قال الامام الحسن بن علي العسكري عليه السلام: "لَوْ عَقَلَ أَهْلُ الدُّنْيَا خَرِبَتْ" 1.
1. نزهة الناظر و تنبيه الخاطر: 145، لحسين بن محمد بن حسن بن نصر الحلواني، المتوفى في القرن الخامس الهجري، الطبعة الأولى سنة: 1408 هجرية، مدرسة الامام المهدي قم/إيران.
ذكر العلماء في معنى هذا الحديث أنه لو وصل أهل الدنيا الى كمال العقل و أصبحوا من أهل البصائر و عرفوا حقيقة الدنيا فلما إهتموا بالدنيا إلا بقدر ما ترتفع الحاجة به لا أكثر من ذلك فيتركون عمارة الدنيا و الاهتمام بها و التنافس عليها ، و سوف تخترب الدنيا بترك عمارتها و الاعتمام بها .
من رخصة شيخنا العزيز .. ربما دخل اشكال اخر مع هكذا جواب ايضا وهو ان كان وصول المرء لكمال العقل ومنه كمال دينه يؤدي الى خراب دنياه فكيف يتم التوفيق بين ذلك وبين الدعوة بالاساس لوصول الناس وطلب الكمال العقلي والديني ! ،، وهل هو يختص ببعضهم دون بعض اخر خصوصا مع القول بان جميع الناس في امتحان الوصول لهذا المطلب باي طريق كان مع توفر جميع الامكانات المتاحة العادلة لهم في ذلك مع اختلاف زمانهم ومكانهم وظروفهم !..... ، اتصور ان الحديث ينظر الى التعقل بمعنى الهدوء (بالمناسبه في المعنى المحلي لدينا في الخليج يقال احيانا للشخص غير المتزن او كثير الفوضى اعقل، اي اهدأ و توازن) .... لو هدأ اهل الدنيا..اي ركدوا .. فضلوا الانزواء عنها لصالح الاستغراق في تعقل الاخرة والتفكر فيها ...لفسدت الدنيا وخربت وبالتالي تفسد عمارة الارض التي لاتتم الا بخلاف ذلك.. فكل شخص له عمله الى جانب مقدار تعقله ..ولايمكن ان يكون المرء حتى لو كان عابدا وعالما منزويا عن العمل في الحياة كعضو فاعل فيها شأنه شأن سائر الناس ، الى حد الرهبانية..ولذلك اشار الائمة عليهم السلام كما في رواية من قال للامام علي انني اعمل واصرف على اخي العابد فقال له الامام انت اعبد من اخيك ..او الذي قال للالمام الباقر وهو يزرع في حقله كيف لو مت وانت على هذا الحال من طلب الدنيا ..فقال له الامام الباقر اموت والله عني راضي او كما ورد في الرواية .، او قبلهم جده المصطفى فيما روي عنه صلى الله عليه واله انه رفض رهبانية بعض اصحابه حين قال احدهم لن اعمال والثاني لن اتزوج والثالث ساصوم فخرج غاضبا خاطبا فيهم ان لا رهبانية في الاسلام وانه ص يفعل كل ذلك ... لذلك اتصور ان هذا الحديث يتكامل في معناه مع محتوى وروح سائر الروايات الاخرى ومنطقول روح وخطوط القران الكريم العامه في كون الانسان في هذه الدنيا لابد له من ان يعيش ترابيته وبشريته ويعيش الابتلاء والامتحان من خلال هذه الشروط بالاقبال على الدنيا وليس الهروب منها ..فالله اراد للانسان يكون مسؤولا يعمر الدنيا وانه هو الاحق بعمارتها وخيراتها وان ياخذ نصيبه منها وان سر الامتحان فيها هو في عبادة الله وطاعته من دون اغفال ذلك الجانب وان عمارتها والتمتع بملذاتها ليس غاية الوجود ولايتحصل بالاساس وان قمة الشعور ب الرضا الالهي والمادي يتحصل بالاخرة وقد قيل على لسان الامير مامضمونه ... اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت ابدا... والله اعلم ..
المقصود هو أن العاقل من يتخذ الدنيا وسيلة للحصول على رضوان الله و الخلد في الجنة التي هي الهدف فلا ينظر الى الدنيا كهدف بل يزهد فيها ، فلا يهتم بها الا بقدر رفع الحاجة لا أكثر ، و هذا ما تؤكده الاحاديث و الروايات ، و هذا زين العابدين و سيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام يجسد المعنى الحقيقي للزهد في مناجاته لرب العالمين حيث يقول: " إلهي ... وَ أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَ مِنْ كُلِّ رَاحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ، وَ مِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَ مِنْ كُلِّ شُغُلٍ بِغَيْرِ طَاعَتِكَ" .
هذا الى جانب أنه مما لا شك فيه أنه لا رهبانية في الإسلام، لأن الإسلام دين الحياة، يجمع بين الدنيا والآخرة و لا يترك شيئاً من الغرائز الموجودة في الإنسان إلا أن يعطي حقها كما يعطي حق العبادة و التضرع إلى الله تعالى.
