مجموع الأصوات: 53
نشر قبل سنتان
القراءات: 3252

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

المكانة المييزة لسلمان الفارسي في الاسلام

تعرض سلمان المحمدي لمحاولات تحقير وامتهان من قبل البعض فانتصر له النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأدان المنطق الجاهلي والتعصب القبلي بصورة صريحة ، وحصل ذلك التعرض عدة مرات وفي عدة مناسبات وعلى مرأى ومسمع من النبي ( صلى الله عليه وآله ) خاصة ، منهم سعد بن أبي وقاص ، وعمر بن الخطاب وغيرهما .

أذكر هذه الحوادث التي حصلت على سبيل المثال لا الحصر .
دخل سلمان يوما مجلس رسول الله( صلى الله عليه وآله ) فقام له الصحابة إجلالا لقدره ، وتعظيما لمقامه ، فقدموه وصدروه ، فدخل عمر بن الخطاب فنظر إليه وقال : من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب ؟

فغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصعد المنبر فخطب وقال : إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لأحمر على الأسود إلا بالتقوى ، سلمان بحر لا ينزف ، وكنز لا ينفذ ، سلمان منا أهل البيت . إلى آخر حديثه الشريف المثبت في بطون الكتب 1 .

فقال سلمان : أنا عبد الله كنت ضالا فهداني الله بمحمد ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد ، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد ، فهذا حسبي ونسبي يا عمر [ فما حسبك ونسبك أنت ] ؟

فخرج رسول الله فذكر له سلمان ما قال عمر وما أجابه به ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) يا معشر قريش إن حسب المرء دينه ، ومروءته خلقه ، وأصله عقله ، وقال تعالى في محكم كتابه المجيد : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... 2.
ثم أقبل على سلمان فقال له أنت ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز وجل فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه .
روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) : " لو كان الدين في الثريا لناله رجل من فارس " .

وحدث ابن بريد عن أبيه إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :
أمرني ربي بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم : علي ، وسلمان ، وأبو ذر ، والمقداد .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : " إن الجنة لأشوق إلى سلمان من سلمان إلى الجنة ، وإن الجنة لأعشق لسلمان من سلمان إلى الجنة " .
عن أبي هريرة قال : تلا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هذه الآية :
﴿ ... وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ 3 قالوا يا رسول الله ومن يستبدل بنا ؟
فضرب على منكب سلمان ثم قال : " هذا وقومه " .
وفي رواية قال ( صلى الله عليه وآله ) : " هذا وأصحابه ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجل من فارس " وأشار إلى سلمان . ( أخرجه الترمذي ) .
الصدوق ، بسنده عن ابن نباتة قال :

سألت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه وقلت : ما تقول فيه ؟

فقال : " ما أقول في رجل خلق من طينتنا . وروحه مقرونة بروحنا ، خصه الله تبارك وتعالى من العلوم بأولها وآخرها وظاهرها وباطنها وسرها وعلانيتها . ولقد حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسلمان بين يديه فدخل أعرابي فنحاه عن مكانه وجلس فيه . فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى در العرق بين عينيه واحمرتا ثم قال : يا أعرابي .
أتنحي رجلا ما حضرني جبرئيل إلا أمرني عن ربي عز وجل أن أقرئه السلام ؟ يا أعرابي ، إن سلمان مني ، من جفاه فقد جفاني ومن آذاه فقد آذاني ، ومن باعده فقد باعدني ، ومن قربه فقد قربني ، يا أعرابي لا تغلظن في سلمان ، فإن الله تبارك وتعالى قد أمرني أن أطلعه على علم المنايا والبلايا 4 والأنساب وفصل الخطاب .

قال فقال الأعرابي : يا رسول الله ، ما ظننت أن يبلغ من فضل سلمان ما ذكرت ، أليس كان مجوسيا ثم أسلم ؟

فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا أعرابي أخاطبك عن ربي ، وتقاولني ؟ ! إن سلمان ما كان مجوسيا ، ولكنه كان مظهرا للشرك ، مبطنا للإيمان .
يا أعرابي ، أما سمعت الله عز وجل يقول : * ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) * أما سمعت الله عز وجل يقول : * ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) * يا أعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ، ولا تجحد فتكون من المعذبين ، وسلم لرسول الله قوله تكن من الآمنين 5.

عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :
" دخل أبو ذر على سلمان وهو يطبخ قدرا له ، فبينا هما يتحادثان إذا انكبت القدر على وجهها على الأرض ، فلم يسقط من مرقها ولا من ودكها شئ !
فعجب من ذلك أبو ذر عجبا شديدا ، وأخذ سلمان القدر فوضعها على حالها الأول على النار ثانية ، وأقبلا يتحدثان .
قال : فخرج أبو ذر - وهو مذعور - من عند سلمان ، فبينما هو متفكر إذ لقي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على الباب ، فما أن بصر به قال له : يا أبا ذر ما لذي أخرجك من عند سلمان وما الذي ذعرك ؟
فقال أبو ذر : يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا ، فعجبت من ذلك !

فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " يا أبا ذر أن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت ، رحم الله قاتل سلمان - الحديث .

