مجموع الأصوات: 31
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1588

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

دولة الخيرات

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ 1، وهي إشارة إلى قيام دولة الإمام المهدي(عج)، التي تحمل ميزة قيادة عباد الله الصالحين لشؤون العالم، ولهذه الدولة مع قياداتها مميزات الخير والعدالة والتقوى ورفع الظلم وغيرها ما يعمُّ البشرية، وينشر السعادة بين الناس، ويحقق الطمأنينة للعباد. إننا جميعاً بانتظار هذه الخيرات ومنها:‏

1- القسط: "التاسع من ولد الحسين بن علي(ع) وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الركن والمقام، فيطهر الأرض، ويضع الميزان بالقسط، فلا يظلم أحد أحداً" 2، فإذا عمَّ العدل، وحصل كل فرد من الناس على حقه، وارتفع الظلم بين العباد، وأثبت الحاكم جدارته في أن يرعى دولة العدل، فإنَّ هذا النموذج ينسجم تماماً مع إنسانية الإنسان، ويحقق متطلبات فطرته، ويريح البشرية الظامئة إلى الحق. كما يساهم العدل في تعزيز عبادة الناس لربهم بسبب المناخات الإيجابية التي يظللها العدل، قال رسول الله(ص):"أبشروا بالمهدي-قالها ثلاثاً- يخرج على حين اختلاف من الناس ، وزلزالٍ شديد، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملأ قلوب عباده عبادة، ويسعهم عدله" 3.‏

2- العاقبة للمتقين: كل الروايات تؤكد على تعاظم الفساد والانحراف قبل ظهور الإمام المهدي(عج)، وكذلك تحكم الدول بغير ما انزل الله تعالى، وتحارب المؤمنين وتقهرهم وتقتلهم وتسجنهم، فإذا برزت دولة الحق في مرحلة زمنية معينة كما حصل مع النبي سليمان(ع) أو النبي محمد(ص)، فإنَّ مرحلة قيادة الحق محدودة إذا ما قورنت بدول الباطل التي تصل إلى أوجها قبل الظهور، لكنْ مع الظهور فإن النهاية السعيدة والعظيمة ستسود بعد ذلك بشكل شامل على مستوى العالم. عن أبي جعفر(ع):"أيها الناس، أين تذهبون، وأين يُراد بكم، بنا هدى الله أوَّلكم، وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم مُلكٌ معجَّل، فإنَّ لنا ملكاً مؤجلاً، وليس بعد ملكنا ملك، لأنَّا أهل العاقبة، يقول الله عزَّ وجل"وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" ‏ 4.‏

3- الأمر الجديد: عندما كان النبي(ص) حاضراً، وكان الأئمة(ع) حاضرين، كان يتعرَّف المؤمنون على أحكامهم الشرعية بطريقة قطعية لأنهم يأخذونها عن المعصوم، ولكن مع غياب الحجة المعصوم(عج)، حلَّ المراجع والعلماء مكان المعصومين في تحديد التكاليف الشرعية للناس، وحيث يعتمدون في استنباطهم للأحكام الشرعية على علمهم وما يفهمونه من النصوص، فإنَّ بعض الأحكام ظنية وليست قطعية، وتكثر في بعض الحالات الاحتياطات خوفاً من عدم احراز التكليف الشرعي، ومع هذا فالتكليف يسقط بالتزام المكلَّف بما قاله مرجع التقليد، وكذلك يُعتبر المرجع معذوراً ومأجوراً في ما وصل إليه اجتهاده لأنه بذل ما في وسعه لاستنباط الحكم الشرعي. لكن مع ظهور الإمام الحجة(عج) فلا ظنٌّ ولا احتياط لاحراز التكليف، بل احكامٌ قطعية واضحة في حدود الواجب والمحرم، من هنا سيجد المؤمنون أحكاماً لم يعملوا بها أو لم يتوقعوها، وهي بالتالي جديدة عليهم.‏

عندما سئل الإمام الصادق(ع) عن سيرة الإمام المهدي(عج)، قال:"يصنع كما صنع رسول الله(ص)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله(ص) أمر الجاهلية، ويستأنف الإسلام جديداً" 5. وعنه أيضاً:"إذا قام القائم(عج) جاء بأمر جديد، كما دعا رسول الله(ص) في بدو الإسلام إلى أمر جديد" ‏ 6، وهنا الجديد في مقابل ما اعتاد الناس عليه من بعض الأحكام، التي تصدر قطعية عن المعصوم، وهي الإسلام بعينه كما جاء به رسول الله(ص).‏

4- الخيرات: موارد الخيرات متعددة، فهي من الإمام المهدي(عج) هناء،‏ قال رسول الله(ص):"يكون عند انقطاع من الزمان، وظهورٍ من الفتن، رجلٌ يُقال له: المهدي(عج)، يكون عطاؤه هنيئاً" 7.‏

ومن عدله أمانٌ وعدل وحكمٌ بشرع الله، قال الإمام الكاظم(ع):"إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، وردَّ كل حق إلى أهله" 8.‏

ومن السماء والأرض بركاتٌ من الماء والنبات والكنوز والبر: قال أمير المؤمنين علي(ع):"ولو قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا على النبات، وعلى رأسها زينتها، لا يهيجها سبعٌ تخافه، ولم يبق أهل دين حتى يُظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله تعالى يقول:" وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ". وحكم بين الناس بحكم داوود(ع) وحكم محمد(ص)، فحينئذ تُظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها، فلا يجد الرجل منكم يؤمئذ موضعاً لصدقته ولا لبرِّه"9 10.‏

الهوامش:‏

1- سورة الأنبياء، الآية: 105.‏

 

 

 

 

  • 1. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 105، الصفحة: 331.
  • 2. الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص:78.‏
  • 3. الشيخ الصافي، مجموعة الرسائل، ج2، ص:300.
  • 4. الشيخ الكليني، الكافي،ج1،ص:471.
  • 5. النعماني، كتاب الغيبة، ص:231.‏
  • 6. الشيخ المفيد،الارشاد،ج2،ص:384.
  • 7. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج51،ص:82.‏
  • 8. المصدر نفسه،ج10،ص:104.‏
  • 9. الشيخ المفيد، الارشاد،ج2،ص:384.‏
  • 10. المصدر : موقع سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله.