سماحة العلامة المحقق آية الله السيد جعفر مرتضى العاملي رحمه الله
ولد السيد جعفر مرتضى العاملي في 25 صفر سنة 1364 هـ في بلدة رأس العين في جنوب لبنان، و ينتهي نسب أسرته إلى الحسين ذي الدمعة ابن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام .
نشأ في عيثا الجبل في الجنوب اللبناني و بدأ دراسة العلوم الدينية على يد والده العلامة السيد مصطفى مرتضى رحمها الله .
انتقل سنة 1382 هـ إلى النجف الأشرف ليتابع دراسته في حوزة نجف العلمية على يد علمائها الأعلام .
في سنة 1388 هـ. انتقل إلى مدينة قم الإيرانية لإكمال دراسته في حوزة قم العلمية فحاز مرتبة عالية في العلوم الدينية و تخصص في دراسة التاريخ الإسلامي بشكل خاص حتى صار علماً من أعلامها .
إلى جانب دراساته الدينية و تدريسه لطلاب الحوزة العلمية في قم المشرفة صبَّ جهده لمدة 25 سنة على التحقيق في مجال التاريخ الشيعي و العقائد الشيعية و ردِّ الشبهات و الاجابة على الاسئلة المهمة المطروحة على الساحة الاسلامية .
أسس مدارس دينية عديدة ، و شارك في مؤتمرات علمية كثيرة .
عاد إلى لبنان سنة 1993 م. فواصل التحقيق في مجال تاريخ التشيع، و أسّس مدرسة دينية في لبنان باسم "حوزة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام "، و أنشأ أيضا المركز الإسلامي للدراسات، كما قام بتدريس الدروس الحوزوية العليا في بيروت .
له مؤلفات تبلغ المئة في المجالات الإسلامية المختلفة ، خصوصا في التاريخ الشيعي و سيرة أهل البيت عليهم السلام .
من مؤلفاته
الصحيح من سيرة النبي الأعظم في السيرة النبوية ( 35 جزءً ) .
الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام ( 53 جزءً )
مأساة الزهراء عليها السلام .
عاشوراء بين الصلح الحسني و الكيد السفياني .
الحياة السياسية للإمام الجواد عليه السلام .
الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام .
الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام .
ابن عباس و أموال البصرة .
ابن عربي سنيّ متعصب .
أهل البيت عليهم السلام في آية التطهير .
عاد إلى لبنان أواخر سنة 1993 م. و أقام هناك حتى توفي في 27 صفر سنة 1441 هـ (26 أكتوبر 2019 م) و دفن في بلدته عيثا الجبل .
أما الجواب عن السؤال الأول : فنحسب أن ما تقدم في الجزء السابق من هذا الكتاب في فصل سرايا وغزوات قبل بدر ، وكذا ما تقدم من الكلام حول الشورى في بدر 1 كاف فيه ، ونزيد هنا تأييداً لما ذكرناه هناك ما يلي : 1 ـ قد يقال : إن بعض الروايات تفيد : أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن يستشير أصحابه إلا في أمر الحرب .
قد روى الشيخ الطوسي بسنده عن الإمام الصادق [عليه السلام] قال : حرم الله النساء على الإمام علي [عليه السلام] ، ما دامت السيدة فاطمة [عليها السلام] حية . قال : قلت : كيف ؟! قال [عليه السلام] : لأنها طاهرة لا تحيض .
أولاً : إننا لا نرضى ولا نرى مبرراً لما صدر من السائل من توصيف أبي بكر وعمر بالكافرين ، ونرى في ذلك تجاوزاً للحدود لا بد من الإعتذار منه ، والإقلاع عنه .ثانياً : ان ما يذكر عن بيعته « عليه السلام » لأبي بكر وعمر ، لا تساعد عليه الشواهد .