4 تعليقات
لوْ عَقَلَ أَهْلُ الدُّنْيَا خَرِبَتْ
أضافه علي قاسم في
ما المقصود بذلك
معنى خراب الدنيا
أضافه صالح الكرباسي (... في
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ذكر العلماء في معنى هذا الحديث أنه لو وصل أهل الدنيا الى كمال العقل و أصبحوا من أهل البصائر و عرفوا حقيقة الدنيا فلما إهتموا بالدنيا إلا بقدر ما ترتفع الحاجة به لا أكثر من ذلك فيتركون عمارة الدنيا و الاهتمام بها و التنافس عليها ، و سوف تخترب الدنيا بترك عمارتها و الاعتمام بها .
وفقك الله
من رخصة شيخنا العزيز .. ربما
أضافه سيد محمد في
من رخصة شيخنا العزيز .. ربما دخل اشكال اخر مع هكذا جواب ايضا وهو ان كان وصول المرء لكمال العقل ومنه كمال دينه يؤدي الى خراب دنياه فكيف يتم التوفيق بين ذلك وبين الدعوة بالاساس لوصول الناس وطلب الكمال العقلي والديني ! ،، وهل هو يختص ببعضهم دون بعض اخر خصوصا مع القول بان جميع الناس في امتحان الوصول لهذا المطلب باي طريق كان مع توفر جميع الامكانات المتاحة العادلة لهم في ذلك مع اختلاف زمانهم ومكانهم وظروفهم !..... ، اتصور ان الحديث ينظر الى التعقل بمعنى الهدوء (بالمناسبه في المعنى المحلي لدينا في الخليج يقال احيانا للشخص غير المتزن او كثير الفوضى اعقل، اي اهدأ و توازن) .... لو هدأ اهل الدنيا..اي ركدوا .. فضلوا الانزواء عنها لصالح الاستغراق في تعقل الاخرة والتفكر فيها ...لفسدت الدنيا وخربت وبالتالي تفسد عمارة الارض التي لاتتم الا بخلاف ذلك.. فكل شخص له عمله الى جانب مقدار تعقله ..ولايمكن ان يكون المرء حتى لو كان عابدا وعالما منزويا عن العمل في الحياة كعضو فاعل فيها شأنه شأن سائر الناس ، الى حد الرهبانية..ولذلك اشار الائمة عليهم السلام كما في رواية من قال للامام علي انني اعمل واصرف على اخي العابد فقال له الامام انت اعبد من اخيك ..او الذي قال للالمام الباقر وهو يزرع في حقله كيف لو مت وانت على هذا الحال من طلب الدنيا ..فقال له الامام الباقر اموت والله عني راضي او كما ورد في الرواية .، او قبلهم جده المصطفى فيما روي عنه صلى الله عليه واله انه رفض رهبانية بعض اصحابه حين قال احدهم لن اعمال والثاني لن اتزوج والثالث ساصوم فخرج غاضبا خاطبا فيهم ان لا رهبانية في الاسلام وانه ص يفعل كل ذلك ... لذلك اتصور ان هذا الحديث يتكامل في معناه مع محتوى وروح سائر الروايات الاخرى ومنطقول روح وخطوط القران الكريم العامه في كون الانسان في هذه الدنيا لابد له من ان يعيش ترابيته وبشريته ويعيش الابتلاء والامتحان من خلال هذه الشروط بالاقبال على الدنيا وليس الهروب منها ..فالله اراد للانسان يكون مسؤولا يعمر الدنيا وانه هو الاحق بعمارتها وخيراتها وان ياخذ نصيبه منها وان سر الامتحان فيها هو في عبادة الله وطاعته من دون اغفال ذلك الجانب وان عمارتها والتمتع بملذاتها ليس غاية الوجود ولايتحصل بالاساس وان قمة الشعور ب الرضا الالهي والمادي يتحصل بالاخرة وقد قيل على لسان الامير مامضمونه ... اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت ابدا... والله اعلم ..
عمارة الدنيا و خراب الاخرة
أضافه صالح الكرباسي (... في
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المقصود هو أن العاقل من يتخذ الدنيا وسيلة للحصول على رضوان الله و الخلد في الجنة التي هي الهدف فلا ينظر الى الدنيا كهدف بل يزهد فيها ، فلا يهتم بها الا بقدر رفع الحاجة لا أكثر ، و هذا ما تؤكده الاحاديث و الروايات ، و هذا زين العابدين و سيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام يجسد المعنى الحقيقي للزهد في مناجاته لرب العالمين حيث يقول: " إلهي ... وَ أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَ مِنْ كُلِّ رَاحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ، وَ مِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَ مِنْ كُلِّ شُغُلٍ بِغَيْرِ طَاعَتِكَ" .
هذا الى جانب أنه مما لا شك فيه أنه لا رهبانية في الإسلام، لأن الإسلام دين الحياة، يجمع بين الدنيا والآخرة و لا يترك شيئاً من الغرائز الموجودة في الإنسان إلا أن يعطي حقها كما يعطي حق العبادة و التضرع إلى الله تعالى.
وفقك الله