نشر قبل 19 سنة
مجموع الأصوات: 66
القراءات: 17530

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

لماذا لم تُذكر علل الشرائع و الأحكام ؟

بالنسبة إلى هذا السؤال يجب أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار :
1. لو راجعنا الأحاديث الواردة في باب علل الشرائع و الأحكام ، لوجدنا أن بيان علل الأحكام إنما جاء في الغالب بعد السؤال من قبل أصحاب الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) أو الأئمة ( عليهم السَّلام ) ، و لو ضاعف الناس أسئلتهم عن العلل لكنّا اليوم نعرف الكثير عنها ، و لو لم يكونوا يسألوا عنها لما وصل إلينا اليوم منها شيء ، و من هنا نعرف أهمية السؤال و دوره في رفع المستوى الثقافي ، لذا نجد الإسلام يؤكد على طرح الأسئلة الهادفة و يُرغِّب الناس في طرحها ، قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : " العلم خزائن و مفاتيحه السؤال ، فاسألوا يرحمكم الله ، فانه تؤجر أربعة : السائل ، و المتكلّم ، و المستمع ، و المحبّ لهم " 1 .

2. لا شك في أن للمستوى العلمي للناس المعاصرين للمعصومين ( عليهم السَّلام ) دوراً هاماً في بيان أو عدم بيان العلل الكامنة وراء تشريع الأحكام ، و لعله يمكن القول بأن المعصومين ( عليهم السَّلام ) لو وجدوا من يستوعب فلسفة الأحكام لوضّحوا له ذلك ، لكن هيهات .
و قد قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) مخاطباً كميل بن زياد : " ... ها إنّ ها هنا لعلماً جماً ـ و أشار إلى صدره ـ لو أصبت له حملة ... ـ إلى أن قال ـ كذلك يموت العلم بموت حامليه " 2 .
و قال ( عليه السَّلام ) : " سلوني قبل أن تفقدوني ، ألا تسألون من عنده علم المنايا و البلايا و الأنساب " 3 .
3. و لما لم يُسأل المعصومون عن علل الأحكام كما ينبغي ، و لم تتوفر بالنتيجة في الحال الحاضر الروايات المصرحة بالعلل ، فليس لنا إلا أن نتعبد و نقبل بها كما هي ، و لعل التقدم العلمي يكشف مستقبلاً عن بعض العلل كما حدث ذلك بالنسبة إلى بعضها .
4. هذا و لا ننسى أن كثيراً من الأخبار و الأحاديث قد فُقِدت في عمليات التصفية و الإبادة ، و الحرق و السلب و النهب التي مرّت بها الأمة الإسلامية ، و لعل الكثير من العلل كانت مذكورة إلا أنها لم تصل إلينا للأسباب المذكورة .
5. ثم إننا و للأسف محرومون اليوم عن الالتقاء بالإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) فلا نتمكن من معرفة علل الأحكام و ما إليها من العلوم و المعارف عن طريق السؤال منه ( عليه السَّلام ) ، و هو ( عليه السَّلام ) اليوم طريقنا الوحيد لمعرفة ما يرتبط بالدين و العقيدة و الشريعة .
6. هذا و إن من الواضح أن سؤالنا عن العلل لابد و إن يكون من باب طلب زيادة العلم و المعرفة لا من باب كون و ضوح العلة طريقاً للإيمان و الاعتقاد ، فنحن نؤمن بالأحكام و نطبقها سواءً عرفنا عللها العلمية أم لم نعرفها ، فنحن نتعبّد بأحكام الله و شرائعه بغض النظر عن معرفة العلل و الأسباب الكامنة وراء تشريعها .

  • 1. تحف العقول : 41 .
  • 2. نهج البلاغة ، طبعة صبحي الصالح : 496 .
  • 3. بصائر الدرجات : 266 ، لمحمد بن حسن بن فروخ الصَّفار ، المتوفى سنة : 290 هجرية بقم ، الطبعة الثانية ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم / إيران .