إن المراد بقوله : « قولوا فينا ما شئتم » . . هو الاعتقاد بأنهم عليهم السلام حاملون لمراتب الفضل والكمال ، واصلون إلى منازل القرب عند الله . . وليس المقصود هو إعطاؤهم المناصب والمهمات ، والتكاليف والمسؤوليات ، فإن النبوة عبارة عن منصب وتكليف بمهمة ، وحمل مسؤولية . وهذا المنصب وإن كان إنما يعطى لمن حاز مراتب الفضل ، لكن ليس بالضرورة أن يكون كل من حاز مراتب الفضل وكلِّف بمهمة ، وحمِّل مسؤولية ، جعل له منصب بعينه . .
لا يجب على النبي والإمام ولا غيرهما أن يجرب جميع الأحكام الشرعية بنفسه ، ولا يجب أن يعمل بكل ما هو جائز ، لا قبل أن يعلِّمها لغيره ، ولا بعده ، فإنه مبلِّغ ، وهاد ، ومربّ ومعلم . . وهم (أي الأئمة « صلوات الله وسلامه عليهم ») يقولون : ما كل حلال ينبغي أن يفعل .
أ ـ أن الخروج من دار الأرقم ـ كما يقولون ـ إنما كان في الثالثة من البعثة، حينما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالإعلان بالدعوة، وهم يصرحون بأن إسلام عمر كان في السادسة من البعثة.
ب ـ إنهم يقولون إن عمر قد أسلم بعد الهجرة إلى الحبشة، حتى لقد رق للمهاجرين، لما رآهم يستعدون للرحيل، حتى رجوا إسلامه منذئذٍ، والهجرة إلى الحبشة قد كانت في السنة الخامسة من البعثة، والخروج من دار الأرقم قد كان قبل ذلك أي في السنة الثالثة.
ج ـ أنه قد اشترك في تعذيب المسلمين، وإنما كان ذلك بعد الخروج من دار الأرقم ، والإعلان بالدعوة.
فإن رفع الأجساد إلى السماء ، ليس بالأمر الذي يصح التشكيك فيه ، بعد تصريح القرآن ، وتواتر الحديث به . . فإن معراج نبينا الأعظم بجسده وروحه ، ثابت بلا ريب ، وقد أشارت إليه آيات القرآن الكريم . . والأحاديث الشريفة المتواترة . . وهذا دليل على الوقوع فضلاً عن الإمكان . .
إذا كان شرب البدري للخمر لا يضر ، ولا يحتاجون للتوبة من الكبائر ، فليكن الزنى حتى بالمحارم غير مضر لهم أيضاً ، وكذلك تركهم الصلاة ، وسائر الواجبات وغيرها! . وليكن أيضاً قتل النفوس كذلك . ولقد قتلوا عشرات الألوف في وقعتي الجمل وصفين ، وقتلوا العشرات ، سراً وجهراً ، غيلة وصبراً . فإن ذلك كله لا يضر ، ولا يوجب لهم فسقاً ، ولا عقاباً!!
إن السجود على التربة الحسينية ليس واجباً عند الشيعة ، بل الواجب هو السجود على الأرض أو ما أنبتت ، ما عدا المأكول والملبوس ، وتربة الحسين « عليه السلام » هي من جملة التراب الذي يصح السجود عليه ، فلماذا يسأل عن دليل جواز السجود عليه ، فإن جميع المسلمين يجيزون السجود على التراب . .
إن البداء الذي نعتقد به : هو أن ترد الأخبار عن الله تعالى ورسوله « صلى الله عليه وآله » عن الآجال والأرزاق ، والخلق ، والصحة ، والمرض ، وما إلى ذلك وفق ما تقتضيه الحكمة فيما يرتبط بالسنن الإلهية فيها ، وإجراء الأمور على طبيعتها . . كالإخبار عن أن عُمْر فلان من الناس ـ بحسب تركيبة جسده ، وطبيعة مكوناته ، والمحيط الذي يعيش فيه ، والهواء الذي يتنشقه ، والمسلك الذي ينتهجه و . .
لقد كان النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» يغتنم الفرصة في مواسم الحج ؛ فيعرض على القبائل ، قبيلة قبيلة ، أن تعتنق الإسلام ، وتعمل على نشره وتأييده ، وحمايته ونصرته ، بل كان لا يسمع بقادم إلى مكة ، له اسم وشرف ، إلا تصدى له ، ودعاه إلى الإسلام .
