مجموع الأصوات: 29
نشر قبل سنتان
القراءات: 1948

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما هی مراحل ربوبیة الله؟

الجواب الاجمالي

أنّ إبراهیم (علیه السلام) من أجلِ أن یبیّن مراحل الربوبية یمضی نحو خالقیّة الله أولا، ثمّ یبیّن بجلاء مقام ربوبیته فی جمیع المراحل:
فالمرحلة الاُولى مرحلة الهدایة.
ثمّ مرحلة النعم المادیّة، وهی أعمّ من إیجاد المقتضی والظروف الملائمة أو دفع الموانع...
والمرحلة الأخیرة هی مرحلة الحیاة الدائمة فی الدار الاُخرى، فهناک یتجلَّى وجه الرب بالهبات والصفح عن الذنوب ومغفرتها!

الجواب التفصيلي

جاء جواب هذا السؤال فی الآیات 77ـ82 من سورة «الشعراء». وقد تعرض نبی الله ابراهیم (علیه السلام) فی هذه الآیات الى توصیف خالق الکائنات، وذکر نعم الله المعنویة والمادیة، حیث بدء بذکر نعمتا الخلق والهدایة، ویقول:﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ 1 وهو قد هدانی فی عالم التکوین، ووفر لی وسائل الحیاة المادیة والمعنویة، کما هدانی فی عالم التشریع فأوحى إلیّ وأرسل إلیّ الکتاب السماوی.
وذکر «الفاء» بعد نعمة الخلق، هو إشارة إلى أنّ الهدایة لا تنفصل عن الخلق أبداً، وجملة﴿ ... يَهْدِينِ 1 الواردة بصیغة الفعل المضارع، دلیل واضح على استمرار هدایته، وحاجة الإنسان إلیه فی جمیع مراحل عمره!
فکأن أبراهیم فی کلامه هذا یرید أن یبیّن هذه الحقیقة، وهی إنّنی کنت مع الله منذ أن خلقنی، ومعه فی جمیع الأحوال، وأشعر بحضوره فی حیاتی، فهو ولیی حیث ما کنت ویقلبنی حیثما شاء!.

وبعد بیان أولى مراحل الربوبیة، وهی الهدایة بعد الخلق، یذکر إبراهیم الخلیل(علیه السلام) النعم المادیة فیقول:﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ 2 .
أجلْ، إنّنی أرى النعم جمیعاً من لطفه، فلحمی وجلدی وطعامی وشرابی، کل ذلک من برکاته!...
ولست مشمولا بنعمة فی حال الصحةِ فقط، بل فی کل حال ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ 3.
ومع أنّ المرض أیضاً قد یکون من الله، إلاّ أنّ إبراهیم نسبه إلى نفسه رعایة للأدب فی الکلام.
ثمّ یتجاوز مرحلة الحیاة الدنیا إلى مرحلة أوسع منها... إلى الحیاة الدائمة فی الدار الآخرة، لیکشف أنّه على مائدة الله حیثما کان، لا فی الدنیا فحسب، بل فی الآخرة أیضاً. فیقول:﴿ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴾ 4.
أجل، إنّ موتی بیده وعودتی إلى الحیاة مرّة اُخرى منه أیضاً.
وحین أرِدُ عرصات یوم القیامة اعلقّ حبل رجائی على کرمه:﴿ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ 5.
وممّا لا شک فیه أنّ الأنبیاء معصومون من الذنب، ولیس علیهم وزر کی یُغفر لهم... إلاّ أنّه ـ کما قلنا سابقاً ـ قد تعدّ حسنات الأبرار سیئات المقرّبین أحیاناً، وقد یستغفرون أحیاناً من عمل صالح لأنّهم ترکوا خیراً منه... فیقال عندئذ فی حق أحدهم: تَرکَ الأَولى.
فإبراهیم (علیه السلام) لا یعوّل على أعماله الصالحة، فهی لا شیء بإزاء کرم الله، ولا تُقاس بنعم الله المتواترة، بل یعوّل على لطف الله فحسب، وهذه هی آخر مرحلة من مراحل الإنقطاع إلى الله!

وملخّص الکلام أنّ إبراهیم (علیه السلام) من أجلِ أن یبیّن المعبود الحقیقی یمضی نحو خالقیّة الله أولا، ثمّ یبیّن بجلاء مقام ربوبیته فی جمیع المراحل:
فالمرحلة الاُولى مرحلة الهدایة.
ثمّ مرحلة النعم المادیّة، وهی أعمّ من إیجاد المقتضی والظروف الملائمة أو دفع الموانع...
والمرحلة الأخیرة هی مرحلة الحیاة الدائمة فی الدار الاُخرى، فهناک یتجلَّى وجه الرب بالهبات والصفح عن الذنوب ومغفرتها!
وهکذا یبطل إبراهیم الخرافات التی کانت فی قومه، من تعدد الآلهة والأرباب وینحنی خضوعاً للخالق العظیم 6.