نشر قبل 19 سنة
مجموع الأصوات: 79
القراءات: 8158

السائل: 

عبد الله عبد الغفور

العمر: 

45

المستوى الدراسي: 

الدولة: 

المدينة: 

طرابلس

طرح عليّ ولدي البالغ 12 سنة سؤالا لم افلح في الرد عليه جيدا. فقد سألني " إذا كان الله سبحانه يعلم الغيب و يعلم ماذا سيفعل الناس و يعلم من سيذهب إلى النار أو إلى الجنة و أن علم الله سبق كل شيء فلماذا خلقنا إذا و هو سبحانه يعلم مسبقا ماذا سنفعل ؟

السوال: 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
طرح عليّ ولدي البالغ 12 سنة سؤالا لم افلح في الرد عليه جيدا. فقد سألني " إذا كان الله سبحانه يعلم الغيب و يعلم ماذا سيفعل الناس و يعلم من سيذهب إلى النار أو إلى الجنة و أن علم الله سبق كل شيء فلماذا خلقنا إذا و هو سبحانه يعلم مسبقا ماذا سنفعل ؟
أفيدوني أفادكم الله.
و لكم الشكر.

الجواب: 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :
نبارك لك هذا الفتى المتفكر و نأمل أن يكون له مستقبلاً جيداً إذا ما أوليته إهتماماً جيداً و وفرت له ما يضمن حصوله على معلومات نقية غير مشوشة و ندعو له و لك بالتوفيق .
أما بالنسبة لسؤاله فنقول : ان الله عز و جل لم يخلق الانسان لكي يمتحنه و لكي يعرف ما سيؤول اليه مصيره و ذلك لأنه جل جلاله علام الغيوب و لا يخفى عليه شيء ، بل ان الله تعالى خلق الانسان لكي يغدق عليه نعمه و لكي يمكِّنه من أن يسلك طريق الكمال ، فسمح له أن يرقى في طريق الكمال و يصل الى أعلى مراتبه بطاعة الله و امتثال أوامره و ترك نواهيه .
و من أجل تعريف الانسان بالمصالح و المفاسد و تسهيل سلوكه لهذا الطريق وضع لهذا الانسان بواسطة الانبياء و الرسل و الأئمة الهداة المنهاج الكامل و البرنامج المتكامل الكفيل بإيصاله الى هذا الهدف السامي إن أراد ذلك و سعى له ، و جعل لهذا الانسان الحوافز الكافية لإقتحام هذا الطريق ، كما وضع أمامه الحواجز الكثيرة لمنعه من الانحراف عن صراط الحق المبين .
لكن الله جل جلاله لم يرد لهذا الانسان أن يكون مجبوراً عديم الاختيار بل أراد له الاختيار فأعطاه حق الانتخاب و تحمل المسؤوليات و العواقب ، و لأن العدالة الألهية تقتضي أن يُثيب كل فرد على قدر توفيقه في سلوك هذا الطريق و على قدر استحقاقه للثواب أو العقاب فكان لا بد أن يعرف كل فرد من أفراد النوع الانساني مدى توفيقه في هذا المجال لذلك جعل الله الامتحان في هذه الدنيا لإتمام الحجة على الانسان و لكي يعرف الانسان نفسه مستواه و مقدار ما قدمه من العمل الصالح أو حجم أعماله المخالفة لأوامر الله و نواهيه .
فالامتحان هنا ليس لأن الله لا يعلم عاقبة الانسان بل لكي يُتمَّ الحجة على الانسان فلا يكون الجزاء و لا العقاب الا بمبرر .
و مثال ذلك : المعلم الحاذق يعرف جيداً من خلال ممارسته لتعليم طلابه من سيكون من أؤلئك الطلاب فائزاً و من سيكون منهم راسباً في نهاية العام الدراسي ، و لكنه رغم علمه يمتحنهم ، و ذلك لكي يُتم الحُجة على الطلاب و حتى لا ينكر عليه أحد منهم تقيمه لهم من حيث الفوز و عدمه .