الله الظاهرة التي تخضع لها عقول جميع البشر، وتطمئن لها نفوسهم، وتعنو لها جباههم..
وأما كيف كان ذلك التأييد بالجنود لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فذلك يبقى في دائرة الغيب الإلهي، الذي لا يعرف إلا بالوحي الإلهي، ثم بالإخبار من رسول الله (صلى الله عليه وآله)..
والحمد لله رب العالمين 1.

  • 1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الخامسة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (268).