الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

موقف الزهراء (ع) هو الفيصل

في الأحداث التاريخية يلعب العقل دورا كبيرا في استخلاص النتائج والاعتبار بها والاستفادة منها ومن ثم الانطلاق لتحديد موقف معين تجاه تلك الأحداث.

والتاريخ الإسلامي كتاب الثقافة الذي حفظ لنا تراثا ضخما ، ما زالت الأمة تعيش على معينه .. وطوال تاريخ أمتنا الإسلامية مرت أحداث عظام مثلت منحى لهذه الحضارة التي قامت أسسها على تعاليم الوحي بشقيه القرآن والسنة. وبما أن التاريخ ثبت لنا مجموعة من الأحداث يجب علينا نحن اليوم النظر فيها بعين الإنصاف ، كما يجب علينا التعقل لنستخلص منها عبرا تعيننا لتحديد اتجاه السير الصحيح خصوصا وأن الأمة وبعد وفاة النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهدت اختلافا كبيرا امتدت آثاره إلى يومنا هذا.

وقضية الزهراء (ع) ومأساتها لم تكن لتنفك عن أمر الرسالة الإسلامية ، وموقف الزهراء (ع) لا يمكن أن يمر عليه العاقل المهتم بأمر الإسلام مرور الغافلين ، بل لا بد من التوقف عنده والسؤال ، هل كان موقف فاطمة (ع) يعني شيئا في مسيرة تحديد هويات الاتجاهات المختلفة؟ ذلك ما سنعرفه الآن ، ولكن هناك مقدمة ضرورية قبل الإجابة على هذا السؤال وهي :

نحن في تحديدنا للمواقف المتعددة يجب وقبل كلشيء معرفة صاحب الموقف معرفة تامة لأن ذلك يعيننا لتشخيص وتحليل الموقف تماما وهذاشيء طبيعي وعقلائي ، فمثلا عندما يقف الرسول موقفا معاديا لشخص آخر فإننا تلقائيا ندين الطرف الآخر الذي وقف منه الرسول موقفا عدائيا لأننا على يقين بأن الرسول هو المقياس للفصل بين الحق والباطل وبالتالي إذا وقف في وجه شخص آخر فذلك الشخص على خطأ لا يحتاج منا إلى بيان ولكن هذا احتاج منا إلى مقدمات تجاوزناها سلفا وهي عصمة الرسول وحجية قوله وفعله وتقريره وهذه الحجية لا تكون إلا إذا كان قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفعله وتقريره حقا ولا يمكن أن يكون بحال من الأحوال باطلا لأن القول بخطأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستلزم الطعن في القرآن الذي أمر بطاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون قيد أو شرط ، بل ليس الطاعة فقط وعدم المخالفة إنما عدم الحرج في قضائه ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ 1 من هذه الخلفية نكون على اطمئنان بكل موقف يقفه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أن معرفتنا للشخصية تجعلنا نقيم الأحداث بشكل سليم بأفضل ما يكون.

والزهراء (ع) رفضت أن تبايع الخليفة .. وعارضته بأشد ما يكون وتركت آثار معارضتها إلى الآن إذ أنها أمرت بدفنها ليلا وسرا (ولم يكشف عن مكان قبرها إلى الآن) ، فما مدى تأثير هذا الموقف الذي جوبه بأشد أنواع العنف ، في سير الرسالة وما مدى حجيته علينا نحن المسلمين اليوم. وإن ذلك يستدعي التعرف على شخصية الزهراء بصورة تفصيلية خصوصا فيما يختص بالحجية « يعني هل فعلها حجة لها أم عليها » وذلك من الناحية التشريعية وإلا قد مر عليك فضائل الزهراء ومناقبها 2.

 

 

  • 1. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 65، الصفحة: 88.
  • 2. المصدر: كتاب بنور فاطمة اهتديت للسيد عبد المنعم حسن السوداني حفظه الله.