إن علياً «عليه السلام» قد جاء أبا بكر بالقرآن الذي نسقه، فرأى أبو بكر أن فيه بيانات لشأن نزول الآيات ولأمور أخرى، من شأنها أن تحرج بعض الناس .. فرد القرآن الذي جاءه به علي «عليه السلام»، وارتأى أن يجرد القرآن من كل تلك البيانات، ويقتصر على النص القرآني وخصوص الآيات، كما سنذكره عن قريب. ولعل هذا هو مقصود عمر بن الخطاب حين كان يوصي الجيوش الغازية ، وهو يشيعها ويقول: «جردوا القرآن».
لربما يقال في مقام الإجابة على ذلك : إنه «صلى الله عليه وآله» يريد أن يفهم الأنصار : أنه مصمم على الوصول إلى أهدافه ، ولو لم يعاونوه ؛ فلا يجب أن يظنوا : أنه يريد أن يجعلهم وسيلة لمآربه وغاياته ، مع احتفاظه بأصحابه المهاجرين ؛ الأمر الذي يولّد عند الأنصار الشعور بالمظلومية والغبن . ولكننا نرى أنه لا بد من نظرة أعمق إلى هذا الأمر ، وذلك يحتم علينا أن لا نقنع بهذه الإجابة ...
قد ذكر العلامة المجلسي أن الخاصة والعامة بأجمعهم يقرون بقداسة أذيال أزواج رسول الله [صلى الله عليه وآله] مما ذكر . وقال الطوسي : ما زنت امرأة نبي قط . . إلى أن قال : فمن نسب أحداً من زوجات النبي إلى الزنى فقد أخطأ خطأً عظيماً ، وليس ذلك قولاً لمحصل .
أن الله سبحانه وتعالى قد أخذ من بني آدم في عالم الذر ذريتهم ، وأشهدهم على ألوهيته ، ونبوَّة نبينا محمد [صلى الله عليه وآله] ، وولاية مولانا علي أمير المؤمنين [عليه السلام] . وقد شهدوا بذلك . وأخذ الله عليهم الميثاق به . وأشهد الملائكة على قبولهم لهذا الميثاق .
كما تكون مواريث الأنبياء تكون عند أوصيائهم ، ثم عند الأنبياء الذين يأتون بعدهم ، كذلك مواريث الأوصياء تكون عند الأئمة من بعدهم . . وهذه الكتب ، وكذلك سائر مواريث الأنبياء تكون عند الإمام في حضوره وفي غيبته .
إن التدبير الذي اتخذه الإمام « عليه السلام » لحفظ ولده من الإغتيال على يد أعوان الظلمة ، الذين كانوا يراقبونه ، ويترصدونه ليوقعوا به كان تدبيراً حكيماً وصحيحاً ، ولا بد منه . وهذا ما دعا الإمام إلى إخفاء أمر ولده إلا عن الثقات . .
أولاً : إن زيارة المشاهد المشرفة إن كانت مشروعة ، فإن عدم فهم بعض الناس لها ، وخطأهم في التعامل معها لا يوجب إلغاء مشروعيتها . . بل يوجب السعي لرفع مستوى فهم الناس ، وإزالة الغشاوة عن أعينهم .
ثانياً : إن الشيعة الإمامية يزورون المشاهد المشرفة منذ مئات السنين ، ولم نر أحداً منهم قد ضل عن السبيل بسبب ذلك ، وعبد ذلك القبر أو عبد صاحبه ، وكل ما يدَّعى مما هو خلاف ذلك ، لا يستند إلى دليل .
متى كان الشيعة مناصرين لليهود والنصارى عبر التاريخ ، فإن الشيعة كانوا باستمرار يدافعون عن ثغور الإسلام ، ويرابطون في كل تلك الثغور ، ودعاء إمامهم الإمام زين العابدين « عليه السلام » لأهل الثغور لم يزل مصدر إلهام لهم للعمل على صيانة حدود دولة الإسلام ، مهما كان حكام تلك الدول يكيدون للشيعة ، ويمارسون ضدهم أقسى أنواع الإضطهاد والبطش ، بدون سبب ظاهر سوى التعصب المقيت ، والحقد الذي لا مبرر له . .