وعن أبي بصير قال سمعت الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) يحدث عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوما لأصحابه أيكم يصوم الدهر فقال سلمان أنا يا رسول الله أيكم يحي الليل فقال سلمان أنا يا رسول الله قال أيكم يختم القرآن كل يوم فقال سلمان أنا يا رسول الله فغضب بعض أصحابه فقال يا رسول الله أن سلمان من الفرس يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش قلت أيكم يصوم الدهر فقال أنا ، وهو أكثر أيامه يأكل ، وقلت أيكم يحيي الليل فقال أنا ، وهو أكثر ليلته نائم ، وقلت أيكم يختم القرآن في كل يوم فقال أنا ، وهو أكثر نهاره صامت ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) مه يا فلان أنى لك بمثل لقمان الحكيم سله فإنه ينبئك فقال الرجل يا أبا عبد الله ألست زعمت أنك تصوم الدهر فقال نعم فقال رأيتك في أكثر نهارك تأكل فقال ليس حيث تذهب أني أصوم الثلاثة في الشهر 6 وقال الله عز وجل * ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) * وأصل شعبان بشهر رمضان فذلك الدهر فقال أليس زعمت أنك تحيي الليل فقال نعم فقال أنت أكثر ليلك نائم فقال ليس حيث تذهب ولكني سمعت حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول من بات على فراشه على طهر كأنما أحيى الليل كله فأنا أبيت على طهر فقال أليس زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم فقال نعم فقال أنت أكثر أيامك صامت فقال ليس حيث تذهب ولكني سمعت حبيبي رسول الله يقول لعلي ( عليه السلام ) يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل قل هو الله أحد فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاث مرات فقد ختم القرآن فمن أحبك بلسانه فقد كمل ثلث إيمانه ومن أحبك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان والذي بعثني بالحق نبيا يا علي لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء لك لما عذب الله أحدا بالنار وأنا أقرأ * ( قل هو الله أحد ) * في كل يوم ثلاث مرات فقام الرجل وكأنه قد ألقم حجرا .

وعن سلمان ( رحمه الله ) قال : بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي ابن أبي طالب والموالاة له .
وعن زاذان قال سمعت سلمان يقول أني لا أزال أحب عليا فإني قد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يضرب فخذه ويقول محبك لي محب مبغضك لي مبغض ومبغضي لله مبغض .
وعن حباب بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : " كان الناس أهل ردة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا ثلاثة فقلت من هم فقال المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي ثم عرف الناس بعد يسير وقال هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) مكرها فبايع وذلك قول الله عز وجل * ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) * .

وفي رواية عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في أمر البيعة إن سلمان عرض في قلبه عارض أن عند أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الاسم الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا فلبب ووجئت عنقه حتى تركت كالسلعة فمر به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال له يا أبا عبد الله هذا من ذلك بايع فبايع .
وفي رواية إن سلمان قال لهم لما بايعوا أبا بكر ( كرديد ونكرديد ) أي فعلتم ولم تفعلوا والإمامية تقول أسلمتم وما أسلمتم .
روي عن عائشة إنها قالت : كان لسلمان مجلس من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
أخرج الكشي في كتابه عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) إن عليا ( عليه السلام ) قال : " سلمان أدرك علم الأول وعلم الآخر . . . إلى آخره " 7.

وأخرج عن زرارة بن أعين ، قلت سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : " أدرك سلمان العلم الأول ، والعلم الآخر ، وهو منا أهل البيت بلغ من علمه أنه مر برجل في رهط من أصحابه فقال له : يا عبد الله تب إلى الله عز وجل من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة ، قال ثم مضى فقال له القوم لقد رماك سلمان بأمر فما دفعته عن نفسك ؟
قال : إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه إلا الله .
عن الحسن بن صهيب ، عن أبي جعفر الباقر ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : " ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون ، وبهم تنصرون ، وبهم تمطرون ، منهم سلمان المحمدي ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، وحذيفة ، وقال علي ( عليه السلام ) وأنا إمامهم ، وهم الذين صلوا على فاطمة " .

وفي رواية زاذان عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " سلمان الفارسي ، كلقمان الحكيم " .

وعن الفضل بن شاذان إنه قال ما نشأ في الإسلام رجل أفقه من سلمان .
قال ( صلى الله عليه وآله ) : " سلمان يبعث أمة لقد أشبع علما " .
وسئل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن سلمان فقال : " امرؤ منا وإلينا أهل البيت " من لكم بمثل لقمان الحكيم ، علم العلم الأول ، والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر ، وكان بحرا لا ينزف [1] روى عنه ابن عباس وأبو عثمان النهدي ، وأبو الطفيل ، وأبو قرة الكندي ، كما روى البخاري عنه ستين حديثا وروى عنه كثير من الصحابة والتابعين 8 9.

 

  • 1. الاختصاص ص 341 ، نفس الرحمان في فضائل سلمان ص 29 ، البحار ج 22 ص 348 .
  • 2. القران الكريم: سورة الحجرات (49)، الآية: 13، الصفحة: 517.
  • 3. القران الكريم: سورة محمد (47)، الآية: 38، الصفحة: 510.
  • 4. علم المنايا والبلايا : ربما يقصد به اطلاعه على ما يجري على بعض الناس . ومنه إخبار علي ( عليه السلام ) لميثم التمار بأنه سيقتل ويصلب وأخباره لرشيد الهجري كذلك ، وأمثال هذا مما هو معروف مشهور .
  • 5. البحار 22 / 347 .
  • 6. أول الشهر ونصفه وآخره .
  • 7. كتاب الدرجات الرفيعة ص 209 للعلامة السيد علي خان .
  • 8. الأعلام للزركلي ج 3 ص 111 / 112 .
  • 9. المصدر: كتاب الأعلام من الصحابة والتابعين، تأليف الحاج حسين الشاكري رحمه الله.